مخاوف من خطورة تلوث الأغذية في لبنان

على الرغم من أنَّ لبنان تشتهر بتفوقها في عالم الطهي، إلا أن بعض أنواع البكتيريا الغذائية الضارة ـ الأكثر شيوعًا ـ وصلت إلى مستويات خطرة في البلاد، وذلك طبقاً لدراسة علمية حديثة. تُظْهِر هذه الأنواع البكتيرية المسببة للأمراض أيضًا مقاومة للمضادات الحيوية التي توصف غالبًا في مثل هذه الظروف.

يقول الباحث الرئيسي في هذه الدراسة، رابح كامله، الخبير البيئي بالجامعة الأمريكية في بيروت (AUB): "أخذنا عينات [من اللحوم ومنتجات الألبان] من مناطق ريفية في لبنان، كالبقاع، والشمال والجنوب اللبنانيين."

وأضاف كامله قائلاً: "كانت النتائج سيئة حقاً، فالأطعمة ملوثة بكائنات حية مجهرية مختلفة، تسبب الإصابة بأمراض، مثل السالمونيلا، والليستيريا، والإيشيريشيا كولاي."

وكانت نتائج الدراسة قد أظهرت احتواء الأغذية على مستويات بكتيرية أعلى بكثير من المعدلات المقبولة التي وضعتها وكالة المعايير الغذائية في المملكة المتحدة.

يتبع بحث رابح كامله ضجة شعبية عارمة في المجتمع اللبناني، منذ عدة شهور مضت، بعد العثور على كميات كبيرة من اللحوم المستوردة الفاسدة في بعضٍ من كبرى المطاعم والاسواق الكبيرة في بيروت.

وكان كامله قد أعلن نتائج دراسته في أثناء نقاش عام مع وزير الزراعة اللبناني حسين حسن بمنطقة البقاع، حول القوانين الوطنية المقترحة لضمان سلامة الغذاء. وأوضح الوزير ـ الذي يختلف مع تقييم كامله في دراسته بأن مصدر هذه المشكلة الصحية هي اللوائح المنظِّمة لعمليتي استيراد الأغذية، والإنتاج المحلي منها - إنه يعارض مقترحات استصدار قوانين جديدة؛ بسبب صعوبة وضعها موضع التنفيذ.

قانونٌ مُعَطَّل

وأضاف وزير الزراعة قائلاً: "إنَّ وزارة الزراعة لا تستطيع تطبيق القانون الجديد، لأنها تعاني من وجود شواغر وظيفية في 80% من الأماكن التي يمكن أن تستوعب موظفين." كما قال إنه "لا يوجد مهندسون زراعيون، ولا أطباء بيطريون، ولا مساعدون تقنيون، أو مهندسون بيوكيميائيون."

وقد قُدِّمَت اقتراحات باستصدار قوانين تتعلق بصحة الغذاء إلى الحكومة اللبنانية للمرة الأولى في عام 2005 من قبل فريق من الباحثين، بعد 3 سنوات من الدراسة، لكن هذه القوانين تعطّل استصدارها، بسبب اندلاع الحرب مع إسرائيل في عام 2006.

في ذات العام، نشر ستيف هاراكيه، الباحث الميكروبيولوجي بالجامعة الأمريكية في بيروت دراسة أظهرت أن 100% من عينات اللحوم في لبنان بها أنواع بكتيرية مقاوِمَة للمضادات الحيوية شائعة الاستخدام، مثل الأوكساسيلين، والكلينداميسين، وأن 42% منها كانت تقاوم تريميثوبريم- سلفاميثوكسازول.

ونشر هاراكيه دراسة أخرى ـ في بداية هذا العام ـ في "المجلة العربية الدولية للعوامل المضادة للميكروبات"، تفيد بأنه وجد أن العديد من منتجات الألبان تحتوي على بكتيريا يرسينيا القولون، وأنها شديدة المقاومة للمضادات الميكروبية.

وهناك دراسات مبدئية قام بها كامله هذا العام، تُظْهِر مقاومة مماثلة للمضادات الحيوية في اللحوم، ومعدلات عالية من الإيشيريشيا كولاي، والليستيريا في عينات الجبن، 66% و 26.6% على التوالي.

تقول مي جُردي، البروفيسورة بالجامعة الأمريكية فى بيروت إن "القانون المقترح قائم على البراهين العلمية الحديثة. ولذلك.. نحن لا نريد لهذا القانون أن يعدَّل حسبما يريد الوزراء." وكانت جُردي قد ساعدت في صياغة القانون عام 2005. ودرست جُردي تأثير التلوث في نهر الليطاني في جنوب لبنان على إمدادات الغذاء في هذا الإقليم. وتؤكد جُردي على وجهة نظرها بقولها: "نحن نريد التوصل إلى نهج شامل؛ لضمان سلامة الغذاء في هذا البلد."

اشترك للحصول على النشرة الإلكترونية المحدّثة كل أسبوعين لكي تبقى على اطلاع بكافة المستجدات على الموقع.