إطلاق الدليل على خطورة تدخين النرجيلة

يطالب خبراء الصحة بإجراءات أكثر صرامة حيال تدخين النرجيلة، قائلين إن رواجها يقوض الجهود المبذولة في مكافحة التدخين.

في الشرق الأوسط المعدل الأعلى عالميًّا لانتشار تدخين الأركيلة، وأكثر ما يتركز في لبنان والأردن وفلسطين، وفقًا لجيما فيستل، من ’مبادرة التحرر من التبغ‘، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، التي شاركت في اجتماع مؤتمر التبغ أو الصحة (WCTOH) العالمي السادس عشر في أبو ظبي الشهر الماضي.

يعترف الباحثون بعدم كفاية البحوث التي أُجريت على الآثار الكاملة لتدخين الأركيلة -المعروفة أيضًا باسم الشيشة، والحقّة، أو النرجيلة- ولكن الدراسات الجديدة غير المنشورة تشير إلى مخاطر صحية خطيرة.

"لا نعرف سوى القليل جدًّا عن هذا الأمر، ولا شيء تقريبًا عن تأثيراته على المدى الطويل"، وفق قول مايكل فايتسمان، من كلية الطب في جامعة نيويورك (NYU)، الذي يدّعي أن تدخين النرجيلة قد يقضي على ملايين البشر ما لم يتصرف الناس بسرعة.

يبحث فايتسمان وزميله، تيري غوردون، في تأثير تدخين الأركيلة على نوعية الهواء في الأماكن المغلقة في المنازل. جمعت دراستهم -التي لم تُنشر بعد- عيّنات الهواء من 33 منزلاً في دبي قبل وفي أثناء وبعد تدخين النرجيلة داخل هذه المنازل.

وجد الباحثان أن تركيزات الجسيمات المحمولة جوًّا، الكربون الأسود وأول أكسيد الكربون، كانت بمستويات مرتفعة تعادل المستويات التي قيست سابقًا في حانات الحقّة في مدينة نيويورك. وفي حين أن الباب المغلق يساعد على الحدّ من انتشار الملوّثات، إلا أنه لم يمنع بشكل تامّ انتشارها إلى مناطق أخرى من المنزل. 

يقول فايتسمان: "يشكّل الدخان غير المباشر الناتج عن تدخين الشيشة في المنزل خطرًا كبيرًا على الأطفال والكبار على حد سواء". 

يلاحظ فايتسمان وغيره من خبراء الصحة أنه على الرغم من تراجع استخدام السجائر أكثر من 30% في العقد الماضي، فإن شعبية تدخين النرجيلة آخذة بالازدياد. وإذا استمرت دون تنظيم، فسوف تقوض جهود مكافحة التبغ. 

قوانين أكثر تشددًا

من المرجح أن يؤدي الانتظام في تدخين النرجيلة بالشخص إلى نفس الحلقة المعيبة من الاعتماد والمرض الذي يعانيه مدخنو السجائر

يقول محمد جواد -من كلية الصحة العامة في إمبريال كوليدج في لندن-: إن تدخين النرجيلة قد يكون ضارًّا كتدخين السجائر. كما يرى ضرورة اتفاق خبراء الصحة على "رسالة ضرر موحدة"، ويدعو الأطباء لسؤال مرضاهم بشكل روتيني عن تدخينهم النرجيلة.

كما يضيف: "إننا بحاجة للتوصل إلى بعض التدخلات القائمة على الأدلة في ذلك المجال"، مشيرًا إلى أن "النرجيلة [الآن] تماثل السجائر قبل 70 عامًا؛ فهي الأمر المألوف. إنها تاريخ يعيد نفسه".

ويبدي آلان شحادة -من الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)- مخاوف مماثلة، إذ يقول: "لقد علمنا أن دخان النرجيلة يحتوي على كميات وفيرة من نفس المواد الكيميائية المسببة للإدمان والسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والأوعية الدموية بين مدخني السجائر".

"تشير كافة الأدلة العلمية المتوفرة إلى الاتجاه نفسه، من المرجح أن يؤدي الانتظام في تدخين النرجيلة بالشخص إلى نفس الحلقة المعيبة من الاعتماد والمرض الذي يعانيه مدخنو السجائر".

واتفق الخبراء في مؤتمر أبو ظبي على أن حظر تدخين النرجيلة في هذه المرحلة سيكون شديد الصعوبة؛ لزيادة الطلب عليها، ولكنهم طالبوا بمزيد من الضوابط المشابهة لضوابط تدخين التبغ.

وقد جمع الباحثون من الجامعة الأميركية في بيروت، والمنطقة العربية، والولايات المتحدة، البحوث ذات الصلة على مدى العقدين الماضيين، والتي نُشرت في ملحق في ¹Tobacco Control، وأوصوا بتشديد القوانين الحالية ومراجعتها لمعالجة تدخين النرجيلة بشكل مناسب.

تقول ريما نقاش -الأستاذ المشارك في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت-: إن القضية الرئيسية هي أن التشريع الحالي لا ينص على وجوب وجود التحذيرات الصحية على جسم النرجيلة وملحقاتها.

كانت البحوث التي أجريت حتى الآن محدودة النطاق، ولكن المؤلفين جمعوا كافة المنشورات المحكّمة الخاصة بهذه القضية منذ عام 1991، واستنتجوا أن هناك ما يكفي من الأدلة لدعم التدخلات الصحية العامة التي تبرز تدخين النرجيلة بوصفه "تهديدًا استنشاقيًّا خطيرًا".

"إنه وباء عالمي، لا يستوطن الشرق الأوسط فقط"، كما يقول فايتسمان.

اشترك للحصول على النشرة الإلكترونية المحدّثة كل أسبوعين لكي تبقى على اطلاع بكافة المستجدات على الموقع.