الشعاب المرجانية التي عُثِر عليها قبالة الشاطئ العراقي، على الرغم من وجود الرواسب وتلوُّث المياه، توسّع مجال التنوُّع الحيوي للبلاد.
كيرا ووكر
تكيّف مجمع حيّ من الشعاب المرجانية في بيئة كان يُعتقد سابقًا أنها غير مرحّبة بالشعاب المداريّة؛ بسبب الرواسب، والتلوث النفطي، وارتفاع درجة حرارة مياه البحر.
نشر باحثون من أكاديمية فرايبيرغ التكنولوجية، ألمانيا، وجامعة البصرة، النتائج التي توصلوا إليها هذا الشهر في دورية Scientific Reports الإلكترونية، بعد اكتشاف الشعاب المرجانية في أثناء الاستكشافات المشتركة التي قام بها غواصو وحدتي علوم البحار التابعتين لهما.
يقول برودر ميركل - نائب رئيس البحوث في أكاديمية فرايبيرغ التكنولوجية، ورئيس المركز العلمي للغوص التابع للمؤسسة-: "إن الاكتشاف مهم، ولا سيّما بالنسبة للعراق؛ وذلك لأن المعتقد علميا أنه في ظل مثل هذه الظروف البيئية، لا يمكن للشعاب المرجانية المدارية أن تنمو أو تبقى على قيد الحياة. كما يدل على أن التنوع البيولوجي في المياه العراقية أوسع مما كان يُعتقد".
تتوزع الشعاب المرجانية على نطاق واسع في جميع أنحاء الخليج الفارسي، ولكن لم يُعثَر عليها في القسم الضيق من الساحل العراقي. إن الكيلومترات الثمانية والخمسين التي تمثل امتداد البلاد في الخليج الفارسي هي في الغالب عبارة عن دلتا المستنقعات التي يشكلها التقاء نهري دجلة والفرات مع نهر كارون، والتي تجتمع لتشكيل منبع شط العرب، المصدر الرئيسي لتدفق المياه في الخليج.
يقول علي دعيبل -رئيس مجموعة الدلتا البحثية وقسم الكيمياء البيئية البحرية في مركز علوم البحار، جامعة البصرة-: إن الخليج الفارسي يعتبر أكثر البحار دفئًا على الأرض. ومياه البحر التي تصل درجة حرارتها إلى ما بين 14 و34 درجة مئوية بشكل معتاد تتجاوز درجة الحرارة التي تتحملها معظم الشعاب المرجانية، والتي تتحمل عمومًا درجات الحرارة التي تتراوح بين 18 و28 درجة مئوية.
وقال ميركل: إننا لا نعرف الكثير بعد عن الشعاب المرجانية، إلا أن فريق البحث يتوقع أن يكون هناك ما هو أكثر من مجرد مجموعة واحدة من الشعاب المرجانية في المياه العراقية.
ستكون مشاركة علماء من بلدان أخرى في المستقبل موضع تقدير.
ويقول واضعو الدراسة: إن المجموعات الواسعة من الشعاب المرجانية لا توجد عادة في المياه التي تحتوي على كميات عالية جدا من المغذّيات أو تركيزات الرواسب المعلَّقة.
إن الحمولة المرتفعة من المغذيات، القادمة مما يطرحه شط العرب، والتي تؤدي إلى عدم وضوح الرؤية قبالة السواحل العراقية –التي غالبا ما تكون محدودة بمتر أو أقل- منعت ملاحظات الأقمار الصناعية من تحديد الشعاب المرجانية في المنطقة.
تغطي الشعاب السليمة نسبيا مساحة 28 كم2 على عمق 7- 20 مترًا، ويلاحظ دعيبل أن هذا كان مميزًا؛ لأن الشعاب الأعمق قد تكون أقل عرضة لحركة تيارات المد والجزر، ذات القوة المعتدلة في المنطقة.
وتشير الدراسة إلى عدد ضئيل من الصخور المرجانية التي أمكن تحديدها من الشعاب المرجانية العراقية؛ بما فيها نجوم البحر الثعبانية الهشّة Ophiuroidea التي لا يُعرف الكثير عنها، والتي تشمل نجوم السلة، والنجوم الهشة، والنجوم الثعبانية.
كما لوحظ قرب السطح أيضًا الإسفنج (الإسفنجيات) وثنائيات الصدفة، التي إما أن تنافس الشعاب المرجانية من أجل المكان، أو أن تسبب تآكل هيكلها حيويا. تتميز الإسفنجيات بأنها فائقة الحساسية للرواسب المعلَّقة، ونادرًا ما توجد في ظروف كهذه.
يقول دعيبل: إن المياه الساحلية العراقية تواجه عددًا كبيرًا من التهديدات، ومنها تأثير استخراج النفط والغاز، والتنمية الساحلية مع الهندسة البحرية غير الملائمة، والصيد غير المستدام، وسوء إدارة النفايات، وتدهور نوعية المياه.
ويضيف أن حماية الشعاب المرجانية يمكن أن تزيد غلة الصياد العراقي بشكل كبير، لأن 49٪ من أنواع الأسماك المحلية تعتمد على الشعاب المرجانية، ولكنها اضطرت إلى الاعتماد على الشعاب الأكثر بُعدًا.
ويشير باحثو الدراسة إلى أن تقييم صحة الشعاب المرجانية العراقية قد يكون علامة بيولوجية قيّمة؛ نظرًا لأن تأثيرات تغيّر المناخ قد أصبحت أكثر وضوحًا.
"هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث المكثفة تحت الماء. وفي الوقت الحاضر، يجري التخطيط لحملتي بحوث عراقية- ألمانية، ولكن مشاركة علماء من بلدان أخرى في المستقبل، ستكون موضع تقدير"، وفقًا لقول ميركل.
doi:10.1038/nmiddleeast.2014.91
Pohl, T. et al. Discovery of a living coral reef in the coastal waters of Iraq. Scientific Reports (2014) doi:10.1038/srep04250
تواصل معنا: