نموذج أيضي للمساعدة في البحث عن مصدر للوقود الحيوي من الطحالب

أسْهَمَ كوروش صالحي أشتياني ـ وهو متخصص في التكنولوجيا الحيوية في جامعة نيويورك، أبوظبي ـ في تطوير أول نموذج أيضي على مستوى المادة الوراثية ـ أو الجينوم ـ لسلالة من الطحالب. ويعتزم صالحي أشتياني استخدام هذا النموذج لاستكشاف طحالب في منطقة الشرق الأوسط؛ بحثًا عن وقود حيوي مثالي.

وقد شَكَّلَ الباحثون الشبكة الأيضية لسلالة طحلب كلاميدوموناس ريينهاردتي (Chlamydomonas reinhardtii)، وهي سلالة شائعة لدراسة البيولوجيا الجزيئية. وقام الباحثون بمطابقة مختلف الأنشطة البيوكيميائية للطحلب بتسلسله الجيني، الذي يضم حوالي 1080 من الجينات، يرافقها 2190 رد فعل، و1068 من الأيضات الفريدة.

وقال صالحي أشتياني إن "الميزة هي أن كلاميدوموناس سلالة معروفة جيدًا، يمكن استخدام الأشياء التي نعرفها وتعلمناها منها، ويمكن تطبيقها على سلالات أخرى من الطحالب يمكن أن تكون ذات قيمة أكبر للوقود الحيوي".

وقد تم تطوير نموذج الشبكة الأيضية في محاكاة حاسوبية، يمكن استخدامها لتقييم مدى تأثير الهندسة الوراثية لسلالة الطحالب.

وأوضح صالحي أشتياني أنه "يمكن بناء توقعات مثيرة للاهتمام من خلال النموذج، مثل ما يحدث إذا ما استأصلنا أحد الجينات. ويمكننا أيضًا معرفة ما إذا كان هناك جين ضروري لوظيفة ما، أم لا".

وقال جايسون بابين ـ من جامعة فرجينيا، والمشارك في البحث ـ إن "هذا حقا هو الأمر المثير في إعادة بناء هذه الجينات. ويمكنني استخدامها في الوصف العلمي، والتنبؤ بسلوك هذا النظام في ظل الاضطرابات المختلفة، ويمكنني أن أقوم بهذا بسرعة. ويمكنني بناء نموذج للمتطلبات اللازمة لتوليد طاقة الكتلة الحيوية. وإذا كانت وظيفة الجين هي توليد الكتلة الحيوية، حينئذ سأميل إلى التكهن بأن الجين ضروري".

ويمكن للفريق الآن القيام بمثل هذه التحليلات الحاسوبية السريعة في بضع ثوان؛ لتحديد الجينات التي تؤثر على النمو، دون الحاجة إلى إجراء تجارب معملية تستغرق وقتًا طويلاً. ومن الممكن دراسة نتائج إزالة ـ أو إضافة ـ الجينات التي تؤثر على إنتاج مركبات غنية بالطاقة، مثل الدهون، وهذا يمكن أن يسهل الاستفادة المثلى من الطحالب في تطوير الجيل القادم من الوقود الحيوي.

الوقود الحيوي من الطحالب

هناك مجموعة كاملة من التحديات، بدءًا من الهندسة إلى الهندسة الحيوية، وانتهاءً بتحسين المنتجات النهائية.

يحظى الوقود الحيوي بتأييد كبديل مستدام للوقود الحفري. ويتم إنتاج معظم أنواع الوقود الحيوي المُصَنَّعَة اليوم من المحاصيل النباتية، وتتنافس مع المحاصل الغذائية للحصول على موارد قيِّمَة، من بينها الأراضي الزراعية، والمياه العذبة.

هذا.. بينما يُنظَر إلى الطحالب باعتبارها خيارًا جيدًا لإنتاج كمية كبيرة من الوقود، من دون التعدي على الأراضي الزراعية.

ويرغب صالحي أشتياني في الحصول على سلالات طحالب في دولة الإمارات العربية المتحدة، ودول الشرق الأوسط ـ على اتساعها ـ حيث يمكن أن تحتوي على كميات كافية من الطاقة؛ يمكن أن تكون مجدية اقتصاديا في إنتاج الوقود الحيوي. وقال صالحي أشتياني: "أعتقد أنه من المفيد أن ندرس سلالات (الطحالب) في المياه المالحة، لأنها لا تستخدم المياه العذبة. ولذا.. فإنها لن تعتمد على إمدادات المياه الصالحة للشرب". وأشار إلى أن وفرة أشعة الشمس في منطقة الشرق الأوسط قد تكون أرضًا خصبة مثالية لنمو الطحالب المناسبة للاستخدام في إنتاج الوقود الحيوي.

واقترح بابين إمكانية استخدام النموذج الذي يتم تطويره باستخدام كلاميدوموناس في تحديد أيٍّ من العمليات الأيضية تحظى بأهمية خاصة؛ لاستخدامها كوقود حيوي. وقال: "يمكن للباحثين، حينئذ، استكشاف سلالات أخرى قد تنفِّذ هذه العملية المحددة بشكل أكثر كفاءة، وبدون استكشاف نموذج استرشادي، تحظى فيه العملية بأعلى قدر من القيمة، حيث يمكن أن يتم استكشاف السلالات بطريقة أكثر عشوائية".

ويعتزم الفريق عمل تسلسل لجينات الطحالب الواعدة، وتحديد روابط الأيض. وقال صالحي أشتياني إنه "يمكننا عندئذ إضافة ـ أو إزالة ـ ردود الفعل والمسارات من شبكة كلاميدوموناس الأيضية؛ لتوليد نماذج أيضية للسلالات الجديدة".

وأوضح أنه "بهذه الطريقة، سيتم استخدام النموذج الأيضي الذي أنتجناه لكلاميدوموناس، كدليل لتوليد نماذج خاصة بالسلالات الجديدة. وستضاف أي ردود فعل أو مسارات ليست موجودة في كلاميدوموناس إلى النموذج. أمَّا تلك الموجودة في كلاميدوموناس، وليست في السلالات الجديدة؛ فستتم إزالتها". وتابع أشتياني قائلاً: "بصورة جوهرية، سنوفق هذا النموذج مع الدليل الجيني للسلالات الجديدة".

وذكر صالحي أشتياني أن العثور على سلالات طحالب جيدة تفي بالغرض هو فقط الخطوة الأولى نحو الحصول على مصدر جديد ومستدام للوقود الحيوي. وذكر أيضًا أن "هناك مجموعة كاملة من التحديات في المستقبل، بدءًا من الهندسة إلى الهندسة الحيوية، وأخيرًا إلى تحسين المنتجات النهائية".

وقال أشتياني: "إن هذه التحديات ـ التي يصاحبها احتمال تطوير مورد مستدام للطاقة ـ تجعل هذا المجال مثيرًا، بل وتجعل الوقت المستَثمَر فيه ممتعًا كذلك".

اشترك للحصول على النشرة الإلكترونية المحدّثة كل أسبوعين لكي تبقى على اطلاع بكافة المستجدات على الموقع.