أخبار

40 مليون حالة وفاة حتى عام 2050: خسائر الأرواح الناجمة عن الإصابة بالعدوى المقاومة للعقاقير قد ترتفع بنسبة 70%

نشرت بتاريخ 16 أكتوبر 2024

بحلول عام 2050، قد يلقى نحو مليوني شخص - غالبيتهم في سن السبعين فما فوق - حتفهم جراء الإصابة بحالات العدوى المقاومة للعقاقير كل عام.

ميريام ندّاف

الراكدة البومانية Acinetobacter baumannii - بكتيريا مرتبطة بالعدوى الناشئة في المستشفيات، يمكنها أن تطور مقاومة للمضادات الحيوية.
الراكدة البومانية Acinetobacter baumannii - بكتيريا مرتبطة بالعدوى الناشئة في المستشفيات، يمكنها أن تطور مقاومة للمضادات الحيوية.
Credit: Eye Of Science/Science Photo Library

ما ينيف على 39 مليون شخص سوف يلقون حتفهم جراء الإصابة بالعدوى المقاومة للمضادات الحيوية من الآن وحتى عام 2050، بحسب تحليل عالمي متعمق لظاهرة مقاومة المضادات الميكروبية.

فقد توصل التقرير المنشور في السادس عشر من سبتمبر الماضي في دورية «ذا لانسيت»1The Lancet إلى أنه في الفترة ما بين عامَي 1990 و2021 لقي ما يزيد على مليون شخص حتفهم جراء الإصابة بالعدوى المقاومة للعقاقير كل عام، وأن هذه العدد يمكن أن يتضاعف إلى قرابة مليونَي شخص بحلول عام 2050. وبناء عليه، يُقدِّر التقرير أنه يمكن إنقاذ حياة نحو 92 مليون شخص في الفترة ما بين عامَي 2025 و2050 إذا أمكن إتاحة المضادات الحيوية المناسبة والعلاجات المتطورة لحالات العدوى على نطاق واسع.

وفي تعليق أدلى به جوزيف لونارد، اختصاصي علم الأوبئة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، يقول: "يُعد هذا التقرير إنجازًا مهمًا يتيح لنا فهم كيف آل بنا الحال إلى النقطة التي نحن بصددها الآن، كما يتيح لنا وضع توقعات واقعية للعبء المستقبلي الذي يتأتى مع نشوء مقاومة العقاقير ومن ثم نهتدي بها في خطواتنا التالية".

ومن جهته يقول تيموثي وُولش، اختصاصي علم الأحياء الدقيقة بجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة: "في ظني، مقدار الأعباء المستقبلية يفوق كثيرًا على الأرجح ذلك الوارد في التقرير"، لا سيما في البلدان التي تعاني من فقر البيانات. وتشير الأرقام إلى عجز العالم عن الوفاء بهدف الأمم المتحدة المتمثل في تقليل الوفيات الناجمة عن مقاومة المضادات الميكروبية بحلول عام 2030.

حصيلة الموتى في ازدياد

حلل الباحثون بيانات الوفيات وسجلات المستشفيات في 204 بلدان للفترة ما بين عامي 1990 و2021، وقد خصوا بتحليلهم 22 مُمْرضًا، و84 مزيجًا من البكتيريا والعقاقير التي تقاومها هذه البكتيريا، هذا بالإضافة إلى 11 مرضًا من بينها عدوى الدم والتهاب السحايا.

وبحسب النتائج التي توصلوا إليها، مع أن عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين يموتون بسبب حالات العدوى المقاومة للعقاقير قد انخفض بنسبة تتجاوز 50% إبان العقود الثلاثة المنصرمة، فإن وتيرة الوفيات بين الأفراد في عمر السبعين فما فوق ارتفعتْ بنسبة 80% (انظر "أزمة مقاومة").

وكانت الزيادة الأكبر في أعداد الوفيات من نصيب عدوى بكتيريا المكوّرة العنقودية الذهبية Staphylococcus aureus، التي تصيب الجلد والدم والأعضاء الباطنية، بنسبة 90%.

وأكثر العدوى فتكًا في الفترة بين عامي 1990 و2021 يُنسب الكثير منه إلى فئة من البكتيريا تتمتع بمقاومة عالية على نحو استثنائي للعقاقير، تُدعى البكتيريا سالبة الجرام. تشمل هذه الفئة بكتيريا الإشريكية القولونية Escherichia coli، والراكدة البومانية Acinetobacter baumannii، وهي مُمْرض يرتبط بالعدوى الناشئة في المستشفيات.

وجدير بالذكر أن البكتيريا سالبة الجرام مقاومة لعقاقير «الكاربابينيم» Carbapenem - فئة من المضادات الحيوية مستخدمة لعلاج حالات العدوى الحادة - وبمقدورها تبادل الجينات المقاومة للمضادات الحيوية مع أنواع البكتيريا المختلفة، فضلًا عن توريثها للأجيال التالية. وقد ارتفعت الوفيات المرتبطة بالبكتيريا سالبة الجرام المقاومة «للكاربابينيم» بنسبة حوالي 150%، من 50900 حالة وفاة في عام 1990 إلى 127000 حالة في عام 2021.

ويقدر التقرير أنه بحلول عام 2050، يمكن أن تتسبب مقاوَمة مضادات البكتيريا في وفاة 1.91 مليون شخص في العام الواحد، وأن 8.22 مليون شخص آخرين سوف يلقون حتفهم جراء الإصابة بأمراض مرتبطة بمقاومة العقاقير. وأكثر من 65% من الوفيات، التي تُعزى إلى مقاومة مضادات الميكروبات في عام 2050، سوف تكون بين أشخاص في عمر السبعين فما فوق.

يقول محسن نغافي، الطبيب وعالم الأوبئة بجامعة واشنطن في مدينة سياتل الأمريكية، والمشارك في تأليف الدراسة: "تشير هذه الدراسة إلى تعثر جودة نظم الصحة والوقاية من العدوى".

تدخلات موجهة

المناطق التي يُتوقع لها أعلى معدلات وفيات تشمل جنوب آسيا، وأمريكا اللاتينية، وجزر الكاريبي. ويشدد الباحثون على أن أي استراتيجيات للتصدي لإشكالية مقاومة العقاقير يجب أن تعطي الأولوية للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

فيقول وولش: "نحن بحاجة إلى المزيد من الاستثمار العالمي والكثير جدًا من المشاركة التفاعلية الحقة مع البلدان منخفضة الدخل لضمان تحصينها بالأدوات اللازمة للتصدي للمشكلة". ويتابع قائلًا: إنه على الاستراتيجيات أن تكفل إتاحة الأدوات التشخيصية، والمضادات الحيوية، والمياه النظيفة، ونظم الصرف الصحي للمستشفيات في البلدان منخفضة الدخل.

ويقول لونارد: "لا تقتضي أغلب هذه الوفيات في الواقع تدخلات جديدة أو مصممة خصوصًا لدرئها. وهذه رسالة في غاية الأهمية".

وحري بصناع السياسات أيضًا التصدي لإشكالية الإفراط في استخدام المضادات الحيوية في تربية الحيوانات، الأمر الذي من شأنه تسريع وتيرة مقاومة البكتيريا للعقاقير، والاستثمار في بحوث عقاقير المضادات الحيوية المبتكرة، بحسب قول وولش.

ويرجو الباحثون أن "يُرْشد التقرير خطى تطوير العقاقير الجديدة، ويوجَه الباحثين إلى أي العقاقير الجديدة ينبغي أن يولوها اهتمامًا، وأي اللقاحات الجديدة يركزون عليها"، وفقًا لما جاء عن إيف وول، المشاركة في تأليف الدراسة، وهي مديرة البحوث بمعهد القياسات الصحية والتقييم بمدينة سياتل بولاية واشنطن الأمريكية. نُشر هذا المقال على صفحات دورية Nature في السابع عشر من سبتمبر الماضي.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.317