سمكة صغيرة في البحار متوسطة العمق ذات تأثير كبير على اقتناص الكربون
نشرت بتاريخ 26 مارس 2014
دراسة تكتشف أن الكتلة الحيوية لأسماك البحار متوسطة العمق تفوق التقديرات السابقة بكثير.
لويز سارانت
تعادل الكتلة الحيوية لأسماك البحار متوسطة العمق -التي تعيش على أعماق تتراوح بين 200 و1000 متر تحت سطح المحيط- عشرة أضعاف الكتلة التي قدرت سابقا بـ1000 مليون طن، استنادًا إلى أنشطة الصيد بالشباك.
قام فريق من الباحثين -بقيادة سابيير إريغوين، مدير مركز البحر الأحمر في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا- بنشر النتائج التي توصلوا إليها هذا الشهر في دورية Nature Communications. وقد أتت هذه النتائج من الملحوظات الصوتية التي سُجِّلت في أثناء حملة الطواف الإسبانية Malaspina 2010. استنادًا إلى هذه البيانات، يقول الباحثون إن الكتلة الحيوية لأسماك البحار متوسطة العمق تقع في مرتبة أعلى بدرجة واحدة مما كانوا يعتقدون.
كان الهدف الأساسي للطواف، الذي امتد بين عامي 2010 و2011، هو فهم أعماق المحيطات بشكل أفضل، واستخدم الفريق بقيادة إريغوين، جهاز الصدى SIMRAD EK60 الذي يعمل على تردد 38 كيلوهرتز؛ للحصول على بيانات الكتلة الحيوية لأسماك البحار متوسطة العمق على امتداد مسافة البحث البالغة 32,000 ميل (51,500 كم).
استخدم المؤلفون القياسات الصوتية، وتحليل حساسية البيانات الصوتية، واستكملوها بالنمذجة التي حُدّدت استنادًا إلى بيانات الأقمار الصناعية عن الإنتاجية الأولية ودرجة الحرارة.
"لقد كانت ثمة استهانة بشأن هذه التجمعات السمكية، مما يدل على ضحالة فهمنا لأعماق المحيطات، وعلى احتياجنا الفعلي لبعثات مثل مالاسبينا"، وفقًا لقول إريغوين.
تُعد منطقة البحار متوسطة العمق -التي تقع بين سطح المياه المضاءة بنور الشمس والهاوية السوداء في القعر- الموطن الأكثر غنًى بالفقاريات على سطح الأرض. وتتمكن أسماك البحار متوسطة العمق -التي تُعرف باسم Cyclothone، والبالغ طولها بضعة سنتيمترات- من الهروب من شباك الصيد، مما يفسر سبب نقص تقدير الكتلة الحيوية لأسماك البحار متوسطة العمق.
غرق الكربون
من المرجح أن ترتفع أهمية المحيطات في اقتناص الطاقة وتنظيم الكربون.
في كل ليلة، تسبح أسراب من أسماك البحار متوسطة العمق من أعماق المحيطات إلى سطحها؛ لتتغذى على العوالق الحيوانية المنجرفة، قبل أن تعود إلى الأعماق مرة أخرى عند الفجر، بعد أن تكون قد استهلكت كمية كبيرة من المواد العضوية.
ووفق قول أمير عبد الله -زميل أبحاث في علوم المحافظة على البيئة البحرية في جامعة كوينزلاند، أستراليا، وكبير استشاريي علم التنوع البيولوجي البحري والمحافظة عليه مع البرنامج البحري والقطبي العالمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)- فإن أسماك البحار متوسطة العمق ربما تشكل أكبر هجرة للفقاريات في الغلاف الحيوي؛ نظرًا للحجم الكبير لكتلتها الحيوية.
بهذه الطريقة، تلتقط هذه الأسماك كميات كبيرة من الكربون، وتطلقها في المياه العميقة أسرع بكثير من أي كائن حي آخر. "هذا السلوك الغذائي والحركي ينقل المواد العضوية -بما تحويه من الكربون- إلى المياه العميقة، حيث يمكن أن يستخدم بشكل أكثر سهولة في شبكات التغذية الأعمق والدورات البيوجيوكيميائية"، استنادًا إلى قول عبد الله.
كان هذا التدفق الفعال لثاني أكسيد الكربون معروفًا بالفعل، ولكن حساب الكمية المقتنصة والمنقولة كان خطأً. "كان يُعتقد في السابق أن كفاءة السلسلة الغذائية في المحيطات المفتوحة أقل مما هي عليه في المناطق الساحلية؛ نظرًا لأن العوالق النباتية أصغر"، كما يقول إريغوين.
ولكن الدراسة الجديدة تظهر كيف تعمل أسماك البحار متوسطة العمق على تسريع "المضخة البيولوجية" من خلال تقليل كمية ثاني أكسيد الكربون من المياه السطحية، وتحويلها بشكل براز إلى الطبقات الأعمق من المحيطات. وبالتالي، يمكن اعتبار كفاءة النظم الإيكولوجية للمحيطات المفتوحة في نقل المواد الغذائية والطاقة التي يولدها المنتجون الأساسيون مماثلة لكفاءتها في المناطق الساحلية.
يشرح عبد الله أنه نظرًا لأن المياه السطحية والمياه العميقة تغطي 66٪ من مساحة الأرض، فإن القدرة على تسخير مثل هذا الكمّ العالي من الطاقة الغذائية والاستحواذ عليه ليست مستغربة. ويتابع: "من المرجح أن ترتفع أهمية المحيطات في اقتناص الطاقة وتنظيم الكربون مع تطور علم المحيطات والبحار من خلال التقدم التكنولوجي والوصول إلى قاطنيها".
من أجل جمع تقديرات أكثر دقة، وضمانًا لفهم أفضل لتركيبة الأحياء المستوطنة في البحار متوسطة العمق وخصائصها الصوتية، يوصي عبد الله باستخدام التكنولوجيا الصوتية المحسّنة، وإرسال البعثات إلى مناطق تمثيلية أخرى ذات إنتاجية أولية مختلفة.
ويدعم رأيَه باحثون في جامعة الملك عبد الله، كانت خلاصة بحثهم: "هذه النتائج تدعو إلى محاولة تحسين دقة تقديرات الكتلة الحيوية والتركيبة المكونة لأسماك البحار متوسطة العمق واستنتاج تفاصيل القوى المستهدفة".
doi:10.1038/nmiddleeast.2014.75
Irigoien, X. et al. Large mesopelagic fishes biomass and trophic efficiency in the open ocean. Nature Communications (2014) doi:10.1038/ncomms4271
تواصل معنا: