محاصيل الحبوب استُئنست قبل 500 سنة أسبق مما كان يُظَن
نشرت بتاريخ 30 ديسمبر 2014
ثمة دراسة تشير إلى أن سكان شمال أفريقيا قد دجنوا زراعة محاصيل الحبوب قبل 500 عام على الأقل أسبق مما كان يُظن من قبل.
محب قسطندي
في شمال أفريقيا شرع سكان العصر الحجري الحديث في استغلال محاصيل الحبوب قبل 500 عام على الأقل أسبق مما كان يُظَن من قبل، وفقًا لبحث جديد نُشر في PLOS ONE.
استُئنست محاصيل الحبوب -كالقمح والشعير- لأول مرة في الشرق الأدنى قبل نحو 10,500 سنة، ثم امتدت غربًا، إلى أوروبا والبحر الأبيض المتوسط، وشرقًا، عبر وسط آسيا وجنوبها.
ويأتي أقرب دليل على استئناس محاصيل الحبوب في شمال أفريقيا من منطقة الفيوم في مصر الوسطى، ويعود تاريخها إلى نحو 4350 ق.م. ولكن مع الاتجاه جنوبًا، نحو شمال السودان ووسطه، تندر بقايا النبات، ولذا افترض علماء الآثار أن مجتمعات العصر الحجري الحديث في هذه المنطقة اقتاتت بتربية المواشي.
في واحدة من الدراسات القليلة من نوعها1 ، قام عالم النباتات الأثرية ماركو ماديللا -من جامعة بومبيو فابرا في برشلونة- وزملاؤه بفحص بقايا نباتية مجهرية من المنطقة؛ لإعطاء صورة أوضح عن كيفية انتشار الزراعة من الجنوب إلى شمال أفريقيا.
وبالعمل في مقبرتين من العصر الحجري الحديث في شمال السودان ووسطه، فحص الباحثون حصيات نباتية حصلوا عليها من عينات من اللويحات السنيّة من 20 هيكلاً عظميًّا. تتشكل الحصيات النباتية التي يُشار إليها أحيانًا باسم "الحجارة النباتية" عند قبط السيليكا الموجودة في المياه الجوفية من قبل النباتات وترسبها بين الخلايا، مما يؤدي إلى تشكل بنى دقيقة تشبه الهيكل العظمي.
قورنت الحصيات النباتية بمجموعة مرجعية للتأكد من أنها كانت بالفعل محاصيل حبوب. وقد كشف تقدير العمر بالكربون المشع أيضًا أن الحصيات النباتية سابقة زمنيًّا على تلك التي كانت قد وُجِدت في الفيوم، في العصر الحجري الحديث؛ فالحصيات التي عُثر عليها في مقبرة في شمال السودان كان عمرها 7,000 سنة على الأقل، وكان عمر تلك التي عُثر عليها في وسط السودان يتراوح بين 7,500 و6,500 سنة.
ليس لهذه المحاصيل أسلافٌ برّيّة في المنطقة، لذا يُحتمَل أن تكون الحصيات النباتية قد نشأت من النباتات المستأنسة التي جُلِبَتْ إلى الجنوب من وادي النيل. وتشير نتائج الدراسة أيضًا إلى أن النظام الغذائي لهذه المجموعات السكانية كان يتضمن مجموعة واسعة من الحبوب المختلفة، كما يقول ماديللا: "كانت هذه المجتمعات تستغل الموارد النباتية استغلالاً واسعًا، يشمل ذلك مختلف البقوليات والدُّخن، ويتضمن الحبوب المتوطنة المزروعة محليًّا".
تقول أليسون وايسكوف -الخبيرة في تحليل الحصيات النباتية في جامعة لندن-: إنه بالرغم من أن نتائج البحث مثيرة للاهتمام ومتطورة، فالعمل ليس حاسمًا. كما تقول: "لقد أنتجت عينة واحدة فقط 32 حصاة نباتية، وهذه وحدها لا يمكنها أن تثبت التوطين"، مضيفة: "ولكن العينة الأخرى أكبر بكثير، وتشير إلى استغلال مجموعة واسعة من الأعشاب البرية".
"في حين أن الجدل على الحبوب المستأنسة يفتقر إلى مزيد من الأدلة، فإن الحصيات النباتية تُظهر مدى الفائدة التي قد تكون لبيانات الأحفوريات الدقيقة جيدة التحديد من أجل فهم استغلال النبات".
حاليًّا يسعى ماديللا وزملاؤه إلى توسيع بحثهم ليشمل مقابر أخرى من العصر الحجري الحديث في المنطقة، مع اتباع "طرق أكثر منهجية في جمع عيّنات من القبور، وطحن الحجارة المودعة كسلع فيها، وحساب عمر الأسنان"، وفقًا لقوله.
تواصل معنا: