على مدى العقد المقبل، من المرجّح أن يصاب واحد من كل أربعة سعوديين بنوبة قلبية، وبعض النوبات قد يكون قاتلاً، كما تكشف دراسة جديدة.
لويز سارانت
على مدى السنوات العشر القادمة، سيكون واحد من كل أربعة سعوديين عرضة لخطر الإصابة بنوبة قلبية قاتلة، وفقًا لدراسة أجراها فريق من الباحثين بقيادة محمد عادل صوفي، الاستشاري المساعد في قسم أمراض القلب في مركز الأمير سلمان لطب وجراحة القلب، في مدينة الملك فهد الطبية في الرياض.
مجموعة من 4,900 سعودي من سكان المناطق الحضرية خضعوا لمراقبة الفريق، كان 26% منهم مرتفعي الخطورة للإصابة بأزمة قلبية خلال العقد المقبل. لم يكن لدى أفراد المجموعة تاريخ من أمراض القلب والأوعية الدموية، وكانت تتراوح أعمارهم بين 20 سنة و40.
قُدِّمت هذه النتائج الباعثة على القلق الشهر الماضي، في المؤتمر السنوي السادس والعشرين لجمعية القلب السعودية.
يقول صوفي: "تبدأ أنماط الحياة غير الصحية في سن مبكرة في الخليج، ويجني الناس عواقبها في وقت مبكر من الحياة"، ومن بين الأفراد موضع الدراسة، وجد الباحث 25% منهم مصابين بالسكري، و34% مصابين بارتفاع ضغط الدم، وكان 25% منهم من المدخنين، و27% منهم يعانون السمنة، و86% لا يقومون بأي نشاط بدني، و19% مصابين باضطراب الدهنيات في الدم، أي المستوى غير الطبيعي للدهون في الدم.
استخدم العلماء مقياس فرامنغهام للأخطار، وهو خوارزمية خاصة بكل من الجنسين لتقدير مخاطر الإصابة القلبية الوعائية للفرد خلال السنوات العشر القادمة.
وقد أدى الانتشار الواسع لسلاسل المطاعم الغربية للوجبات السريعة في المملكة الغنية، وما أضيف إليه من ندرة النشاط البدني، إلى مستويات شديدة الارتفاع في كل من داء السكري والسمنة.
يوضح صوفي ذلك بقوله: "إنهم يتناولون المزيد من الوجبات السريعة ولا يمارسون الرياضة. وتتأسس الإصابة بتصلب الشرايين، والسمنة وسواهما من عوامل الخطورة الأخرى في مرحلة مبكرة جدًّا، وتؤدي إلى نوبات قلبية وحتى الموت في سن مبكرة".
عند استبعاد مرض السكري بوصفه عاملاً مساهمًا، انخفضت نسبة الأفراد مرتفعي الخطورة للإصابة بنوبة قلبية قاتلة أو غير قاتلة إلى أقلّ من 5%، مما يشير إلى أن مرض السكري هو السبب الرئيسي لأمراض القلب والشرايين.
واستنادًا إلى قول جو برويتو، أستاذ الطب في جامعة ملبورن، والمتخصص في مرض السكري من النوع2، فإن هذا المرض عامل خطورة كبير لإصابات الأوعية التاجية، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أنه يظهر غالبًا مع المتلازمة الأيضية التي تجمّع عوامل خطورة متعددة في الفرد الواحد. "لذا، إذا كنت تعاني السمنة وداء السكري من النوع 2 فمن المرجّح أن تعاني مستويات غير طبيعية من الدهون ومن ارتفاع ضغط الدم"، كما يقول.
"إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، فسيشكل الأفراد الذين يبلغ عمرهم اليوم 30 سنة عبئًا على المجتمع، بدلاً من أن يسهموا فيه بنشاط في سن الخمسين"، وفق قول صوفي.
مرض السكّري مسؤول أيضًا عن تصلب الشرايين، الذي هو تضّيق في الأوعية الدموية الصغرى والكبرى، يؤدي إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتات الدماغية.
يقول سعود السفري -رئيس قسم الأمراض الباطنية، ومدير مركز السكري في مستشفى القوات المسلحة بالهدا، الطائف، المملكة العربية السعودية-: "نعلم من دراسات سابقة أن أكثر من 60% من مرضى السكري يموتون بسبب نوبة قلبية".
وعلى الرغم من الملحقات الواسعة بالمستشفيات السعودية لتوفير الرعاية للعدد المتزايد من مرضى القلب، فإن الطلب يفوق الموارد المتاحة، كما يقول، مضيفًا: "إن تدابير المرضى المصابين بالأمراض القلبية الوعائية تستحوذ على القسم الأكبر من ميزانية الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية".
يشرح خالد الحبيب -رئيس جمعية القلب السعودية- أن دول الخليج تتمتع برعاية ثالثية متطورة لمرضى القلب فيها، ولكنها تفتقر إلى برامج الوقاية الأولية.
ويُنظر إلى حملات التوعية باعتبارها الخيار الأفضل لتعديل أنماط الحياة غير الصحية على مستوى السكان، ولكن الحملات التي أُطلقت في المملكة حتى الآن لم تكن ناجحة.
"لقد فشلت معظم حملات الصحة العامة"، وفق قول برويتو، الذي يصر على أننا "يجب أن نمنع السمنة، المحرك الرئيسي للسكري من النوع2، عن طريق وقاية الأطفال من البدانة"، ويضيف: فور أن يصبح الشخص بدينًا، يصبح إنقاص الوزن ثانية تحديًا.
ويعتقد السفري أنه لإنقاص معدلات الوفيات الناجمة عن أمراض القلب، يجب أن يدرك الشعب السعودي حجم المشكلة. مستنتجًا: "يجب أن تكون هناك حملات توعية على شاشة التلفزيون، وفي الصحافة، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، مشفوعة ببرامج تعليمية في المدرسة؛ لتسليط الضوء على عوامل الخطورة، وتغيير السلوك".
تواصل معنا: