السنكروترون التعاوني للشرق الأوسط، SESAME، أصبح أول مختبر معجّل في العالم يستمد طاقته من الشمس.
كريستوفر جيمس كنت
كان سنكروترون الشرق الأوسط متعدد الجنسيات، سيزامي SESAME، فكرةً طموحة. بتمويل من قائمة غير متوقعة من البلدان، بعضها محدود الميزانية العلمية، وبعضها الآخر يحفل تاريخه بالصراع المتبادل، تغلَّب المختبر -الذي يتخذ من الأردن مقرًّا له- على العديد من العقبات. يتذكر خالد طوقان -مدير SESAME- الشكوك التي واجهها المشروع في أيامه الأولى، ومن ضمنها سؤالٌ طرحه حائزٌ لجائزة نوبل: "متى ستعلن عن وفاة SESAME؟".
على الرغم من الشك، أضاف SESAME للتو عاملًا آخر للفخر الإقليمي، ليصبح أول منشأة معجّل كبيرة في العالم تلبَّى تكاليف طاقته بالكامل من الطاقة الشمسية.
إن افتتاح محطة الطاقة الشمسية الفولتية الضوئية التي تنتج 6.48 ميجاوات التابعة لـSESAME مسألةٌ تتعلق بالاهتمام البيئي و بالاستمرارية، كما يقول إيكران ألب، رئيس المجلس الاستشاري العلمي في SESAME. "وهو بالفعل جِدّ لطيف؛ لأننا كنا نواجه أزمة مالية! ففاتورة الكهرباء في الأردن واحدة من أكثر فواتير الكهرباء ارتفاعًا في العالم"، وفق قوله. في عام 2018، رصدت SESAME أكثر من مليوني دولار أمريكي لتكاليف الكهرباء وحدها، وهو رقم كان سيرتفع دون شك مع توسيع المرفق في المستقبل.
تعدّ السنكروترونات مرافق متعطشة للطاقة، مهمتها تسريع الجسيمات المشحونة حول حجرة فراغية على شكل حلقة، باستخدام مغناطيسات لتركيز وحرف مسار الجسيمات. عندما يحدث هذا، ينبعث ضوء السنكروترون ويُوَجَّه نحو خطوط حزمة الأشعة - حجرات تركز أطوال موجات مختلفة من الضوء على عينة لدراستها. تسمح السنكروترونات بدراسة متعددة الجوانب للمادة على نطاق صغير جدًّا، وتُستخدم في مجموعة واسعة من العلوم.
مادة مسحوبة
SESAME مشروع ناتج عن جهد تعاوني، مُوِّلت عمليات السنكروترون من قِبَل الدول الأعضاء فيه: قبرص ومصر وإيران وإسرائيل والأردن وباكستان والسلطة الفلسطينية وتركيا. تعود جذوره إلى عام 1997، عندما اقترح عالِمان من الولايات المتحدة وألمانيا إعادة مَوْضَعة أجزاء من سنكروترون برلين BESSY I، الذي كان على وشك الإيقاف، بغرض بناء منشأة في الشرق الأوسط. لو لم تُزرَع هذه البذرة، "لكان من الجليّ تمامًا أن SESAME لن يكون موجودًا"، وفق قول السير كريس ليويلين سميث، رئيس مجلس SESAME. في عام 1999، دعت اليونسكو إلى اجتماع حشد الدعم وبدأ المشروع بجدّية. وسيثبت أنه حالة بارزة للتعاون في الشرق الأوسط.
بعد سنوات من التطوير، شغّل السنكروترون أول حزمتين من أشعته في يوليو ونوفمبر 2018، واستضاف 23 مجموعة بحث حتى الآن. ولكن الآن فقط ، وصلت مرحلة التشغيل في SESAME بالفعل إلى إيقاع خطواتها. يقول طوقان إنهم يقيّمون مزايا 103 مقترحات بحثية مقدمة من قِبَل الدول الأعضاء وغير الأعضاء. أما المشاريع الحالية فتتراوح بين الدراسات ومهابط البطارية، إلى مرض ألزهايمر، والمخطوطات القديمة.
ربما تكون دراسات التراث الثقافي في مشغولات الشرق الأوسط اليدوية هي المجال الذي ستجد فيه SESAME موئلها. يوفّر موقعها مزايا لوجستيةً وسياسيةً واضحةً للباحثين الذين يحتمل أن يواجهوا بفكرة شحن القطع الأثرية إلى الغرب لتحليلها. "إننا نضع تركيزًا خاصًّا على التراث الثقافي والدراسات الأثرية"، وفقًا لقول ألب.
على الورق، يموّل أعضاء SESAME السنكروترون بحوالي 5.3 ملايين دولار أمريكي. ولكن في الواقع، لا تُدفع كافة مساهمات الدول الأعضاء بكاملها، ولذا يحصل السنكروترون على نحو ثلاثة ملايين من هذا الإجمالي، وفق قول طوقان، مما يبرز الحاجة المُلحَّة إلى مصنع الطاقة الشمسية وما يخففه من الأعباء المالية. ستساعد الأموال الموفَّرة SESAME على بناء حزم أشعة جديدة وزيادة قدرتها البحثية. حزمتا الأشعة الأوليان -وتستخدم إحداهما الأشعة السينية، وتستخدم الأخرى الأشعة تحت الحمراء- بحالة تشغيل حاليًّا، ويقول ألب إنهم يأملون زيادة هذا العدد في النهاية إلى ما مجموعه 16 إلى 20 حزمة أشعة.
يحظى SESAME بتمويل سخي من الاتحاد الأوروبي. من خلال مشروع BEATS الذي تموله منظمة هورايزن 2020 / الاتحاد الأوروبي، سيخصَّص مبلغٌ قدره 6 ملايين يورو لتمويل بناء حزمة أشعة للتصوير المقطعي في SESAME. ويأتي مزيد من الدعم من مؤسسة هلمهولتز Helmholtz الألمانية، التي تعهدت في عام 2018 ببناء جزء من حزمة الأشعة السينية الجديدة في السنكروترون الأردني.
جهود تكللت بالجوائز
يأتي تشغيل محطة SESAME الفوتوفولطية في أعقاب انتصار آخر. ففي 15 فبراير، مَنحت الرابطة الأمريكية لتقدُّم العلوم (AAAS) جائزتَها لدبلوماسية العلوم خمسةً من ’مهندسي SESAME‘، ومن ضمنهم طوقان وليولين سميث، معترفين بأولئك الذين أدوا دورًا محوريًّا في نشأة السنكروترون وإحضارهم للمشاركين معًا في مسعى لتحقيق هدف مشترك. "هذه الجائزة تعني الكثير"، استنادًا إلى قول طوقان. "إنها تعني أننا قد نجحنا على الرغم من الشكوك".
لقد قطع السنكروترون شوطًا طويلًا منذ عام 1997 ، "وفي العديد من الأوقات، لم يكن تحقيقه شديد الوضوح"، وفق قول ليولين سميث. "وفي حقيقة الأمر، ربما كان شخص عقلاني قد سلم بعدم إمكانية تحقيقه". يقول طوقان إن العلامة البارزة الثانية التي واجهها السنكروترون هي نشر أبحاث SESAME في المجلات العلمية الدولية. "يجب أن نرى بعضًا من هذا في الصيف المقبل"، ويتابع: "لقد أزيح عبء كبير، ولكن هناك مسؤولية تقع على عاتق أولئك الذين يشغّلون SESAME، وعلى أعضاء مجلس الإدارة، للمحافظة على استمرار هذا الزخم".
تواصل معنا: