نظام رعاية صحية متهالك في سوريا: ترِكة النزاع السوري
نشرت بتاريخ 30 ديسمبر 2014
يدفع السوريون وجيرانهم ثمنًا باهظًا من جرَّاء انهيار نظام الرعاية الصحية في سوريا، مع انتشار الأمراض المعدية وعبورها الحدود، أثرًا جانبيًّا للصراع.
سدير الشوق
مع استمرار الصراع الذي بدأ منذ ثلاث سنوات في سوريا، فإن أزمة الرعاية الصحية في البلادتعني أن إمكانية تحوّل الأمراض المعدية إلى أوبئة قد بلغت أوْجَها، وفقًا لدراسة نُشرت في PLOS Pathogens.
تصف هذه الدراسة1 الأزمة بأنها "طارئة صحية عمومية تسبب قلقًا دوليًّا"، لا بسبب عودة ظهور الأمراض التي يمكن توقيها باللقاحات في سوريا فحسب، ولكن بسبب انتشارها إلى بلدان أخرى مع تدفق اللاجئين.
فقد عاود شلل الأطفال الظهور من جديد في سوريا؛ بسبب التراجع الكبير في معدلات التطعيم نتيجة للصراع الدائر. وفي العراق، البلد المجاور، الذي أنهكته الحرب أيضًا، جرى تأكيد حدوث حالة شلل الأطفال في شمال بغداد في مارس هذا العام، وهي الحالة الأولى منذ 14 عامًا. واستجابة لهذه الحالات، أطلقت منظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، ووزارات الصحة في سبعة بلدان؛ أكبر حملة تطعيم في تاريخ المنطقة، في محاولة للوصول إلى أكثر من 25 مليون طفل. وعلى الرغم من نجاح الحملة، فإن مئات الآلاف من الأطفال لا يزالون غير محصّنين، ولا تزال إمكانية انتشار شلل الأطفال في جميع أنحاء المنطقة وما وراءها أمرًا ممكن الحدوث، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
في لبنان، التي تستضيف بعض المخيمات الكبرى للاجئين السوريين، ارتفع معدّل الإصابة بالحصبة بين المواطنين اللبنانيين؛ بسبب القصور في برنامج التطعيم.
والأن أصبح داء الليشمانيات، الذي كان مستوطنًا مناطق سورية على مدى عقود، موجودًا أيضًا في تجمعات اللاجئين في لبنان والأردن. ووفق الدراسة التي نُشرت في PLOS Pathogens، من الممكن أن تكون ذبابة الرمل الناقلة للمرض قد انتقلت إلى لبنان مع اللاجئين، مما أثار المخاوف من إمكانية انتشار المرض إلى عموم السكان.
الطريق إلى التعافي
تقول سهى كنج -من الجامعة الأميركية في بيروت، واحدة من مؤلفي هذه الدراسة-: "سيحتاج التحسن على المستوى الوطني إلى دفعة دولية وسياسية هائلة، من أجل الحصول على التمويل والموارد، ومن أجل توزيعها بذكاء".
وعلى المدى الطويل، يبدو تدهور نظام الرعاية الصحية مثبطًا للهمم. فكما يقول اغبرت سوندورب -المحاضر البارز في شؤون الصراع والصحة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي-: "كلما طال أمد الحرب، يلحق الدمار بالمؤسسات التي تعتبرها مضمونة، أو أنها تتوقف عن العمل بشكل صحيح"، ويضيف: "إن انعدام الثقة هو شأن آخر. واستعادة الثقة صعبة جدًّا". ويقارن الوضع بصراعات البلقان؛ حيث فضّلت بعض المستشفيات إحدى المجموعات العرقية على سواها، مما حدا بالناس إلى فقد الثقة في الأطباء والنظام الطبي بكامله.
وفقًا لدراسة نُشرت في دورية The Lancet هذا العام، فالعديد من المستشفيات السورية تعطي الأولوية لمعالجة المقاتلين، منقصة من فرص المدنيين في الحصول على الرعاية الصحية. وقد عمدت المجموعات المسلحة والقوى المناهضة للحكومة إلى تهديد الأطباء واستهدافهم، مرغمة إياهم على الاختيار بين مساعدة المرضى أو النجاة بحياتهم. وقد فرّ المتخصصون في الرعاية الصحية من سوريا والعراق، تاركين وراءهم فراغًا ولّده غياب الكفاءات في كلا البلدين.
ونتيجة لعسكرة الرعاية الصحية، فقد الكثير من المواطنين الثقة في مهنية المهنيين الصحيين وحيادهم.
يقول سوندروب: "إذا كان لديك اتفاق سلام جيد وحكومة شرعية مع بعض الموارد الخارجية، فستتمكن بالتاكيد من إجراء الإصلاح، ولكنه يستغرق في العادة زمنًا أطول بكثير مما يظن الناس"، ويضيف: "لا تتوقع حلولا سحرية؛ فالأمر يتطلب بعض الوقت لاستعادة النظم واستعادة الثقة. ستكون بحاجة إلى بذل الجهد على المدى الطويل إذا كنت تريد تقديم العون".
تواصل معنا: