خطر داهم يهدّد السلاحف البحرية التي يجري اصطيادهاعَرَضا

كثيرا ما تموت السلاحف البحرية المهددة بالانقراض، التي يجري اصطيادها عرضا في البحر المتوسط، بعد أشهر من إطلاق الصيادين لسراحها، وفقا لدراسة جديدة.

استوطنت السلاحف محيطات العالم لأكثر من 100 مليون سنة، ومن بين الأنواع السبعة التي لا تزال موجودة، هناك ثلاثة في البحر المتوسط: السلحفاة الخضراء (Chelonia mydas)، والسلحفاة جلدية الظهر (Dermochelys coriacea)، والسلحفاة ضخمة الرأس (Caretta caretta).

وتصنف جميعا بأنها مهددة بالانقراض على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة IUCN، ولكن الباحثين يشيرون إلى أن الصيد العرَضي للسلاحف ضخمة الرأس يؤدي إلى تأخير نفوقها.

وقد جرى اصطياد أكثر من 10,000 سلحفاة بحرية ضخمة الرأس عرَضا بواسطة أسطول الخطوط الطويلة الإسباني، الذي يعمل في جنوب غرب البحر المتوسط كل عام. وينفق نحو 40٪ منها في غضون ثلاثة أشهر من إطلاقها إلى البحر مرة أخرى، وفق قول ويس كاردونا، عضو مجموعة بحوث الفقريات البحرية الكبيرة من جامعة برشلونة، والمؤلف المشارك في الدراسة.

قام كاردونا وفريقه بتركيب واسمات ناقلة على 26 من السلاحف البحرية ضخمة الرأس التي كانت قد اصطيدت عرضا، وتعقبوها بالأقمار الصناعية.

غالبا ما تعلق سنارة الطعم في فكي السلاحف ضخمة الرأس التي تعضها أو تبتلعها، أو تعلق في فمها، أو المريء أو المعدة. وبدلا من سحب السلاحف إلى القارب لتخليصها من السنانير وخيوطها، يكتفي الصيادون بقطع الخيط فحسب، ويعيدون إطلاقها إلى الماء.

تنزل خيوط الصيد المبتلعة إلى القناة الهضمية للسلحفاة إلى أن تخرج من المذرق، مسببة نفوقها في أسابيع أو أشهر من اصطيادها عرضا.

لم تتم إزالة السنانير خلال الدراسة، وتُركت خيوط الصيد المبتلعة في مكانها؛ لمساعدة الباحثين على جمع مزيد من المعلومات حول احتمال النفوق بعد إطلاق السلاحف بسبب الصيد بالخطوط الطويلة.

"نفقت اثنتان من السلاحف ضخمة الرأس مباشرة بعد أسرهما، بسبب الإصابات الناجمة عن الخطاف"، وفق قول كاردونا. في حين أن السبب الدقيق لنفوق السلاحف المتبقية لم يجرِ تحديده رسميا، استنادا إلى الدراسات السابقة، يقدّر كاردونا أن خيط الصيد يقتلها في نهاية الأمر.

تجارة اللحوم

لا أعرف ما إذا كانت هذه القوانين قد أنقصت حقا هذه التجارة، أم أنها جعلت التجار أكثر حذرا فحسب

ازداد تهديد وجود السلاحف ضخمة الرأس بشكل أكبر في شرق البحر المتوسط، خصوصا في اليونان وليبيا ومصر، حيث ينتشر قتلها المتعمد على نطاق واسع.

"في اليونان، يلقي الصيادون باللوم على السلاحف في ندرة الأسماك، في حين يؤدي استهلاك لحوم السلاحف ضخمة الرأس في مصر وليبيا وتونس في الآونة الأخيرة، إلى استنفاد أعدادها"، وفق قول كاردونا. وفي ليبيا، تؤخذ البيوض من الأعشاش وتؤكل.

الإصابات التي تحدث أثناء الصيد العرضي هي السبب الرئيسي لنفوق السلاحف البحرية على مقربة من السواحل المصرية والليبية، ولكن اصطيادها بغرض الاستفادة من لحومها يشكل أيضا تهديدا لوجودها، كما يقول محمد ندا، ممثل جمعية البحر المتوسط لإنقاذ السلاحف البحرية (MEDASSET)، وعضو الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، وهي منظمة غير حكومية.

"قبل عشر سنوات، كان من الطبيعي أن تجد سلاحف حيّة للبيع في سوق الأنفوشي للأسماك بالإسكندرية"، يقول ندا. ولكنه يحذّر قائلا إنه على الرغم من عدم بيع لحومها الآن بشكل علني، إلا أن تجارة لحوم السلاحف ما زالت مستمرة.

منذ أن وقّعت مصر معاهدة حماية التنوع البيولوجي الدولية، ووضعت قوانين وطنية تعاقب على صيد الأنواع المهددة بالانقراض وبيعها؛ يتجنب الصيادون الذين يصطادون السلاحف البحرية تحريات خفر السواحل عن طريق تقطيع السلاحف على المركب ووضع لحومها في أكياس بلاستيكية؛ لبيعها أو أكلها في وقت لاحق.

"لا أعرف ما إذا كانت هذه القوانين قد أنقصت حقا هذه التجارة، أم أنها جعلت التجار أكثر حذرا فحسب"، يقول ندا. وبإجراء مسح على الصيادين على ساحل البحر المتوسط في مصر في عام 2011، وجد أن الإحصائيات تشير إلى أن أكثر من 7,000 من السلاحف ضخمة الرأس والسلاحف الخضراء قد اصطيدت خلال عام في مصر وحدها.

اشترك للحصول على النشرة الإلكترونية المحدّثة كل أسبوعين لكي تبقى على اطلاع بكافة المستجدات على الموقع.