مبادرة مصرية لحماية الشعاب المرجانية في البحر الأحمر
نشرت بتاريخ 6 أكتوبر 2024
مصر تتلقى تمويلًا بقيمة 14 مليون دولار ضمن خطة من ثلاثة محاور لمواجهة المخاطر التي تهدد بيئة الشعاب المرجانية
هدير الحضري
في سبتمبر الماضي، وقعت وزيرة البيئة
المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد وثيقةمشروع "مبادرة البحر الأحمر
المصرية"، المقرر امتداده لست سنوات، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة
الإنمائي، وصندوق التمويل العالمي للشعاب المرجانية، ووكالة التنمية الدولية
الأمريكية، بتمويل قدره 14 مليون دولار أمريكي، لحماية بيئة الشعاب المرجانية في
البحر الأحمر.
ويستهدف المشروع حماية حوالي 99.899
هكتارًا من الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، إضافةً إلى إنشاء "الصندوق
المصري للشعاب المرجانية" لتقديم المنح للمنظمات غير الحكومية من أجل دعم أنشطة
الحفاظ على الشعاب المرجانية، وتنفيذ خطة طويلة الأجل لجمع تبرعات لتأمين مساهمات
الصندوق.
ثلاثة أوجه للإنفاق
وفق إحصائياتمنظمة الأمم المتحدة، فإن 70% من الشعاب
المرجانية حول العالم معرضة للتهديد، من بينها 20% تم تدميرها بالفعل، و24% معرضة
لخطر الانهيار الوشيك، و26% معرضة لخطر التهديدات على المدى الأبعد.
والشعاب المرجانية ركيزة أساسية في
عمل النظام البيئي؛ إذ تعمل هياكلها على حماية المجتمعات الساحلية من موجات
العواصف، وهي "خزانة لحفظ الأدوية في القرن الحادي والعشرين" لاحتوائها على
عدد ضخم من الكائنات الحية، التي تتضمن الإسفنج والمرجان وأرانب البحر، والتي
تحتوي على جزيئات تمتاز بآثار قوية مضادة للالتهابات، والفيروسات والبكتيريا، ويتم
استخدامها لاستخلاص علاج للأورام.
وقالت وزيرة البيئة المصرية الدكتورة
ياسمين فؤاد في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست" على هامش لقائها بالصحفيين مؤخرًا:
ستنفق مصر التمويل الذي تتلقاه من المبادرة الجديدة في ثلاثة أوجه، الأول دعم صغار
الصيادين في منطقة البحر الأحمر لوقف أنشطة الصيد الجائر، وتعزيز مشاركة القطاع
الخاص في المشروع، إضافةً إلى وضع نظام كامل لحماية الشعاب المرجانية، مضيفةً أن
هذا المشروع سيقتصر على مصر فقط.
وردًّا على سؤال لـ"نيتشر ميدل
إيست" عما إذا كانت أنشطة المشروع ستتضمن استزراعًا للشعاب المرجانية، قالت "فؤاد":
الاستزراع موضوع شائك، ويواجه تحديات كثيرة وأحيانًا يسبب تزاحمًا في المنطقة التي
يُزرع فيها، وأجرينا هذه التجربة في مصر من قبل وفشلت.
أنواع فريدة وتحديات خطيرة
يضم البحر الأحمر نحو 346 نوعًا من
المرجان، وفق تقرير منظمة حماية البيئة
في الغردقة "هيبكا"، بينما أشار تقرير أعده وفد المملكة العربية السعودية لدى اليونسكو، في يناير
2024، إلى أن البحر الأحمر وخليج العقبة يحتضنان أكثر من 265 نوعًا من الشعاب
المرجانية "الفريدة من نوعها" لأنها مقاومة بشكل استثنائي لموجات
الحرارة، ويمكن أن تبلغ حدود تحمُّلها للحرارة مستويات تتجاوز 5 درجات مئوية فوق
أقصى درجات الحرارة في الصيف، وهو ما يؤدي إلى وفاة الشعاب المرجانية في أماكن
أخرى، وهذا يعني تمتعها بقدرة أعلى على الصمود في مواجهة تغير المناخ.
لكن هذه الشعاب المرجانية تتعرض -في
الوقت ذاته- لخطر "الابيضاض"؛ إذ تتحول إلى اللون الأبيض بعد هروب
الطحالب منها لأسباب عديدة، منها ارتفاع درجة حرارة سطح البحر.
وفي العام الماضي، أطلقت "جمعية الحفاظ على البيئة في البحر الأحمر" (هيبكا) عدة تقارير آخرها تقريرمراقبة ابيضاض الشعاب المرجانية في البحر
الأحمر لعام 2023-2024، الذي رصد ابيضاضًا واسع النطاق في جنوب البحر الأحمر مشابهًا
لما حدث في عامي 2012 و2020، بينما بقيت المناطق الشمالية سليمةً إلى حدٍّ كبير،
وتوصل إلى أن موجات الحر أدت إلى تفاقم الابيضاض مقارنةً بالأحداث السابقة، وهو ما
اعتبره مؤشرًا مقلقًا.
وبدأت "هيبكا" -سابقًا- مشروع
مرصد مراقبة ابيضاض الشعاب المرجانية في مصر، في عام 2010 كجزء من برنامج مراقبة
الشعاب المرجانية التابع لهيئة الحاجز المرجاني العظيم، لتقدم إنذارًا مبكرًا للابيضاض
المحتمل للمرجان.
وفي المقابل، رصد التقرير قدرةً عاليةً
على التعافي لأنواع المرجان في البحر الأحمر، مما يشير إلى تكيُّفها مع الإجهاد
الحراري، إذ وضع الباحثون في أثناء المسح علامةً على أكثر من 280 مستعمرة مبيضة
تتضمن الأنواع الأكثر تضررًا وتشمل مجموعة متنوعة من الأجناس، وبعد حوالي 45 يومًا
من حدث التبييض، تمت إعادة مسح المستعمرات المختارة لتقدير معدلات الشفاء ومعدلات
البقاء على قيد الحياة.
ابيضاض المرجان
يقول محمود حنفي، أستاذ البيئة
البحرية بكلية العلوم بجامعة قناة السويس، والمستشار العلمي لجمعية (هيبكا): تحدث
ظاهرة ابيضاض المرجان نتيجة ارتفاع درجة حرارة مياه البحار، الذي يؤدي إلى هجرة
الطحالب القاطنة لحيوان المرجان، وبالتالي ابيضاضها وموتها.
يضيف "حنفي" في تصريحات
لـ"نيتشر ميدل إيست": تم تسجيل أول ظاهرة لابيضاض المرجان في البحر
الأحمر في عام 2012، ثم في عامي 2020 و2023 ، ثم مرةً أخرى في عام 2024، وتحدث هذه
الظاهرة في الجانب المصري من البحر الأحمر في أغسطس؛ إذ تسجل أعلى درجات حرارة.
ووفق "حنفي"، فإن المرجان
في البحر الأحمر هو الأكثر مرونةً وتحملًا لدرجات الحرارة المرتفعة، بسبب تميز الشاطئ
المصري بظاهرة فريدة لحركة التيارات المائية، التي تخلق باستمرار منطقة دوامات
تسمح بخلط مياه العمق الأقل حرارةً بالمياه السطحية للبحر، وبالتالي تلطف من درجات
الحرارة، إضافةً إلى حركة الرياح القوية التي تدفع كتل المياه إلى داخل البحر،
وبالتالي يحدث لها إحلال بكتل مائية أقل حرارةً تصعد من العمق.
ويتابع: في العام الحالي، حدث تغيُّر
كبير من حيث حدوث الابيضاض على المستوى الجغرافي والعمق، فأصبح متوسط نسبة
الابيضاض لطول الساحل المصري للبحر الأحمر حوالي 28% من نسبة كساء المرجان، وامتدت
ظاهرة الابيضاض إلى الجزء الشمالي للبحر الأحمر وخليج العقبة لأول مرة، وحدثت أعلى
نسبة للابيضاض في المنطقة الجنوبية للبحر الأحمر بحوالي 56% من مساحة الكساء
المرجاني.
وأوصى "حنفي" بتبنِّي حلول
لتعزيز حماية الشعاب المرجانية، مثل إعلان مناطق الحيود المرجانية كمحميات طبيعية
للتأكد من استغلالها على نحوٍ مستدام، ودعم برامج الرصد والمراقبة، ووقف أنشطة
الصيد المدمرة؛ لأن الأسماك تؤثر على مرونة المرجان وتحمُّله واستشفائه في ظل ارتفاع
درجات حرارة البحر، وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بتأثير التغيرات المناخية على البيئة
البحرية.
نمو الشعاب المرجانية
ويشير السيد سالم -الباحث بوزارة
البيئة- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تتبَّعنا في دراسة سابقة نمو الشعاب
المرجانية في ثلاث مناطق في خليج العقبة ومنطقتين في البحر الأحمر في ظل رصد
تأثيرات مختلفة، من بينها التأثيرات البيئية، ولاحظنا أن هذا النمو يتأثر
بالتغيرات البيئية وتغير المناخ والصيد الجائر.
وأضاف "سالم": يجب تخصيص إدارة
تختص بحماية المحميات الطبيعية، بما يعزز قدرة هذه النظم البيئية على الصمود في
مواجهة التحولات المناخية والضغوط الناجمة عن الإنسان، ويدعم قدرتها على التكيّف
مع التغيرات المناخية؛ إذ يؤثر المناخ إلى حدٍّ كبير على النظام البيئي للمستعمرات
المرجانية، خاصةً ارتفاع مستويات درجات الحرارة، وتغير معدّل هطول الأمطار، إضافةً
إلى نشر التوعية بالتخلُّص الآمن من النفايات.
وأيّد "سالم" تجارب
الاستزراع باعتبارها أحد حلول تعزيز وجود الشعاب المرجانية، مضيفًا: تحقق تجارب
الزراعة نسب نجاح تبلغ 40%، وهو ما وصفه بـ"الإنجاز"، لكن بشرط أن تخضع
لظروف معينة من درجات الحرارة المناسبة ودرجة حامضية الماء، والضوء، وأن تتم
الزراعة على سطح صلب.
تواصل معنا: