أشار تقرير جديد، أصدرته المؤسسة الدولية لترقق العظام، إلى أنه من المتوقع أن يتزايد عدد المرضى المصابين بهشاشة العظام بصورة مثيرة للقلق في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يتوقع أن تتزايد معدلات حوادث الكسور الناتجة عن هشاشة العظام بأربعة أضعاف في عدد من البلدان مع ارتفاع أعمار السكان.
وأوضح تقرير المراجعة الإقليمي للشرق الأوسط وأفريقيا، الذي صدر خلال اجتماع ترقق العظام لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، الذي عُقد في الشهر الماضي في دبي بالإمارات العربية المتحدة، إلى أنه بحلول عام 2020، فإن 25 في المئة من السكان ستتجاوز أعمارهم 50 عامًا، لتصل إلى 40 في المئة بحلول عام 2050. وهذه الفئة من السكان معرضة ـ بصورة خاصة ـ لخطر ترقق العظام.
وجدير بالذكر أن مُعِدِّي التقرير جمعوا بيانات من 17 بلدًا في أفريقيا والشرق الأوسط، من بينها مصر، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، والمغرب، والأراضي الفلسطينية، والمملكة العربية السعودية، وسوريا، وتونس، والإمارات العربية المتحدة.
وقالت غادة الحاج فليحان، المشرفة على فريق إعداد التقرير: "إن نقص الأبحاث في مجال مرض هشاشة العظام في أنحاء المنطقة يفاقم من الوضع". وأوضحت أن "نقص تمويل الأبحاث بصفة عامة، وهذا النوع من الأبحاث على وجه الخصوص، بالإضافة إلى عدم وجود قدرات بشرية مدربة لإجراء أبحاث ذات نوعية جيدة، من الأسباب المهمة لندرة الأبحاث".
وأضافت قائلةً بأن حكومات الدول والمنظمات الصحية، مثل منظمة الصحة العالمية (WHO)، تميل أكثر إلى التركيز على الأمراض المعدية، مثل السل، وأمراض أخرى غير معدية، مثل السرطان، والسكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وأعربت فليحان عن اعتقادها بأن الباحثين يجب عليهم إجراء دراسات وبائية، بالإضافة إلى دراسات حول الأعباء المالية والاجتماعية المصاحبة للكسور، ونسب انتشارها، ومعدلات الوفيات الناجمة عنها؛ لتحديد مدى عبء المرض.
وقد حددت ثلاثة بلدان فقط ـ من بين البلدان التي شملتها الدراسة ـ مرض ترقق العظام كأولوية صحية وطنية جديرة بالاهتمام، وهي: إيران، والعراق، والأردن. وكانت مصر، وإيران، والعراق، ولبنان، وجنوب أفريقيا هي الدول الوحيدة التي وضعت مبادئ توجيهية وطنية؛ لتشخيص وعلاج مرض ترقق العظام.
أولويات مختلفة
أوضح باسل الزرقاني، أستاذ أمراض الروماتيزم في مستشفى قصر العينى بالقاهرة، أن العديد من البلدان النامية لا يمكنها تحمُّل جعل هشاشة العظام من أولويات الحكومة.. ففي مصر، يركز البرنامج الصحي على الأمراض الأكثر شيوعا، مثل التهاب الكبد الوبائي، ومرض السكري.
وقال الزرقاني إنه "باستخدام نفس القيمة من الأموال يمكن للحكومة معالجة عدد أكبر من الناس المصابين بالتهاب الكبد الوبائي. ولذا.. فإن هذا النهج منطقي بالفعل".
وأشارت فليحان إلى أن مرض ترقق العظام مكلف، سواء بالنسبة إلى التشخيص، أم العلاج. ويبلغ متوسط تكلفة اختبار "دي إكس إيه" بالمسح الضوئي، وهو أفضل اختبار معياري متاح لقياس كثافة العظام، ما بين 50 إلى 75 دولارًا أمريكيًّا. وقالت إن "هذا يمكن أن يمثل ما يصل إلى 26 في المئة من متوسط الدخل الشهري للفرد في بعض البلدان، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة".
وعلى الرغم من كون منطقة الشرق الأوسط واحدةً من أكثر المناطق المشمسة في جميع أنحاء العالم، فقد خلص التقرير إلى أن معدل انتشار نقص فيتامين "D" في المنطقة من بين أعلى المعدلات في العالم، حيث بلغت نسبته 80 في المئة لدى الفتيات المراهقات في المملكة العربية السعودية.
وأشار الزرقاني إلى أن هذا يرجع إلى القواعد الثقافية، حيث إن العديد من النساء يرتدين الحجاب والنقاب؛ مما يقلل من تعرضهن لأشعة الشمس، وهو أمر أساسي لتكوين فيتامين (D) داخل الجسم.
ولضمان إعداد المزيد من الأبحاث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول مرض ترقق العظام، أشارت فليحان إلى أهمية زيادة الوعي، من خلال "إطلاع صناع القرار والسلطات الصحية على مدى حجم المشكلة". ودعت أيضًا إلى إجراء المزيد من الأبحاث المشتركة حول مشاريع أكبر في دول المنطقة، والتنسيق مع منظمة الصحة العالمية بشأن برامج رفع الوعي الصحي.
وأضاف الزرقاني قائلاً إنه ينبغي على وسائل الإعلام نشر الوعي الصحي بصورة أفضل للناس. وقال إن "وسائل الاعلام لا تهتم سوى بتسليط الضوء على المشكلة، دون تقديم حلول بسيطة، مثل أهمية إضافة الجبن والحليب إلى وجبتك الغذائية؛ لمواجهة نقص فيتامين (D)".
doi:10.1038/nmiddleeast.2012.14
The Middle East and Africa Regional Audit. International Osteoporosis Foundation. (2011).
تواصل معنا: