السمنة وسوء التغذية: متاعب مزدوجة للاجئي الصحراء الغربية
نشرت بتاريخ 12 ديسمبر 2012
كشف استطلاع للاجئين في جنوب الجزائر أن السمنة وسوء التغذية تمثلان مشكلة بين اللاجئين على المدى الطويل.
توفيق بوقاعدة
تعاني ربع العائلات التي تعيش في مخيمات اللاجئين في الجزائر من حالات تبدو متناقضة فيما بينها، وهي السمنة وسوء التغذية، وذلك حسب دراسة نشرت في ببلك لايبرري أوف ساينس مديسن PLoS Medicine.
ووجد الباحثون أن 9٪ من الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد شامل (GAM)، وهو معيار لقياس حالة التغذية بين سكان المخيمات لأمد طويل، في حين أن 29٪ مصابون بتوقف النمو، و18٪ ناقصو الوزن.. معظم النساء كن زائدات الوزن أو بدينات، و71٪ منهن كن مصابات ببدانة بطنية، و15٪ توقف نموّهن.. ثلث العائلات كانت مصنفة في مجموعة الوزن الزائد، وربعها مصاب بسوء التغذية، وربع آخر يحمل عبء الحالتين معا.
هذه المخيمات الموجودة جنوب الجزائر -بالقرب من مدينة تندوف- تؤمّن المأوى للاجئي الصحراء الغربية (الصحراويين) الذين هربوا من القتال في المغرب أثناء حرب الصحراء الغربية التي استمرت على مدى 40 عاما مضت.
الدراسة التي بين أيدينا أقيمت بالتعاون بين مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، مؤسسة صحة الطفل، قسم من كلية لندن الجامعية، وبين شبكة التغذية في حالات الطوارئ.
واستندت الدراسة إلى استطلاع تغذية روتيني سُجّل فيه وزن وطول أكثر من 1,600 طفل و1,700 امرأة من أكثر من 2,000 أسرة، كما تم قياس محيط الخصر لدى النساء.
ودعا القائمون على الدراسة إلى إعادة النظر في سياسات المعونة الغذائية العالمية في حالات اللجوء الطويل الأمد في جميع أنحاء العالم، وطالبوا بمجموعة أكثر تنوعا من الأغذية الصحية التي تساعد في الوقاية من الأمراض غير المعدية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.
وانتقد شفيق مزياني، مسؤول الصحة العامة المساعد في مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في تندوف، معايير الخدمات المعتمدة من قبل المنظمات الدولية في هذه المخيمات، مشيرا إلى أنها ليست كافية للاجئين على المدى الطويل.
هدفنا هو ضمان اتّباع نظام غذائي صحي ومتوازن لضمان بقاء هؤلاء اللاجئين.
"إن التناقض بين البدانة وسوء التغذية الذي تعاني منه الأسر الصحراوية يرجع للانتقال من النظام الغذائي الذي كانوا يتبعونه في بيئتهم البدوية الأصلية إلى النظام المتّبع في البيئة الجديدة،" هذا ما يقوله مزياني الذي أشرف على الدراسة، شارحا: "أنواع الطعام –البقول والزيوت النباتية- الشائعة الاستخدام في المخيمات هي السبب الرئيسي لظهور هذا العبء المضاعف من البدانة وسوء التغذية".
ويتابع قائلا: إن المنظمات المساعدة يجب أن تنوّع الطعام الذي توزّعه في المخيمات، وخاصة الفواكه والخضارة المجففة، لكي تقدم للاجئين وجبات أكثر توازنا، ومن الممكن أيضا أن يكون التحوّل إلى البدائل المحلية للأطعمة مساعدا على مواجهة هذه المشكلة، كما أن تشجيع البلاد والمنظمات غير الحكومية واللاجئين على إقامة مشاريع زراعية ضمن المخيمات سيساعد أيضا على زيادة التنوّع الغذائي ويسهّل عملية تسليم الأغذية.
قد تشكل العادات المتّبعة في المخيم عاملا مساهما أيضا.. هذا ما يقرره أحمد مالحة، اختصاصي التغذية الذي يعمل مع وزارة الزراعة الجزائرية، ويشير إلى أن انتشار البدانة بين النساء الصحراويات هو مؤشر على عاداتهن وتقاليدهن، حيث يُنظر إلى المرأة الزائدة الوزن على أنها سليلة أسرة ثرية، مما يزيد من فرص النساء الزائدات الوزن في إيجاد زوج مقارنة بنظيراتهن الأقلّ وزنا، لذا تعتمد النساء الصحراويات على حمية تقليدية تدعى "التبلة" تتكون من النشاء والسكر والدهون لتحسين فرصهن في الزواج.. ويشير مالحة إلى أن هذه العادات الغذائية يمكنها أن تكون سببا مضافا لانتشار الأمراض غير المعدية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
واستنادا إلى مزياني، تكمن أهمية هذه الدراسة في التحديات التي تثيرها أمام المنظمات والبلدان المانحة للأغذية، التي يجب عليها الآن إعادة النظر في سياساتها الغذائية المتبعة في مخيمات اللاجئين المديدي الإقامة.
ويضيف: "هدفنا هو تأمين نظام غذائي صحي ومتوازن لضمان بقاء هؤلاء اللاجئين، الذين استمروا على مدى جيلين في تناول طعام يستند إلى برنامج غذائي [غير صحي]".
doi:10.1038/nmiddleeast.2012.176
Grijalva-Eternod, C.S. et al. The Double Burden of Obesity and Malnutrition in a Protracted Emergency Setting: A Cross-Sectional Study of Western Sahara Refugees. PLoS Med 9(10): e1001320. doi:10.1371/journal.pmed.1001320
تواصل معنا: