أخبار

Read this in English

كيف تطور نبات ليصبح لاحمًا

نشرت بتاريخ 30 سبتمبر 2016

دراسة جديدة تسلط الضوء على التحديد الجزيئي الدقيق لأسلوب حياة النبات اللاحم فينوس صائد الحشرات

باكينام عامر

وجبة وشيكة تحفّز الأوبار المستهدفة الحساسة للمس داخل فينوس صائدة الذباب.
وجبة وشيكة تحفّز الأوبار المستهدفة الحساسة للمس داخل فينوس صائدة الذباب.
© Sönke Scherzer

إن المسار الذي قطعته فينوس صائدة الذباب من فريسة عاجزة أمام آكلات اللحوم إلى كائن مفترس آكل للحم، كان دائمًا غير مفهوم بما يكفي من الناحية الجزيئية.

الآن نشر علماء من ألمانيا والمملكة العربية السعودية الدراسة1 الأكثر تفصيلًا حتى وقتنا الحالي عن اتجاهات التكيُّف الجزيئي المساهمة عندما تلتقط Disonaea muscipula إحدى وجباتها وتتناولها- وبالتالي، سلطوا المزيد من الضوء على النباتات اللاحمة.

تتمتع فينوس صائدة الذباب بخصائص مورفولوجية وفيزيولوجية مشابهة لأي نبات أخضر. ولكن الأنواع النباتية المفترسة طورت فخًّا على درجة عالية من التخصُّص لصيد الحيوانات.

وهو يعمل كما يلي: تعمل الورقة مزدوجة الفصّ بمثابة فخ مفاجئ، سطحه الداخلي مجهز بأوبار حساسة للَّمس، تعمل على  ترجمة التحفيز الميكانيكي إلى إشارة كهربائية تُعرف بأنها جهد الفعل (AP).

كل لمسة تولّد جهد فعل يحفظه النبات في "ذاكرته".

عندما تُلمس الأوبار الحساسة مرةً واحدة، يتأهب الفخ ويأخذ وضعية الانتباه، واللمسة الثانية تسبب إغلاقًا وامضًا للفخ، وإطباقًا على الفريسة. بعدئذٍ يفرز النبات المفترس عصارات هاضمة محددة لالتهام فريسته.

يمكن لفينوس صائدة الذباب أن تحصي أعداد جهد الفعل المتولّدة، لتحفظ كم مرة لمستها حشرة، لكي تمنع بدورها الإنذارات الكاذبة التي سيكون من شأنها –خلافًا لذلك- أن تدفعها لإطباق فخها قبل الأوان.

بالتدقيق في استراتيجية الصيد التي تتبعها، اكتشف العلماء أن النبات في أثناء تطوره، قد أعاد برمجة أنظمته الدفاعية المرتبطة نمطيًّا بالنباتات آكلة الأعشاب، لكي يصبح لاحمًا.

"لا توجد جينات أو منتسخات نوعية لآكلات اللحوم"، وفق ما يخبر المؤلف راينر هيدريخ -من جامعة فورتسبورغ- نيتشر مِيدِل إيست، ويتابع: "...لكن Dionaea غيّرت المسارات الأساسية لتحويل مُدافَعة العامل المُمْرِض إلى هجوم. إنها طريقة ذكية جدًّا من أجل "إعادة تدوير" الموارد المتاحة".

تُنتج النباتات آكلة الأعشاب عادةً هرمون إجهاد يسمى حمض الجاسمونيك (JA) عندما تصاب بجرح، ولكن فينوس صائدة الذباب تطورت بحيث تستخدام JA بطريقة مختلفة؛ رافعةً درجته عن طريق فخها المحفّز بالحشرات بدلًا من ذلك. هذه الآلية تحول رقم جهد الفعل إلى إشارة كيميائية تبلغ فينوس صائدة الذباب بالحجم التقريبي للفريسة ومحتوياتها من العناصر المغذية. 

وقد استخدم النبات أيضًا نظامًا دفاعيًّا آخر يتعرف على الغزاة لمصلحتها– وهو التلامس مع الكيتين.

"في الأحوال العادية يعني التلامس مع الكيتين خطرًا على النبات– أي أن الحشرة ستأكل النبات"، وفقًا لقول هيدريخ.

يوجد الكيتين عادة في الهياكل الخارجية للحشرات. ولكن فينوس صائدة الذباب قد تطورت للكشف عن التلامس مع الكيتين، الذي يدل بدوره على التركيب الكيميائي لفريستها، لكي تتمكن من تنظيم إنتاج الإنزيمات الهاضمة استنادًا إلى هذه المعلومات.

فمثلًا، يؤدي التلامس مع الكيتين الآن إلى تفعيل الجينات التي تدفع صائدة الذباب لإنتاج كميات إضافية من الإنزيمات الهاضمة للكيتين.

في دراستهم، استحدث العلماء بروفيلات منتسخات جينومية للفخاخ قبل التغذية وفي أثنائها، وقارنوها بأنسجة نباتية أخرى. والنتائج التي توصلوا إليها تؤكد الافتراض المألوف بأن الفخاخ هي أوراق معدّلة. في الواقع، عندما تكون الفخاخ في حالة الراحة، فإنها تعمل بمنزلة أوراق عادية، أي أنها عضو التمثيل الضوئي في النبات.

إلا أن الغدد التي تعزِّز هضم الحشرات، تشبه الجذور في نمط التعبير الجيني الخاص بها.

"لقد اعتمدت Dionaea آلية تشبه الجذور بالنسبة لبعض الخلايا الورقية"، وفق قول هيدريخ. وهذا يعني أن الطريقة التي تشارك بها الجذور في امتصاص العناصر المغذية من التربة مشابهة للطريقة التي تمتص بها صائدة الذباب المواد المغذية المستمدة من فريستها. وكلتاهما يوجهها البرنامج الوراثي نفسه.

ويستنتج العلماء أنه "من المرجح جدًّا ألا تكون صفة أكل اللحوم قد استُحدثت حديثًا في النباتات، بل هي نتيجة للتحسينات الذكية لمسارات موجودة مسبقًا".

وقد استخدموا الفحص البروتيومي لتقييم السائل الهضمي لصائدة الذباب، والمجهر الإلكتروني لدراسة التركيب الدقيق لغدد الفخ.

عن الخطوة التالية يقول هيدريخ: "في الدراسات المستقبلية، نريد بالتالي أن نعرف ما هي الأدوات التي يحتاجها النبات ليأكل الحيوانات ويقتات عليها".

doi:10.1038/nmiddleeast.2016.151


  1. Bemm F. et al. Venus flytrap carnivorous lifestyle builds on herbivore defense strategies. Genome Research.http://dx.doi.org/10.1101/gr.202200.115 (2016)