تواجه منظمات الغوث فشلا في التعامل مع أعداد اللاجئين السوريين التي تتزايد بسرعة بسبب سوء التخطيط على المدى الطويل.
أندرو بوسون
تواجه منظمات الغوث فشلا في تلبية الاحتياجات الصحية الملحَّة للملايين من السوريين، سواء ممن بقوا في أماكنهم أو ممن طردوا من بيوتهم، وفقا لمراجعة داخلية لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وأشار التقرير -شارحًا أوجه القصور في عمل الوكالة- إلى عدم وجود استراتيجيات طويلة الأجل، وسوء التنسيق.
وجاء في التقرير الداخلي الذي نُشر في يوليو تحت عنوان "من الغليان البطيء إلى نقطة الانهيار" أن المفوضية لم تضع طريقة استجابة منسقة في المراحل المبكرة من حالة الطوارئ السورية، على الرغم من تفويضها بـ"قيادة وتنسيق العمل الدولي" لشؤون اللاجئين.
ويشير التقرير إلى "وجود تصور أن المفوضية كانت في بعض الأحيان أكثر انهماكا في إدارة عملياتها الخاصة على حساب تنسيق الاستجابة الشاملة للاجئين".
وقد تفاقمت الأزمة السورية بشكل كبير، وارتفع عدد اللاجئين المسجلين من 65.253 إلى 1.53 مليون خلال العام الماضي. ويُذكر أن نحو 8,000 شخص يفرون من البلاد كل يوم، وتبذل المفوضية جهودا كبيرة للتعامل مع الأعداد المتزايدة من اللاجئين منذ النصف الأخير من عام 2012. ومع تزايد القتال المكثّف، يتوقّع البعض أن التقديرات بوصول عدد اللاجئين إلى نحو 3.5 ملايين التي كانت متوقعة مع نهاية عام 2013، قد تصبح أمرا واقعا قبل ذلك التاريخ.
في تقييم أجري مؤخرا في شمال سوريا، تم تحديد القضايا الصحية بوصفها الخطر الأكبر الذي يواجهه السوريون. فقد غادر البلاد نحو 70٪ من المهنيين الطبيين، وتعاني قرابة 60٪ من مرافق الرعاية الصحية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من التضرر الشديد أو الدمار. كما أن تفشي الأمراض المعدية -مثل الحصبة والتيفوئيد وداء الليشمانيات والتهاب الكبد- سريع، في حين لا تتوفر سبل علاج الأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان.
"انها أمراض الفقر الكلاسيكية: وفيّات الرضع مرتفعة، وأوزان المواليد منخفضة، وخدمات الصحة الإنجابية غير متاحة"، استنادا إلى آدم كوتس، الباحث في جامعة كامبريدج، الذي كتب حول الشؤون الصحية السورية.
في المناطق المجاورة مباشرة، تعاني أنظمة الرعاية الصحية والبنية التحتية في كل من الأردن ولبنان ضغوطًا جرّاء تدفق اللاجئين. وقد خفضت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تعويضاتها المخصصة للرعاية الصحية بسبب نقص التمويل، ومعظم اللاجئين لا يستطيعون دفع الفرق.
"إن الفقراء هم الذين يعانون أشد المعاناة، لذا فعندما لا يعمل نظام الرعاية الصحية في لبنان أو الأردن أو تركيا بشكل جيد، فلن يعاني الملياردير نتيجة لهذا، بل المرأة القروية الفقيرة"، استنادا إلى باترسون ماتشاريا نجوغو، المسؤول الأعلى لشؤون الصحة العامة بالمفوضية.
ويشير كوتس إلى أن جزءا -على الأقل- من الأزمة الصحية ناتج عن سوء التخطيط الاستراتيجي لوكالات الغوث. فالعديد من المنظمات تستخدم "قالبا" من المساعي الإنسانية الأخرى التي لا تتناسب مع الأزمة السورية. وحثّ وكالات الغوث على وضع خطط طويلة الأجل لتأسيس البنى التحتية والخدمات العامة، وهي توصية وردت في تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ومع ذلك، فإن نجوغو وفابيو فورجيوني -رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في لبنان- يشككان في فعالية التخطيط على المدى الطويل عند وجود نقص فعلي في التمويل. وعندما ينتهي الصراع، ستكون هناك حاجة إلى خطة لإعادة ملايين السوريين إلى منازلهم المدمرة، أو ستجد الوكالات نفسها مضطرة لمواجهة جديدة، مع الحاجة للاستجابة لحالات الطوارئ بدلا من أن تكون مستعدة لها.
"إننا نحاول أن نضع معا بعض الحلول المتوسطة والطويلة الأجل لطرق إعادة بناء النظام الصحي داخل سوريا، ولكن كان بوسعنا أن نضع البنى التحتية [في مكان آخر] قبل الأزمة"، حسب قول كوتس.
doi:10.1038/nmiddleeast.2013.140
United Nations High Commissioner for Refugees. From slow boil to breaking point: A real-time evaluation of UNHCR’s response to the Syrian refugee emergency (2013)
Coutts, A. and Fouad, F.A. Response to Syria's health crisis—poor and uncoordinated. The Lancet (2013) doi:10.1016/S0140-6736(13)61421-X)61421-X
تواصل معنا: