المناخ وعدم الاستقرار يهددان مصادر الماء والغذاء في الشرق الأوسط
نشرت بتاريخ 9 مايو 2014
التغيرات المناخية وعدم الاستقرار في المنطقة يؤثران سلبيا على المزارعين في الشرق الأوسط.. ويفاقمان انعدام الأمن المائي والغذائي.
صوفي كزنز
يواجه لبنان تحديا كبيرا في أمنه الغذائي والمائي مع استمرار تدفق اللاجئين السوريين ووضعه ضغطا هائلا على موارد البلاد، وفق ما حذر تقرير جديد.
قام التقرير الصادر عن الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة الأمريكية في القاهرة، بقياس التغيّرات الطارئة على توفّر المياه والإنتاج الزراعي نتيجة للتغير المناخي والنمو السكاني في لبنان ومصر. وقد خلُص إلى أن لبنان يواجه شحّا خطيرًا في المياه، وأنه يجب أن يتوقع حدوث انخفاض في هطول الأمطار بسبب تغيّر المناخ.
ويعرض التقرير دراسة حالتين: واحدة عن البقاع، المنطقة الأولى من حيث الإنتاج الزراعي، وكفردبيان، الأكثر غنى بالمياه مع كون أراضيها الزراعية أقل ملاءمة.
قال أكثر من 40% من مزارعي كفردبيان، و81% من مزارعي البقاع: إنهم كانوا يواجهون نقصًا في المياه، تفاقم بسبب قرب المنطقة من سوريا، مما أثر على كمية المياه المتوفرة للقرى ونوعيتها، وعلى الأمن الغذائي والأراضي المتاحة مع تواصل تدفق اللاجئين.
ويقول نديم فرج الله -المشارك في وضع التقرير، والأستاذ المشارك في علم المياه البيئية في كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت-: إنه يتوقع أن يزداد وضع المياه في لبنان سوءًا. "لقد أصبح لدينا رسميًّا مليون لاجئ، وكان فصل الشتاء لدينا سيئا جدًّا مع شح أمطاره.
"ستعاني المياه ضربًا من 'النفاد'، بمعنى أن الينابيع ستجفّ في وقت مبكر من السنة، وستكون المياه الجوفية هي المصدر الوحيد مع تناقص مستواها. وسنسحب مياه البحر على طول الساحل بمعدل أكبر من ذلك بكثير. جميع هذه العوامل تنذر بالسوء للعام القادم إذا لم نحصل على ما يكفي من الأمطار والثلوج".
يوافق مايكل ميسُن -أستاذ الجغرافيا البيئية المساعد في كلية لندن للاقتصاد- حيث يقول: "إن تدفق اللاجئين السوريين ليس بالأمر الذي يمكن أن تكون الحكومة اللبنانية قد أُعِدّت له بشكل معقول".
ويضيف التقرير أن الأزمة السورية كانت كبيرة الأثر على الأمن الغذائي، وخاصة في منطقتي البقاع وشمال لبنان الأكثر فقرًا، فالوضع هناك أكثر خطورة؛ لأن المساعدات الدولية كانت غير مكافئة لحجم الأزمة.
سوء إدارة المياه
تواجه الحكومات في كلا البلدين تهديدات خطيرة على مستوى الأمن القومي ولديها مجموعة سكانية منقسمة بشدة.
في مصر، يلقي التقرير باللائمة على سوء الإدارة السياسية لبنية الري التحتية بحسبانها سببًا لنقص المياه، مع التركيز على ثلاث مناطق: شبرا قبالة في الدلتا، والإمام مالك بوادي النطرون، وأبو منقار بالصحراء الغربية. وكان العديد من المزارعين في القرى الثلاث قد لجأوا إلى حفر آبار خاصة للحصول على ما يكفي من مياه الري. ولكن أقل من 10% من المزارعين استطاعوا تحمل كلفة حفر آبار خاصة بهم.
وقد أدى ضعف إمدادات مياه النيل -إذ لا يمكن الاعتماد عليها- إلى إفراط المزارعين في ري أراضيهم في الأيام التي تتوفر فيها المياه.
ويضيف التقرير أن تحدّيات تغيّر المناخ في البلدين كليهما، مثل زيادة تغيرات درجات الحرارة الموسمية، وزيادة الظواهر الجوية المتطرفة، وارتفاع منسوب مياه البحر، تضاعفت جميعها بسبب القيود المالية.
"تواجه الحكومات في البلدين كليهما تهديدات خطيرة على مستوى الأمن القومي، ولديها مجموعة سكانية منقسمة بشدة. والأولويات الحالية ليست تغيّر المناخ أو النمو السكاني، بل استقرار النظام، وبالنسبة لمصر بشكل خاص، التدخلات الخارجية"، حسب قول ميسُن.
ويوصي التقرير بإيجاد بنية تحتية وممارسات أكثر كفاءة للريّ في مصر ولبنان. ويقترح إدخال نظام تناوب إجباري للمحاصيل في المنطقة الواحدة في مصر لمواجهة ندرة المياه وتأثيرات تغيّر المناخ، وكذا دعم الأسمدة والمساعدة في تسويق المحاصيل.
يجب إجراء حملات توعية للمزارعين في لبنان لتثقيفهم حول تأثيرات تغير المناخ وطرق مواجهتها.
"يمكن التغلّب على تزايد الندرة الطبيعية عن طريق التنمية الاقتصادية والبشرية، وذلك باستخدام المزيد من "المياه الافتراضية" [المياه المُتَضمّنة في المحاصيل المستوردة] وباعتماد أنظمة ريّ عالية الكفاءة -كما يوصي التقرير"، وفق قول ميسُن.
"[ولكني] أعتقد أن التقرير كان بإمكانه أن يعترف أكثر بالحاجة لمساعدة دولية ضخمة من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة وتعزيز البنية التحتية للمياه في شمال شرق لبنان على حدّ سواء".
تواصل معنا: