مهندس نُقِلَ من ميدان التحرير إلى مجلس الوزراء المصري، وكافح من أجل إعادة بناء العلوم
محمد يحيى
حينما انضم أكاديميون إلى الملايين المحتجين في شوارع مصر في ربيع عام 2010، سرعان ما تَصَدَّرَ صوت مهندس مصري هتافات المتظاهرين المحتجين. وكان هذا الصوت هو صوت عصام شرف، الذي انطلق في خضم المظاهرات التي اندلعت في يناير/كانون ثان، ليصبح بعدها عصام شرف أول رئيس وزراء في حكومة ما بعد الثورة في آذار/مارس، يروج للعلم، كَحَلٍّ لمشكلات البلاد. لكن بحلول تشرين ثان/ نوفمبر، استقال شرف من منصبه، وسط موجة ثانية من الاحتجاج الشعبي.
وُلد شرف ـ البالغ من العمر 59 عامًا ـ في مصر، وحصل على شهادات في الهندسة من جامعة القاهرة، وجامعة بوردو في وست لافاييت بولاية إنديانا الأمريكية. وبحلول عام 2010، أصبح أستاذا في الهندسة بجامعة القاهرة، ومنتقدًا قويًّا لنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.
موقف شرف خلال الانتفاضة الشعبية أكسبه شعبية لدى شباب الثوار، وكان على رأس قائمة مرشحيهم لرئاسة الحكومة الانتقالية الجديدة، بالإضافة إلى أحمد زويل، عالم الكيمياء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا، الحائز على جائزة نوبل. وحينما تم اختيار شرف لرئاسة الوزراء، تجمع مئات الآلاف من الثوريين لتحيته في ميدان التحرير. ووسط هذا التجمع، قال لهم: "إذا لم استطع أن أحقق لكم التغيير الذي تريدونه؛ فسأعود إلى صفوفكم من جديد".
وبمجرد توليه منصبه، أكد شرف أن العلم يمكن أن يحل العديد من مشاكل التنمية الرهيبة في مصر، بدءًا من أمن المياه إلى الطاقة. وبدأت حكومة شرف صياغة خطط لتحسين نظام التعليم. وفى حزيران/يونيو الماضي، قال إنه وافق على مقترح قائم منذ فترة طويلة للدكتور أحمد زويل، لإقامة جامعة للأبحاث الأساسية والتطبيقية.
وقال شرف، خلال الإعلان عن إطلاق المشروع الذي يحمل اسم (مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا)، إن "الدول لا يمكن أن تتقدم بدون البحث العلمي".
وقال كوماريس سينها، أستاذ الهندسة المدنية في جامعة بوردو، الذي أشرف يومًا ما على شهادة شرف الجامعية: "مما لا شك فيه أنه كان مهندسًا صاحب رؤية". وأضاف بأن شرف "كان على مدى سنوات مدافعًا قويًّا عن العلوم والهندسة في العالم العربي، كوسيلة للنهوض وإصلاح المجتمع".
إن هذا النجاح في دعم شرف للعلم لم ينعكس على الناحية السياسية، حيث اتهم معارضون حكومة شرف بأنها ضعيفة، معتقدين بأن كافة الصلاحيات الحقيقية كانت في يد المجلس العسكري الحاكم. وحينما انعكست حالة الاستياء هذه في صورة احتجاجات عنيفة، اندلعت في تشرين ثان/نوفمبر؛ استقال شرف وحكومته.
وقد أجريت انتخابات في تشرين ثان/نوفمبر لاختيار برلمان جديد ، من المقرر أن يكتمل تشكيله في أوائل 2012، في حين ستجرى انتخابات رئاسية في حزيران/يونيو من عام 2012. لقد أصبح الغموض يلف حاليًا مستقبل العلم في مصر، مثلما هو الحال لمستقبل بلد بدأ يتشكل من جديد.
تواصل معنا: