حصلت تسع باحثات عربيات على زمالات في الأبحاث؛ نظرًا إلى جهودهن في تحسين مجتمعاتهن المحلية من خلال البحوث العلمية.
وتنتمي الفائزات بجائزة لوريال اليونسكو الثانية "المرأة في حقل العلم" للزمالة العربية إلى البلدان التالية: لبنان، والسودان، و مصر، و تونس، واليمن، وعمان، وسوريا، والأردن، والأراضي الفلسطينية المحتلة. وحصلت كل منهن على جائزة قيمتها عشرون ألف دولار أمريكي؛ للمساعدة في تمويل أبحاثهن.
وقد تلقت لجنة التحكيم طلبات من 162 امرأة من سبع عشرة دولة عربية هذا العام. وتمثل هذه الزمالات اعترافا بالإسهامات التي تقوم بها هؤلاء الباحثات في مجتمعاتهن المحلية، وتوجه إلى شباب الباحثين المتميزين.
وعلى سبيل المثال.. يولد الكثير من الأطفال في اليمن وهم يعانون من مرض فقر الدم المنجلي، لكن البلاد تفتقر إلى بيانات دقيقة حول انتشار المرض. وقالت الباحثة اليمنية أنيسة البيتي أخصائية أمراض الدم في مستشفى الملك عبد العزيز في جدة بالمملكة العربية السعودية: "يقيم بحثي حمل النساء اليمنيات اللائي يعانين من مرض فقر الدم المنجلي. وسيوفر هذا البحث البيانات المبنية على الأدلة اللازمة للحكومة؛ لتخصيص موارد كافية لتلبية الاحتياجات الطبية والاجتماعية لهؤلاء النساء".
وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، تقوم رولا عبد الغني، عالمة الأحياء الجزيئية في جامعة القدس، بفحص المؤشرات الحيوية للكشف مبكرًا عن أمراض السرطان المقاومة للعقاقير.
كما تُجري هند أبو شامة، عالمة الوراثة في جامعة الخرطوم، أبحاثًا عن الجينات التي تتحكم في استجابة جهاز المناعة للأمراض المعدية على نطاق واسع في السودان. وقالت إن أبحاثها "يمكن أن تساعد على توفير طرق أفضل لعلاج مضاعفات مرض البلهارسيا في السودان".
العقبات
أميل إلى الاعتقاد بأننا سنتحرر، وستكون لدينا مراكز أبحاث ذات جودة عالية في فلسطين والعالم العربي.
وعلى الرغم من أن التحاق النساء بجامعات العلوم يفوق كثيرًا الرجال في العديد من الدول العربية، إلا أنه ليس من السهل بالنسبة للنساء اختيار وظيفة في مجال العلوم في المنطقة. وقالت البيتي: "هناك تصور في المجتمعات العربية بأن النساء يجب أن تمنح الأولوية لأسرهن. ونظرًا إلى هذه الضغوط الاجتماعية، فإن النساء يخترن ـ في بعض الأحيان ـ التخلي عن أحلامهن من أجل أداء هذا الدور".
وقالت رولا عبد الغني إن المجتمع العلمي بأسره في الأراضي الفلسطينية المحتلة يواجه مشاكل خطيرة، وليس النساء فقط. وأضافت: "إن المجتمع يعاني الكثير.. فجيش الاحتلال يضطهد الجميع، ذكورًا وإناثًا، صغارًا وكبارًا. وفي فلسطين لا يوجد دعم للبحث العلمي، لا مِن الحكومة، ولا من القطاع الخاص. وما يفاقم الأمر سوءًا هو أن هناك فقط القليل من المِنَح التي يمكننا التقدم بطلب للحصول عليها".
وأوضحت هند أبو شامة أن ضعف البنية التحتية للأبحاث يعوق التقدم في كثير من الأحيان. وقد أنفقت السودان 0.29٪ من الناتج المحلي الإجمالي على البحث والتطوير في عام 2007، وهو ما يعادل 0.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية في شمال أفريقيا، ولكن هذا يُعتبر أقل بكثير من المعدل العالمي البالغ 2.2٪. وتابعت: "المواد والمعدات التي نستخدمها عادة ما تأتي من خارج البلاد، ومن الشائع أن تنتظر ستة أشهر، كي يصل طلبك".
ومع ذلك، فإن هذه التحديات لا تقلل من الشغف بالعلوم لدى الفائزات بجوائز الزمالة. وقالت البيتي: "أنا مفتونة بالقدرة على تفسير جوانب المرض من الملاحظة المجهرية للخلايا".
وأردفت رولا عبد الغني بأن "التقدم المنطقي للأبحاث هو أمر مذهل تمامًا".
خطط مستقبلية
تأمل كل من هؤلاء الزميلات بأن يساعد البحث العلمي في تحسين مجتمعاتهن المحلية. وترغب هند أبو شامة بأن تسهم في تطوير التعليم، ورفع مستوى الوعي بالصحة العامة في السودان، في حين أعربت البيتي عن رغبتها في أن تكونهناك خدمات عالية الجودة؛ لتوفير الدم في بلدها اليمن.
هذا.. في حين ترى رولا عبد الغني أن المستقبل قاتم. وقالت إن "عدم الاستقرار السياسي في فلسطين ـ على وجه الخصوص ـ وفي المنطقة ككل، يؤدي بالتأكيد إلى عدم الاستقرار والغموض الوظيفي بشأن المستقبل. إنني أميل إلى الاعتقاد بأننا سنتحرر، وستكون لدينا مراكز أبحاث ذات جودة عالية في فلسطين والعالم العربي؛ حيث سيرغب الطلاب في الدراسة للحصول على الدكتوراه، ومواصلة الدراسات ما بعد الدكتوراه".
واختتمت تصريحاتها قائلة: "بصراحة، ليس لدي أي فكرة عما سأفعله بعد عشر سنوات من الآن، لكنني أريد أن يكون هناك ـ يومًا ما ـ مركز لأبحاث السرطان على مستوى عالمي في فلسطين، وبالتأكيد سأواصل عملي في التدريس، جنبًا إلى جنب مع أبحاثي".
تواصل معنا: