الصدفة تقود باحثين من السعودية لابتكار "آلة مخلب لينة"
نشرت بتاريخ 23 يوليو 2024
تستطيع الآلة الجديدة التحرك في اتجاهات متعددة دون الحاجة إلى أجهزة إضافية باهظة الثمن
محمد منصور
طور باحثون في جامعة الملك عبد الله
للعلوم والتقنية بالسعودية "آلة مخلب" مبتكرة يمكنها انتزاع كرة
وإطلاقها عند تعرُّضها للأبخرة الكيميائية.
تقدم الدراسة -التي نشرتها دورية
"كيم" (Chem)- طريقةً جديدةً تسمح
للمحركات اللينة بأداء مهمات مختلفة دون الحاجة إلى أجهزة أو مواد إضافية باهظة
الثمن.
والمحركات اللينة -الفئة التي تنتمي إليها
الآلة الجديدة- مواد ذكية تعمل على تحويل المحفزات الكيميائية أو الفيزيائية إلى
حركة ميكانيكية تتمتع بمرونة وقدرة كبيرة على التكيف مع الوظائف المختلفة.
وتشهد التكنولوجيات الجديدة تطبيق
المحركات الناعمة في الزراعة الدقيقة، واستكشاف أعماق البحار، والأجهزة القابلة
للارتداء والطباعة، والعضلات الاصطناعية.
ومع ذلك، عادةً ما تقتصر المحركات
الناعمة الحالية على وضعٍ واحدٍ للحركة، مما يقيد تطبيقها في المناطق التي تتطلب درجاتٍ
متعددةً من اتجاهات الحركة لتنفيذ المهمات المعقدة.
يستكشف الباحثون الآن مواد وتصميمات
جديدة لإنشاء مشغلات ذات أوضاع حركة متعددة، بهدف التغلب على قيود التكاليف
المرتفعة وصعوبات التصنيع مع ضمان الموثوقية والمتانة.
ابتكر الباحثون "آلة
المخلب" الدقيقة التي يمكنها التقاط كرة صغيرة وإسقاطها عند تعرُّضها لأبخرة كيميائية
مختلفة تتميز بقدرتها على الانحناء والتمدد اعتمادًا على البخار الذي تتعرض له.
وتقول المؤلفة الرئيسية للدراسة
"نيفين خشاب"،
أستاذ علوم الكيمياء بقسم العلوم والهندسة الفيزيائية في "كاوست":
"إن تلك الدراسة بدأت من اكتشافٍ حدث بالصدفة".
ففي بداية الدراسة، استهدف الباحثون
ابتكار جهاز مرن ومتكيف يتحرك أو يغير شكله عند تعرُّضه للأبخرة الكيميائية
مدفوعًا بالتفاعل بين الهياكل الجزيئية -المصممة خصوصًا، والتي تسمى "مركبات
قفص اليوريا"- والأبخرة الكيميائية.
وتتيح هذه التفاعلات -المعروفة باسم تفاعلات
المضيف والضيف فوق الجزيئي- للجهاز الاستجابة بدقة وكفاءة للمحفزات الكيميائية
المختلفة.
ومركبات قفص اليوريا هياكل جزيئية
تتكون من مجموعات اليوريا مرتبةً في إطار ثلاثي الأبعاد، تمثل هذه الهياكل أقفاصًا
ذات تجاويف يمكنها احتجاز الجزيئات الأخرى والتفاعل معها.
ومجموعات اليوريا -المعروفة بقدرتها
على تكوين روابط هيدروجينية قوية- تزود هذه الأقفاص بخصائص فريدة، مثل الصلابة
العالية والقدرة على الارتباط بشكل انتقائي بجزيئات ضيف معينة، وهذا يجعل مركبات
قفص اليوريا مفيدةً بشكل خاص في التطبيقات التي تتطلب التعرف والتفاعل الجزيئي
الدقيق، كما هو الحال في تطوير المواد سريعة الاستجابة والمحركات الناعمة.
تقول "خشاب" في تصريحات
لـ"نيتشر ميدل إيست": في أثناء تحضير الفيلم المركب وجد الباحثون أنه يُظهر
سلوكًا ميكانيكيًّا معقدًا عند غمره في الأسيتون، وألهمنا هذا الاكتشاف المفاجئ
إنشاء "آلة المخلب" التي يمكنها أداء حركات ميكانيكية معقدة.
واختبر الفريق الآلة باستخدام بخار
الأسيتون، وتمكنت الآلة من إمساك كرة قطنية حمراء وتمددت لإسقاطها في صندوق، وعندما
تعرضت لبخار الإيثانول، أمسكت بالكرة القطنية وأخرجتها من الصندوق.
تضيف "خشاب": مقارنةً بالمحركات
اللينة الموجودة، آلتنا تقوم بحركات ميكانيكية معقدة باستخدام مادة واحدة، ما يتيح
لها تنفيذ حركات الإمساك والإطلاق وإنجاز مهمات متعددة.
وعلى الرغم من أن هذه الدراسة تُعد حاليًّا
إثباتًا للمفهوم، لكن الباحث المشارك في الدراسة "بيريان
لو" يرى أن المحرك الجديد سيلهم التطورات في
تكنولوجيا المواد الذكية عبر التطبيقات المختلفة في الأجهزة الطبية.
يقول "لو": يمكن دمج هذه
التكنولوجيا في الأجهزة القابلة للارتداء، التي تتكيف مع التغيرات الفسيولوجية لمرتديها،
مما يوفر ردود فعل في الوقت الحقيقي حول المقاييس الصحية، وفي الأتمتة الصناعية؛
إذ إن إمكانيات التشغيل المتنوعة لآلة المخلب مثالية للتعامل مع كائنات مختلفة
بأشكال وأحجام وأوزان مختلفة، كما يمكن دمج المشغل الناعم في أجهزة الاستشعار
البيئية التي تكيف شكلها استجابةً للأبخرة الكيميائية، مما يحسِّن دقة أنظمة
المراقبة وموثوقيتها.
تواصل معنا: