تتراجع نوعية الهواء بشدة في الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية في مواسم الحج، معرّضة الحجيج لغازات ضارة.
ياسمين باسكال خليل
أظهرت دراسة جديدة أن الحجاج الذين يزورون الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية -ومن ضمنها مكة المكرمة- معرضون لنسبة مرتفعة من تلوث الهواء، مع العثور على مستويات مرتفعة لمُشعِر احتراق أول أكسيد الكربون (CO) والمركبات العضوية المتطايرة في العينات.
أُخِذت عدة عينات من الهواء خلال دقيقة واحدة من مكة المكرمة وطريق الحج المركزية، التي تمتد إلى مِنى وعرفات ومزدلفة خلال موسم الحج الرئيسي– أكبر تجمع سنوي للمسلمين في العالم. وقد كشفت تلك العينات عن مستويات مرتفعة من أول أكسيد الكربون تصل لأكثر من 57 جزءًا حجميًّا في المليون (ppmv) -متجاوزة معدل التركيز الأقصى الذي تعتبره وكالة حماية البيئة الأمريكية(US EPA) مقبولًا.
بدأت الدراسة التي أجراها فريق من جامعة كاليفورنيا في إيرفاين (UC Irvine)، خلال موسم الحج في عام 2012 بإجراء مسح يركّز على دراسة قياس غاز ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأول أكسيد الكربون، و96 نوعًا جديدًا من المركبات العضوية المتطايرة التي تحتوي من 1 إلى 10 ذرات كربون. وكشفت الدراسة أن المصدر الرئيسي للمركبات العضوية المتطايرة كان عوادم المركبات وتبخر البترول.
يقضي الحجاج وقتًا كبيرًا في أنفاق الطرق الرئيسية، مثل أنفاق السوق الصغير- العزيزية ، خلال موسم الحج وشهر رمضان، ويصل بوجود الاختناقات المرورية لمدة تقارب الساعة. ويعاني نفق السوق الصغير بشكل خاص من الازدحام؛ نظرًا لأنه يؤدي إلى المسجد الحرام.
وقد اتضح أن عينات الهواء المأخوذة من الأنفاق هي الأكثر تلوثًا، وفقًا للمسح. فقد احتوت عينة نفق السوق الصغير على أكثر من 1200 جزء حجمي من المليار(ppbv) من i-pentane، كاشف تبخر البنزين. وجرى قياس أعلى معدل مسجل لأول أكسيد الكربون على الإطلاق (57,400 جزء حجمي من المليار) من قبل مجموعة الأبحاث في هذا النفق. وبالمثل، جرى قياس أعلى معدل مسجل من البنزين أيضًا (158 جزءًا حجميًّا من المليار)، متجاوزًا المعيار النوعي القياسي للهواء خلال ساعة واحدة، والبالغ 9 أجزاء حجمية من المليار.
ومن المتوقع توسيع نطاق أخذ العينات في الدراسات المستقبلية. "[إلى جانب] القياسات المجراة في جميع أنحاء منطقة مكة المكرمة، نأمل أن نُدخِل استقصاءات أكثر تفصيلا على الأنفاق؛ بغرض الحصول على فكرة أفضل عما يستنشقه الحجاج في هذه المناطق الأشد كثافة"، استنادًا إلى قول إيزوبيل سيمبسُن، الباحثة في جامعة كاليفورنيا في إيرفين. "ستساعدنا عمليات المسح المستمرة أيضًا على فهم كيف تتغير نوعية الهواء في مكة مع مرور الوقت".
وفي الوقت نفسه، تعمل حكومة المملكة العربية السعودية فعلا على حلّ المشكلة، وفقًا لتقرير في صحيفة عرب نيوز السعودية. وقال صالح العلياني -المتحدث باسم الدفاع المدني- للصحيفة: إنهم يعملون على تحسين التهوية وضبط انبعاثات الكربون من عوادم السيارات داخل الأنفاق.
"نود أن ننسّق مع المجموعات التي تقيس ملوثات الهواء التكميلية، مثل أكسيد النيتروجين، من أجل الحصول على تقييم أكثر اكتمالا عن تلوث الهواء في مكة المكرمة؛ فهذا بدوره سيسمح لنا أن نفهم بطريقة أفضل تشكيل الملوثات الضارة الأخرى مثل الأوزون الأرضي أو الأوزون السيئ"، تتابع سيمبسُن.
يقول الباحث طاهر حسين -من جامعة ميموريَل في نيوفاوندلاند، الذي لم يكن مشاركًا في الدراسة-: "إن هذا البحث يمثل بداية جيدة، ولكن كان على الباحثين جمع بيانات عن الجسيمات الدقيقة أيضا"، ويتابع: "الجسيمات الدقيقة، وخاصة تلك التي تقل عن 2.5 ميكرون، ضارة جدا بالصحة، وهي ذات صلة مباشرة بالعديد من الأمراض المتعلقة بالجهاز التنفسي والقلب".
تواصل معنا: