باحثون بجامعة نيويورك أبوظبي يستخدمون «تقنية الميكروويف» لتصنيع أغشية ذات هيكل مسامي دقيق لمعالجة المياه
محمد السيد علي
تكتسب
تقنية الأغشية اهتمامًا متزايدًا في مجال الترشيح لقدرتها على فصل المواد من خلال
طبقة رقيقة تُعرف بالغشاء، وتُستخدم بشكل شائع في معالجة المياه وإزالة الشوائب.
وتتفوق
هذه التقنية على طرق الفصل التقليدية بفضل كفاءتها في استهلاك الطاقة، وتبرز أغشية
الإطار العضويّ التساهميّ (COFs) كمواد جديدة واعدة لتصنيع أغشية
ذات هيكل مسامي دقيق، للاستخدام كمرشّحات في الأجهزة المصمّمة لمعالجة المياه
وتنظيفها من الملوّثات.
ومع
ذلك، تواجه هذه الأغشية تحديات تتعلق بسرعة الإنتاج وسهولته، أما تعديل قابلية
سطحها للبلل فيظل أمرًا معقدًا ويحتاج إلى تقنيات أكثر فاعليةً وبساطةً لتحقيق
الاستخدام الصناعي الواسع.
وفي
هذا الإطار، طوّر باحثون بجامعة نيويورك أبوظبي نهجًا جديدًا يستخدم تقنيّة
الميكروويف، لتسهيل تصنيع أغشية الإطار العضوي التساهمي وضبطها.
وأوضح
الباحثون في دراسة نشرتها دورية
"الجمعية الكيميائية الأمريكية" (Journal of the American
ChemicalSociety)
أن تصنيع الغشاء يستغرق بضع دقائق، ما يجعل النهج الجديد أحد أسرع الطرق لإنشاء
تلك الأغشية.
ولهذا
النوع الجديد من الأغشية وجهان، أحدهما يستقطب الماء إلى درجة عالية والآخر شبه
طارد للماء، فيُستخدم في المرشِّحات لإزالة الملوِّثات مثل الزيوت والأصباغ من
الماء بكفاءة، كما أن هذه الأغشية لها خاصية مكافحة البكتيريا، وهي صفة تساهم في
عمل المرشحات واستدامتها على المدى الطويل.
يقول
علي طرابلسي، أستاذ الكيمياء والباحث الرئيسيّ المشارك بمركز أبحاث المياه بجامعة
نيويورك أبوظبي: "تمثل تقنيتنا قفزةً نوعيةً في تصنيع أغشية الإطار العضويّ
التساهميّ؛ إذ تسهم في تبسيط عملية الإنتاج وزيادة كفاءة الأغشية، ما يوفر حلولًا واعدةً
لتحديات تنقية المياه العالمية".
يضيف
"طرابلسي" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تقدم تطبيقات هذه
الأغشية في أنظمة تنقية المياه فوائد بيئية واقتصادية عديدة، بيئيًّا، يقلل التدفق
العالي ومقاومة التلوث من الحاجة إلى الصيانة المتكررة والتنظيف الكيميائي، ما
يخفف من استخدام المواد الكيميائية الضارة ويطيل عمر الأغشية.
واقتصاديًّا،
تعزز قدرة الأغشية على تصفية ملوثات متنوعة -مثل الزيوت والأصباغ- من استخداماتها
عبر صناعات مختلفة، ما قد يؤدي إلى حلول تنقية مياه أكثر استدامةً وأقل تكلفة، وتتيح
الطريقة المدعومة بالميكروويف تصنيع الأغشية ذاتيًّا في غضون دقائق، وتحسِّن -إلى
حدٍّ كبير- من كفاءة إنتاج الأغشية وسرعته، عبر استخدام الموجات الدقيقة، في خطوة
واحدة خلال المرحلة التي تسبق تبخر الماء، ما يتيح التحكم الدقيق في خصائص الغشاء
دون الحاجة إلى تعديلات لاحقة.
ويوضح
"طرابلسي" أن هذا التصنيع السريع يتحقق من خلال تطبيق مُركَّز لطاقة
الميكروويف، التي تعمل على تسريع عملية التجميع الذاتي عند واجهة السائل والبخار، بالإضافة
إلى ذلك، توفر هذه الطريقة تحكمًا أفضل في خصائص سطح الغشاء، ما يتيح ضبط قابلية
البلل وبنية المسام بدقة، والتي تُعد بالغة الأهمية لتحسين أداء الترشيح.
ووجد
الباحثون أن التصميم المزدوج للغشاء، الذي يتميز بسطحٍ فائق المحبة للماء من جهة، وسطحٍ
شبه كاره للماء من الجهة الأخرى، يعزز مقاومة الأنواع المختلفة من التلوث، بينما
يحافظ على تدفق المياه العالي.
وعن
إمكانية دمج هذه التكنولوجيا في أنظمة معالجة المياه الحالية، يشير
"طرابلسي" إلى أن ذلك يبدو واعدًا، لكنه يتطلب دراسةً دقيقةً للتوسع
والاستقرار الميكانيكي.
من
جهته، يقول محمد السيد عبد الفتاح -أستاذ كيمياء المياه بمركز بحوث الصحراء في مصر-
لـ"نيتشر ميدل إيست": ما يميز هذه الأغشية المزدوجة أنها تجمع بين سطحين،
الأول محب للماء والآخر كاره له، ما يتيح لها تصفية المياه من مجموعة متنوعة من
الملوثات بفاعلية، فبينما يعالج السطح الكاره للماء الزيوت والدهون، يقوم السطح
المحب للماء بمعالجة الملوثات الممتزجة مع المياه مثل الميكروبات.
تواصل معنا: