تكنولوجيا التنقيب تحت الطبقات السطحية التي استخدمت في المريخ تجلب آمالا جديدة لتوصيف أفضل للمياه الجوفية في صحارى الشرق الأوسط القاحلة.
حازم ذهني
يوجّه عصام حجي، العالم في وكالة الفضاء الأمريكية NASA، تكنولوجيا السبر بالرادار التي تم تطويرها للبحث عن المياه في المريخ نحو الأرض، في محاولة منه لرسم خريطة للمياه الجوفية الصحراوية ورصد التغيرات التي يمكن للتبدلات المناخية أن تحدثها عليها.
ويقول حجي: "هناك حاجة ملحة لإجراء قياسات واسعة النطاق على السطح وتحت السطح مماثلة لتلك التي يجري تنفيذها في منطقة القطبين الشمالي والجنوبي باستخدام أجهزة رادار السبر وغيرها من التقنيات".
في عام 2011، قام حجي، الذي يتمركز عمله في مختبر الدفع النفّاث (JPL) في ناسا في باسادينا، كاليفورنيا، بقيادة فريق دولي لسبر صحراء الكويت بحثا عن المياه الجوفية العذبة باستخدام رادار سبر منخفض التردد، وهو نظام كشف بالرادار يمكنه أن يصل إلى طبقات عميقة في اختراقه لسطح الكوكب.
بربط الرادار السابر ذي التردد المنخفض البالغ 40 ميجا هرتز بطائرة هليكوبتر، أجرى حجي مسحا للصحراء الجوفية على أعماق تصل إلى 65 مترا. وقد وجد مع فريقه موضعين أحفوريين للمياه الجوفية، ورسموا مواضع التدفق المختلفة الواردة إليها والصادرة عنها.. ثم قام الفريق بإعداد خرائط للمياه الجوفية أعلى دقة من أي نظام حتى الآن.
ويستعدّ حجي حاليا للقيام بمهمته القادمة، وهي تغطية أكبر قسم ممكن من أنظمة المياه الجوفية في المنطقة. كما يخطط فريقه لوضع مفهوم "المهمة المدارية" الذي سيحاول استكشاف ورصد طبقات المياه الجوفية في المناطق الصحراوية الأكثر جفافا على سطح الأرض في صحراء شمال أفريقيا والخليج الفارسي.
ويضيف حجي: "إذا نجحت المهمة فسنتمكن من فهم ديناميات طبقات المياه الجوفية بوضوح شديد وعلى نطاق واسع، وستحدث ثورة في طريقة فهمنا لهذه الأجسام المائية الأحفورية"،.. عند رسم خرائط ديناميات المياه الجوفية في المنطقة فإن حجي يأمل أن نتمكن من فهم أفضل لكيفية تأثيرالتغيرات المناخية العالمية على المناطق القاحلة جدا، والتي تشكل 10٪ من سطح الأرض.
ويعمل حجي أيضا على العديد من مشاريع الرادار الكوكبية الأخرى التي تهدف لاستكشاف المريخ والقمر والمذنبات والكويكبات والأقمار الجليدية في النظام الشمسي، ويقول شارحا: "هناك الكثير مما يمكننا تعلمه من علم الكواكب المقارن حول هذه الظواهر".
وقد بُني البحث الذي أجري في الكويت على عمل سابق كان قد بدأ في عام 1999 في الصحراء الغربية بمصر في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، واستخدمت مختبرات الدفع النفاث JPL رادار مكوك الفضاء ذي الفتحة التركيبية لتحديد مواقع شبكات الصرف القريبة من سطح الأرض والتي تشير إلى أن الصحراء كان فيها نشاط مائي وفير على سطحها منذ آلاف السنين.
العثرات
لا يمكننا حل مشكلة لا نفهم ماهيتها
على أي حال، فغالبا ما لا يكون هذا النوع من البحوث التعاونية مع الدول العربية سهلا.
يقول حجي: "تبرز المشكلة في الغالب من التصورات الخاطئة عن قيمة الشراكة، ومن التوقعات غير الواقعية، ومن توافر الموارد اللازمة لتطبيق العلم"، إلا أنه يشير إلى أن هذه التحديات يمكن أن تحدث في كثير من الأحيان من طرفي الشراكة على حد سواء، وليس بين الدول العربية فقط.
ويتابع حجي متعجبا: "في حين أنه من الرائع أن نرى أن اكتشاف المياه على سطح المريخ إنجاز عالي الأهمية، فإن توصيف أماكن وجود المياه في مناطق الأرض القاحلة جدا يبقى برنامجا خيريا يجري على هامش التقدم العلمي والتكنولوجي" ،بالرغم من أنه يأمل أن يتمكن فريقه من معالجة هذا العجز عن طريق تطبيق التقنيات الحديثة والمتقدمة لاستكشاف واحدة من آخر الجبهات على هذا الكوكب.
ويعتقد حجي أيضا أن فهم خصائص هذه المياه الجوفية سيكون أمرا أساسيا للتكيف مع نتائج تغير المناخ في المنطقة، فيقول: "لا يمكننا حل مشكلة لا نفهم ماهيتها، وهذا هو السبب في اعتقادي بأن نجاح المجتمع كان محدودا في معالجة موجات الجفاف التي اجتاحت أفريقيا في العقود الماضية".
تواصل معنا: