قريباً قد يصبح بإمكان مزارعي النخيل زيادة انتاجيتهم من المحاصيل بنسبة تصل إلى 100٪ ،وذلك بفضل بحث جديد أجرته كلية طب وايل كورنيل في قطر.
وعلى عكس العديد من النباتات المزهرة، فإن أشجار النخيل ثنائية الجنس حيث أن لديها نباتات منفصلة من الذكور والإناث، ولا تنتج الثمار سوى أشجار النخيل ألانثوية.، وهذه الثمار هي غذاء رئيسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع ذلك لا يمكن للمزارع تحديد نوع جنس النبات قبل أن ينضج، وهو ما يستغرق نحو خمس سنوات.
تمكن الباحثون في كلية طب وايل كورنيل من تجميع مسودة من جينوم النخيل، ثم قاموا بعد ذلك بتحديد تسلسل الجينات التي ترتبط بالوراثة الجنسية، ونشروا نتائجهم في مجلة "Nature Biotechnology" هذا الاسبوع.
وقال جويل مالك، عالم الوراثة في طب وايل كورنيل، والذي ترأس فريق البحث "هناك العديد من أنظمة تحديد الجنس في الطبيعة، والنباتات هي من بين الأكثر تنوعاً من حيث الطرق المختلفة لتحديد الجنس، من بينها درجة الحرارة والمواد المغذية وغيرها". وأضاف "حتى هذا العام، فإن العديد من الناس اعتقدوا بإنه سيتم الاستعانة بواحدة من هذه الطرق 'غير التقليدية' لتحديد الجنس في نخيل البلح."
على غرار نظام كروموسوم XY في البشر، فإن ذكر النخيل هو من يحدد جنس السلالة. لكن خلافاً للبشر، فإن كروموسومات الجنس في النخيل متماثلة الشكل. وقال مالك "أنها متشابهة جدا في الحجم والمظهر تحت المجهر، وهو ما يدفعنا لعمل مقارنة في التسلسل الجيني لتحديد موضع تواجد الجينات، وهذا يختلف عن البشر حيث أن كروموسومات X و Y مختلفة جداً في الحجم لدرجة أنك تستطيع التفريق بينهم بسهولة باستخدام المجهر."
سيستطيع المربين الآن تحديد جنس نخيل البلح من الشتلة حيث أنه ممكن استخلاص الحمض النووي من الأوراق. وتابع مالك قائلاً "لحين وضع طريقة لاستخراج الحمض النووي من الجنين، بحيث لا يؤثر ذلك على سلامة البذور، فسوف نكون قادرين على القيام بذلك من مرحلة البذور. لا أتصور أن هذا بعيداً حيث تم ذلك في العديد من النباتات الأخرى."
حلم المربي
الحصول على جرعة من الجينوم الخاص بشجر النخيل سيساعدنا بشكل كبير على فهم نوع شجرة النخيل...وحقيقةً فإن الاستخدامات تقريبا ليس لها نهاية
"الحصول على جرعة من الجينوم الخاص بشجر النخيل سيساعدنا بشكل كبير على فهم نوع شجرة النخيل...وحقيقةً فإن الاستخدامات تقريبا ليس لها نهاية."
قال عبد الوهاب زيد ، مدير برنامج بحوث و تنمية النخيل في دولة الإمارات العربية المتحدة، "امكانية تحديد جنس الشتلات في وقت مبكر من النمو سيكون حقا مفيدا، وسيسمح لمزارع النبات بإنتقاء النباتات الذكر أو الأنثى فقط دون الحاجة إلى الانتظار عدة سنوات لمرحلة النضج."
وأضاف أن هذا سيكون مفيدا عند تربية أشجار النخيل لسمة معينة، مثل مقاومة الأمراض، "دون إضاعة أي موارد على تنشئة الأشجار التي لن تستخدم خلال برنامج التربية."
وأضاف مالك "يبدي معظم المزارعين اهتماماً بالإناث المنتجة للتمر ولذلك فأننا نأمل أن استنفاذ المساحة والمياه والأسمدة والوقت على الذكور لن تعد تمثل مشكلة."
نخيل التمر واحدة من أهم ثلاث أشجار نخيل من الناحية الاقتصادية، إلى جانب نخيل جوز الهند والزيت. ومن الناحية التاريخية فإنها تعتبر واحدة من أهم مصادر الكربوهيدرات الغذائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، حيث تزرع منها ملايين الأشجار. حدد الباحثون السلالة الجينية لثلاثة من بين أكثر اصناف النخيل شعبية وهي: خلاص ، دجلة نور ومدجول.
قد يكون الباحثون حددوا أيضاً الجينات المسؤولة عن صفات هامة مثل لون الفاكهة، والرائحة ووقت النضوج. " عائلة جينات إضافية باختلافات كبيرة هي عائلة اللجنين المختصة بنقل المياه داخل النبات، ويمكن أن تكون مهمة في أشياء مثل مقاومة الجفاف،" يقول مالك.
التباين الوراثي
الجينات المسئولة عن جودة الثمار هي القادمة على جدول مالك وهدفاً هام للمربيين لتحسين أصناف أشجار النخيل المتنوعة.
وقال زيد "مسودة لجينوم نخيل البلح سوف يساعد كثيراً في فهمنا للنخيل، وستوفر مصدراً غنياً من البيانات الوراثية ، والتي يمكن التعرف منها علي جينات مهمة."
وأضاف "ستسمح أيضا بتحديد الجينات، والتي بدورها يمكن أن تساعد في توضيح المسارات الأيضية والتفاعلات في النخيل. حقا، الاستخدامات تكاد لا تنتهي."
تزرع عادة أشجار النخيل من خلال الفسائل ، حيث تقطع البراعم المنتجة في الجزء العلوي من الأوراق الميته للنخيل وتزرع مرة أخري في مكان آخر. وهذا ينتج النخيل الذي ينتج فاكهة ذات لون وحجم مماثل، وهو المفضل للتعبئة والتغليف.
مع ذلك، فقد خفضت زراعة الفسائل المستمرة من التباين الوراثي بين أشجار النخيل. "هذا ضار للغاية فعندما يصيب مرض مزرعة -حيث جميع الأشجار مستنسخه - سينتشر المرض بسهولة جداً ولا يصادف أي أصناف ذات تنوع وراثي قد تكون مقاومة،" حسبما أفاد مالك.
وأضاف "استخدام العلامات التي قمنا بتطويرها سيشجيع زراعة الإناث التي تأتي من التهجينات الطبيعية، بدلاً من المستنسخة، الأمر الذي نأمل أن يسمح بعودة التنوع الوراثي للنخيل."
doi:10.1038/nmiddleeast.2011.64
Malek, J., Al-Dous, E. et al. De novo genome sequencing and comparative genomics of date palm (Phoenix dactylifera). Nat Biotechnol 29 May 2011 doi: 10.1038/nbt.186
تواصل معنا: