الإمساك بالشمس: تحدي الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط
نشرت بتاريخ 22 يناير 2015
قد تكون المنطقة ’محترقة بالشمس‘، ولكنها ما تزال تصارع لتحقيق إمكانياتها من الطاقة الشمسية.
باكينام عامر
إذا كان هناك من سلعة متوفرة بسخاء في الشرق الأوسط، فهي أشعة الشمس. ومع ذلك، وبقليل من الاستثناءات، عندما يتعلق الأمر باستغلال الطاقة الشمسية، لا تزال المنطقة على بعد أميال من الانتفاع بإمكانياتها. إن مجرد عدم تحويل المنطقة لأكبر قدر تستطيع تحويله من أشعة الشمس، يدفع العديد من الباحثين إلى أداء دور لتحسين هذا المعدل.
العلماء في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST)، هم من أولئك الذين يعملون دون كلل في هذا المسعى. ففي هذه الجامعة، يعتمد جهد كبير متناسق على ’نقاط الكم‘ -البلورات النانوية شبه الموصلة التي يمكن ضبطها لامتصاص الضوء بأطوال موجات متفاوتة- وهو عين ما يحتاجه الشرق الأوسط بديلاً للخلايا الشمسية.
"في المنطقة تحت الحمراء من الطيف لدينا الكثير من الضوء والحرارة اللذَين لا تمتصهما الخلايا الشمسية"، كما أخبر أحد العلماء زييا ميرالي، الكاتبة في Nature Middle East التي توضح هذه التكنولوجيا وتشرح إمكانات نقاط الكم هنا.
لكن التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة، التي تتضمن الطاقة الشمسية، لم يعد مسألة صقل التكنولوجيات فحسب، بل إيجاد حلول للفجوة المتنامية بين الارتفاع الشديد في الطلب على الكهرباء وتراجع القدرة على توليد الطاقة.
في بلد كالمملكة العربية السعودية مثلاً، ثمة تباين كبير بين العرض والطلب المحتملَين، كما يكتب جان لوك بريدَس، رئيس مركز أبحاث هندسة الطاقة الشمسية والخلايا الضوئية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ومارك فيرميرش، المدير الإداري للمركز. ويحذران من أن الاعتماد على مولدات الطاقة التقليدية التي تعمل بالنفط سيؤدي إلى استهلاك الاحتياطي الوطني الآخذ في التناقص بشدة، فضلاً عن تفاقم تأثيرات تغيُّر المناخ.
"في المملكة العربية السعودية واحد من أعلى مستويات الإشعاع على الأرض، وهو يتجاوز 2000 كيلو واط ساعي/م2 / سنة"، كما يقولان. "قد يكون هذا إيذانًا بميلاد واحدة من أقل الطرق تكلفة لإنتاج الكهرباء في العالم (LCOE) من مصادر الطاقة المتجددة".
تفخر دولة الإمارات العربية المتحدة بإطلاقها مؤخرًا مدينتَها البيئية ضمن عاصمتها أبو ظبي. وتهدف مدينة مصدر -التي أنشأها معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا- إلى أن تكون واحدة من أكثر مدن العالم استدامة.
تأسست مدينة مصدر الساحلية من قِبل مجموعة من الباحثين الدوليين، وهي تحصل على طاقتها من شمس 1، إحدى كبريات محطات توليد الطاقة في الشرق الأوسط. ويعمل الباحثون على الاستبدال بالألواح الشمسية التي تعوق عملَها المستوياتُ العالية لغبار الصحراء في دولة الإمارات العربية المتحدة. يتراكم الغبار على اللوحات منقصًا كفاءتها بدرجة كبيرة. العلماء ملتزمون بإنتاج الخلايا الشمسية المثالية الهجينة، ولكنهم يواجهون عقبات، من بينها تردد المستثمرين في التركيز على الطاقة المتجددة بدلاً من النفط. وتشرح الكاتبة نادية العوضي كل هذه الأمور هنا.
ولكن على الرغم من التحديات، فقد أدت هذه المشاريع إلى إنتاج بحوث ممتازة، وتحاول التأثير على أسواق الطاقة من خلال إنتاج طاقة شمسية أكثر كفاءة وبأسعار مقبولة.
لا يمكن قول الشيء نفسه عن المشروع الأكثر تبشيرًا، ونعني به مبادرة ديزرتيك (تكنولوجيا الصحراء) الصناعية، فقد كان ديزرتيك مشروعًا عالي الطموح بالنسبة للمنطقة، بميزانية متوقعة تبلغ 400 مليار يورو ويدعمه ماليًّا 19 مساهمًا رئيسيًّا، لم يستمر منهم إلا ثلاثة فقط. وقد تراجع طموح ديزرتيك بالفعل ليكتفي بدور مزود خدمة لقلة من المشاريع في المنطقة، بدلاً من الدور الذي كان معدّا له كمؤثر رئيسي على السياسة وواضع لأسس مشروع يربط كهربائيًّا بين مناطق الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
قد تكون المشكلة لدى صانعي القرار في الحكومات التي تمنح الاستثمار للأعمال التجارية أو البحوث أو تحجبه عنها. أو ربما كانت المشكلة مع الصناعة نفسها، والتي لم تجد بعد حلاًّ وسطًا جيدًا بين طموح الاستدامة والتكلفة الفعلية. وقد تكمن الصيغة الصحيحة في المواءمة بين البحث والاستثمار بتوقعات ممكنة التحقيق للتكلفة والقوى العاملة.
ومهما يكن الحل، فالواقع لا يتغير: قدرة الطاقة تضعف، وثمة حاجة ماسَّة إلى مصدر بديل للطاقة. ويتفق عدد كبير من العلماء على أن الطاقة الشمسية هي الخيار الواضح، ونحن بحاجة لجعلها أكثر من مجرد حلم بعيد المنال.
تواصل معنا: