سيستخدم باحثون في جامعة الملك سعود في الرياض تقنية ليزر الأتوثانية ليتمكنوا من مراقبة الميلانين عن كثب، ولمعرفة كيف يعمل.
ياسمين باسكال خليل
تهدف التجربة الأولى في مختبر حديث إلى الكشف عن الآلية المجهرية التي تتيح للميلانين حماية الجلد من الأشعة فوق البنفسجية الخطرة.
سيكون مختبر علوم الأتوثانية (ASL) في جامعة الملك سعود (KSA) هو الأول من نوعه في العالم العربي بين المختبرات التي تستخدم تقنية ليزر الأتوثانية المتقدمة، التي تستطيع توليد نبضات ضوئية شديدة القصر، تستمر لمدة بضعة أجزاء من المليار من جزء من مليار جزء من الثانية، وتتمكن من التقاط صور لإلكترونات داخل الذرات تتعذر رؤيتها بطريقة أخرى.
سيطلق الباحثون في البداية نبضة ليزر بطول فيمتوثانية تحاكي أشعة الشمس، تتلوها نبضة استكشافية بطول أتوثانية لتتبّع تأثير الدفعة الضوئية الأولى على الجهاز. بعدئذٍ سيقوم نظام تحليل طيفيّ بالتقاط التفاعل بين الضوء والمادة وتحليله.يودّ الباحث الرئيسي، عادل حسيب، أن يفهم بطريقة أفضل الاستجابات الموصّليّة والموصّليّة الضوئية للميلانين في حالاته الفيزيائية المختلفة: الصلبة، والعجينة، والسائلة.
"وبشكل أكثر تحديدًا، كيف يتمكن هذا الجزيء من منع الفوتونات فوق البنفسجية من تحطيم روابط البنية الجزيئية وتغييرها، وبالتالي الوظيفة؟" وفق قول الباحث المشارك فرنك كراوز، الذي يتابع: "يجب أن تؤدي الإلكترونات في جزيء الميلانين دورًا أساسيًّا في هذه الآليات".
إنه يأمل أن تساعد مراقبة ما يحدث ضمن الجزيء على إجابة هذه الأسئلة."الميلانين موصل عضوي معروف، تُحمل شحنته على إلكترونات وبروتونات"، وفقًا لحسيب. "إننا نريد أن نعرف ما هي أنماط الحَمَلة المسيطرة عند مستويات الترطيب، والتأكد من الموصّليّة الضوئية في هذه الحالات المتنوعة عند المستويات المختلفة لدرجة الحموضة (pH) والتحميل المعدني".
يتابع حسيب: "يجب أن تساعدنا النبضات فوق البنفسجية القصيرة التي يولدها ليزر الفيمتوثانية والأتوثانية في كشف بعض تفاصيل هذه التفاعلات الغامضة غير المخرّبة لفوتونات الميلانين عالية الطاقة، وربما أرشدتنا إلى طرق للوقاية من الإشعاعات النووية باستعمال مواد عضوية".
يجب أن تساعدنا النبضات فوق البنفسجية القصيرة التي يولدها ليزر الفيمتوثانية والأتوثانية في كشف بعض تفاصيل هذه التفاعلات الغامضة غير المخرّبة لفوتونات الميلانين عالية الطاقة يمكن لشعاع الأتوثانية فائق التطور أن ينتج نبضات ليزر مكثفة وأشكال موجية متحكم بها بشكل جيد، تتألف من بضع دورات موجية فقط. ويوضح كراوز، أن هذه النبضات، تتركز في غاز نيون نفّاث داخل غرفة تخلية.
"يقوم الحقل الكهربائي القوي لهذه النبضات بفصل الإلكترون الذري الأضعف ارتباطًا؛ ليبعده عن النواة، ثم –في نصف الدورة التالي- يدفعه مرة أخرى إلى جوار النواة"، كما يقول.يمكن مقارنة الجهاز بكاميرا فائقة السرعة ذات قدرة على أخذ لقطات سريعة لحركة الإلكترونات في الأجهزة الذرية المجهزة بدقة الأتوثانية.
في الماضي، استخدم فريق البحث في جامعة الملك سعود معدات البحث القياسية، إلا أن المختبر الجديد سيمنح الباحثين المحليين فرصة لإجراء بحوث مبتكرة وحديثة، كما يقول حسيب.
يقول ستيفن ر. ليون -الباحث من جامعة كاليفورنيا بيركلي، الذي لم يكن مشاركًا في الدراسة-: "إن استخدام قياسات الأتوثانية لفهم ديناميات الإلكترون أمر واعد لمعالجة مشاكل أشباه الموصلات والمواد شديدة الارتباط بها، إضافة إلى هجرة الشحنة في الجزيئات".
تقول الباحثة المستقلة من المجلس الوطني للبحوث في إيطاليا (CNR-IFN)، فرانشيسكا كاليغاري -التي دأبت على العمل في مجال الأتوثانية منذ عام 2006-: إن مصادر ليزر الأتوثانية تبدو جذابة في العديد من المجالات، مثل الفيزياء الذرية والجزيئية، وعلم المواد المكثّفة والكيمياء.
وتضيف: "في مجال الكيمياء الضوئية والبيولوجيا الضوئية، ما يمكن اعتباره تقدمًا حقيقيًّا هو فهم دور ديناميات الإلكترون في العمليات الكيميائية الضوئية التي يطلقها تفاعل الجزيئات الحيوية مع الفوتونات عالية الطاقة"، مؤكدة أنه "سيسهم في فتح آفاق جديدة مهمة في الفهم التام للعمليات الأساسية، مثل تلف الـDNA والحماية الضوئية".
يخطط الفريق في مختبر علوم الأتوثانية (ASL) أيضًا لاستخدام المختبر في إجراء مزيد من الاختبارات على الميلانين، لاستنتاج دوره في الحماية من الإشعاع وخصائصه المغناطيسية، ولدراسة العمليات الابتدائية في التفاعلات الكيميائية.
وكما يقول الباحث المشارك ماتياس كلينج: "ثمة مختبرات لليزر فائق السرعة تعمل بنظام الفيمتو ثانية غير هذا المختبر، ولكن هذا هو المختبر الوحيد القادر على استكشاف عمليات سريعة كهذه -بسرعة تصل إلى 1,000 ضعف السرعة التي يمكن استكشافها في الوقت الراهن في المملكة".
تواصل معنا: