أُسِّست مزرعة دار سي حماد المستلقية على سفوح جبل بو تمزكيدا الذي يحيط به الضباب في جنوب المغرب، من أجل مساعدة المجتمعات الريفية الفقيرة مائيًّا، ولتكون بمنزلة مركز أبحاث لتكنولوجيا المياه المستدامة.
تمكنت المنظمات غير الحكومية باتباع بعض الطرق من تغيير شكل الحياة في العديد من القرى المحيطة بها.
يواجه المغرب عجزًا مائيًّا، ومعدل ما يحصل عليه المقيم من المياه العذبة أقل من عُشر كمية المياه العذبة التي يحصل عليها المقيم في أوروبا، على الرغم من أن النقص موزَّع على نحو غير متساوٍ بين السكان. فالنخب الحضرية، التي لا تكاد تشعر بنقص المياه، تستمتع بأحواض السباحة، وكثيرًا ما تغسل سياراتها، بينما يحصل المقيمون في بعض المجتمعات الريفية الفقيرة بالكاد على بضعة لترات من المياه العذبة يوميًّا.
في محاولة لمساعدة بعض من هذه المجتمعات المحرومة، انضمت دار سي حماد إلى منظمات غير حكومية في كندا وألمانيا؛ لإنشاء مزرعة لحصاد الضباب، خدمةً للقرى في جبل بو تمزكيدا.
"لقد عاش هؤلاء الناس بمياه شحيحة لعدة قرون، ولكن كمية المياه المتاحة تتناقص باستمرار بسبب دورات الجفاف"، كما توضح جميلة برغش، مديرة المشروع.
لجمع الضباب، عُلّقت شبكة مشدودة على ارتفاع عدة أمتار فوق سطح الأرض. تدفع الريح الضباب خلال الشبكة، مما يسمح بالتقاط قطيرات الماء العائمة في الشبكة، ومن ثَم جمعها، وتوصيلها إلى قناة تحتها.
تقول منظمة FogQuest الكندية غير الحكومية إن كل متر مكعب من الضباب يحمل عادة ما بين 0.05 و0.5 جرام من الماء السائل. تقود الرياح الأسرع المزيد من المياه في التُّرفة الصغيرة الجامعة، ولكنها على الأرجح ستعرض الشبكة للتلف.
وتعتمد جامعات الضباب المثبتة على جبل بو تمزكيدا على تقنية من FogQuest. "بالنسبة لنا، تُعَد الرياح واحدة من القضايا الرئيسية للتصميم الحالي؛ إذ هي تمزق شباك الضباب، فيتوجب علينا الصعود إلى أعلى الجبل وتغييرها. إنها مهمة شاقة"، وفق قول برغش.
على الرغم من التحديات، يتمكن جامعو الضباب من حصاد ما يكفي من المياه الوفيرة للقرويين، بحيث ارتفع معدل استهلاكهم اليومي من المياه العذبة إلى ثلاثة أضعافه. بالإضافة إلى ذلك، لم تعد النساء والفتيات مضطرات لقضاء الكثير من ساعات يومهن في جلب الماء من الآبار.
وتعمل دار سي حماد مع مؤسسة المياه Water Foundation، وهي منظمة ألمانية غير حكومية، لاختبار الجيل المقبل من شِباك جمع الضباب.
تحتاج أجهزة تجميع الضباب إلى الجمع بين القوة والمرونة، وفق توضيح بيتر تروتفين، رئيس Aqualonis، القسم التجاري لمؤسسة المياه، الذي صمم جامعات الضباب الجديدة. إن إضافة شبكة دعم وراء الشبكة الأصلية يمنعها خسارةَ المياه التي تحملها الرياح، في حين يمكّن استخدام موسِّعات مطاطية تربط الشبكة والتُّرفة إلى الإطار من الانثناء معًا في مواجهة الرياح القوية، والحد من آثارها.
كما دأب تروتفين على اختبار أداء شبكات من مواد مختلفة. لقد أسس العمل مع دار سي حماد موقعًا للاختبار في جبل بو تمزكيدا، تُرسل منه البيانات إلى الجامعة التقنية في ميونيخ بغرض تحليلها. على مدى عامين اختبر الفريق نحو عشر شباك مختلفة، واستقر أخيرًا على تصميم يستخدم نسيجًا متباعد الخيوط، مرنًا بما يكفي للسماح بمرور الضباب، وكثيفًا بما يكفي لالتقاط معظم المياه.
وقد اجتاز تصميم CloudFisher الجديد اختبارات القوة في مواقع الاختبار، وفي أكتوبر سيبدأ الفريق بناء أكبر مزرعة لحصاد الضباب في العالم -شباك بمساحة 1,600 متر مربع، ستجمع حوالي 36,000 لتر من الماء في يوم ضبابي.
ستثبت المزرعة الجديدة قابلية هذه التقنية للاستمرار وموثوقيتها. وعند اكتمالها، من المتوقع أن توفر 18 لترًا من المياه العذبة النظيفة يوميًّا لصالح 630 نسمة موزعين على سبع قرى.
"من الرائع أن نرى وجوه الناس عندما يبدأ جريان المياه. أنا أعرف أشخاصًا يُمضون ما بين أربع وست ساعات يوميًّا في جمع المياه. أتدري، لو رأيت تلك الوجوه مرة واحدة فقط في حياتك، فهذا يكفي"، كما يقول تروتفين. "إنه رائع".
تواصل معنا: