حدد العلماء طفرة جينية تسبب إعاقة فكرية ونوبات صرع وترَنُّحًا.. قد تتمكن من المساعدة على تحسين العلاج الشخصي للسرطان.
سارة عثمان
قد يكون اكتشاف طفرة في مسار جيني مسهمًا في إصلاح الحمض النووي (DNA)،
مساعدًا للأطباء على تحسين علاج السرطان الشخصي وتقليل الآثار الجانبية
للعلاج.
"هذا مثال ممتاز لأهمية الجينوميات الدوائية والطب الشخصي. يمكننا
إنقاذ الأرواح من خلال معرفة التكوين الوراثي للمرضى قبل إعطاء العلاج"،
وفق شريف الخميسي، من مركز علوم الجينوم في مدينة زويل للعلوم
والتكنولوجيا، مصر، الذي شارك في قيادة الدراسة التي نُشرت في Nature Genetics1.
عند انفكاك تشابك حلزّ الـDNA المزدوج أو أجزاء منه، يتراكم توتّر
الالتواء، الذي يخفّ بواسطة إنزيم توبويزوميرازII (TOP2) الذي يسبب
انقطاعات مؤقتة في كل من فرعي حلزّ الـDNA. ولكن في بعض الأحيان، تفشل هذه
الانقطاعات في الالتحام من جديد، مما يؤدي إلى تلف الـDNA. يمكن إصلاح مثل
هذه الأعطال عن طريق إنزيم مختلف، تيروزيل DNA فسفودايستراز-2 (TDP2)2.
تمكّن فريق يشارك الخميسي في قيادته من تحديد TDP2
عام 2009، وتوقّعوا أيضًا أن يكون الإنزيم أساسيًّا للحفاظ على التكامل
الوراثي في الأنسجة العصبية. "وكان من المتوقع أيضًا أن يصاب مرضى السرطان
الذين يخضعون للعلاج المستند إلى إنزيم التوبو [العلاج الذي يقتل خلايا
السرطان عن طريق تعزيز النشاط الضالّ لـ TOP2] بآثار جانبية سامة شديدة إذا
لم يكن لديهم TDP2، الإنزيم الذي يُصلِح هذا النوع من الانقطاعات"، وفق
تفسيره.
وبمراقبة المرضى الذين يخضعون لعلاج التوبو، والذين يبدون ردود فعل
مفرطة، تمكن الفريق من تحديد طفرة تؤدي إلى TDP2 مقطوع وإصابة أشقاء المرضى
بخلل فكري. وقاموا بإجراء مسح جينومي منفصل على عدة أجيال من عائلة
أيرلندية تربطها صلات قربى قريبة، ظهرت لدى ثلاثة أشقاء فيها إعاقة حركية
وصرع وتخلف عقلي، بغرض تحديد الطفرات المحتملة. وجدوا طفرة متماثلة اللواقح
(موجودة في كلتا النسختين) من جين TDP2 تسبب إعدادًا خطأً لـmRNA الذي يرمّز TDP2، مما أدى إلى ظهور بروتين مقتطع تنقصه المجالات الأساسية لأداء وظيفته الصحيحة.
من أجل الفهم الدقيق لكيفية تأثير فقد الـTDP2 الفعّال على الوظائف
العصبية، استخدم الباحثون نموذجًا خلويًّا يمكن فيه تحفيز التعبير عن
مجموعة معيّنة من الجينات كيميائيًّا. وعمدوا إلى إنقاص التعبير عن TDP2 في
هذه الخلايا، ثم حفّزوا نسخ الـDNA كيميائيًّا. فلاحظوا انخفاضًا ملحوظًا
في نَسْخ الخلايا المعالجة مقارنة بالضوابط. يشير الانخفاض إلى أن الـTPD2
الطافرة تسبب خللاً وظيفيًّا عصبيًّا عن طريق تعطيل نسخ الجينات المسؤولة
عن تطوير الخلايا العصبية والحفاظ عليها.
يقول الخميسي إن هذه النتائج يمكنها توجيه الممارسة السريرية لتحسين
علاج السرطان. "يجب أن نغيّر ممارسات الرعاية الصحية، وأن نصنّف المرضى
الذين يخضعون للعلاج المستند إلى التوبو بناءً على معدّلات TDP1 وTDP2،
وهذا أمر شديد الأهمية لتجنب الآثار الجانبية السامة غير الضرورية وتضخيم
النتائج العلاجية".
ترى نورتان عبد التواب -المختصة بالميكروبيولوجيا في جامعة القاهرة- أن
النتائج مهمة. "آمل بوجود أدلة كهذا المقال، أن يبدأ الأطباء والصيادلة
الإكلينيكيون والمرضى -والأهم من كل أولئك الجهات الممولة- في تفهّم الحاجة
لتطبيق الجينوميات الدوائية على نطاق أوسع".
doi:10.1038/nmiddleeast.2014.113
Gómez-Herreros, F. et al. TDP2 protects transcription from abortive topoisomerase activity and is required for normal neural function. Nature Genetics (2014) doi:10.1038/ng.2929
Ledesma, F.C. , El Khamisy, S.F. et al. A human 5′-tyrosyl DNA phosphodiesterase that repairs topoisomerase-mediated DNA damage. Nature (2009) doi:10.1038/nature08444
تواصل معنا: