افتتحت جامعة نيويورك أبوظبي الشهر الماضى، مختبراً لغويًّا في العلوم العصبية، مزودًا بجهاز التخطيط الدماغي المغناطيسي (MEG) لدراسة كيفية تعامُل المخ البشري مع اللغات.
قام معهد كانازاوا للتكنولوجيا في اليابان بتصنيع هذا الجهاز خصيصًا لجامعة نيويورك أبوظبي، حيث يُعدّ الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي. ويمتاز الجهاز بالحساسية الفائقة، وباحتوائه على ماسح ضوئي، وبكونه قادرًا على تتبع التقلبات المغناطيسية الدقيقة في المخ.
ويحتوي الجهاز على 200 جهاز استشعار، موضوعة داخل صندوق كبير - على غرار مجفف شعر ضخم بصالون للحلاقة - لتحديد النشاط العصبي بكل دقة.
يقول أليك مارانتز، مدير المختبر: "ربما نكون المختبر الوحيد على مستوى العالم الذي يجمع بين قياسات لحظية متزامنة لجهاز التخطيط الدماغي المغناطيسي MEG، وجهاز التخطيط الدماغي الكهربي EGG، ورصد حركات العين (باستخدام متعقب لحركة العين)، وكذلك رصد حركة الرأس ( باستخدام نظام يراقب وَضْع الرأس كل ثانية)، فى حين نجعل إشارة جهاز التخطيط المغناطيسي متاحة أول بأول ".
وطبقاً لما قاله كولين فيليبس، الخبير اللغوي في جامعة ميريلاند، ومدير مركز متخصص في تكنولوجيا التخطيط الدماغي المغناطيسي، فإن موقع المختبر يجعله مميزًا. ويضيف فيليبس: "إنَّ جهاز التخطيط الدماغي المغناطيسي يقيس مجالات مغناطيسية غاية في الصِّغَر، تولدت عن النشاط العصبي، وبالتالي فإن كمية الضجيج الكهرومغناطيسي الأخرى في بيئة المختبر تُحْدِث فرقًا كبيرًا فى القياس. ويُعَدّ مختبَر جامعة نيويورك أبوظبي بيئة هادئة إلى أبعد الحدود. لذلك فإنه قادر على تقديم تسجيلات دماغية أكثر دقة وحساسية من تسجيلات ممكنة في أماكن أخرى حول العالم."
لقد بدأ علماء المختبر بالفعل في دراسة اللغة العربية بلهجاتها المختلفة، المنطوقة والمكتوبة، وبنيتها التركيبية المتفردة. وطبقاً لما ذكره مارانتز، فإن النتائج الأولية تُظْهِر أنه على الرغم من البناء المميز للجملة العربية، إلا أن المخ يفسرها على نحو مماثل لغيرها من اللغات.
ويقول فيليبس:"نريد أنْ نفهم كيف يجعل المخُّ لغةً بشريةً ممكنةً بشكل عام، واللغات الفردية يمكنها ـ ببساطة ـ أنْ تخلق نافذةً مفيدةً على تلك القدرات البشرية العامة."، ويضيف قائلاً: "إن اللغة العربية سوف تضيف بلا شك ـ رؤى جديدة إلى فهمنا لآلِيَّة معالجة المخ للغة بصفة عامة."
وهذا التبصُّر في كيفية معالجة المخ للغات سيساعد الباحثين على اكتشاف ما يحدث من أخطاء في أدمغة الأشخاص الذين لديهم صعوبة مع اللغة، في حالات الأشخاص الذين يعانون من ضعف قدراتهم اللغويةو الذين فقدوا القدرة على الكلام عقب الإصابة بصدمةٍ، أو مرضٍ ما.
يأتي هذا المختبر ضمن مشروع شراكة يتعلق بعلم اللغات مع المختبر اللغوي في العلوم العصبية بجامعة الإمارات، التي تتخذ من مدينة العين مقرًّا لها، وذلك بهدف تبادل الموارد والخبرات، والتعاون في المشاريع البحثية.
ويؤكد القائمون على المختبر حرصهم على التعاون مع الباحثين الذين يعملون على لغات أخرى غير العربية في المنطقة.
تواصل معنا: