النفط يموّل صعود المملكة العربية السعودية كقوة علمية إقليمية.
لويز سارانت
في حين أن المملكة العربية السعودية هي أكبر منتج للنفط في العالم، وجهت البلاد جزءًا كبيرًا من إيراداتها السنوية لتحسين التعليم والبحوث. هذه التحسينات تقودها استراتيجية علمية وطنية شاملة سيتم تنفيذها حتى عام 2030. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، استثمرت موارد هائلة في جامعات التكنولوجيا الفائقة والمختبرات المتطورة، وبحلول عام 2015، أصبحت المملكة العربية السعودية أكثر دول المنطقة العربية إنتاجًا في مجال الأبحاث.
يتتبع المؤشر هذا التقدم من خلال مقياس يدعى العدد الكسري المعدّل (WFC)، الذي يقيس إسهام بلد أو مؤسسة ما في الأبحاث المنشورة في الدوريات عالية التأثير التي تتبَّعَها المؤشر.
وقد تحسن ترتيب السعودية عالميًّا في العدد الكسري المعدّل من المرتبة 39 في العام 2012 إلى 31، مما يجعلها ثاني أكبر دولة من حيث الإنتاج العلمي في غرب آسيا بعد إسرائيل. لقد ارتفع العدد الكسري المعدل الخاص بالمملكة العربية السعودية إلى أكثر من الضعف خلال العام الماضي، مما يجعلها ثامن أكبر قوة صاعدة في العالم.
الكيمياء هي المحرك الرئيسي للطفرة السعودية العلمية؛ إذ تشكل الأبحاث المتعلقة بالكيمياء ثلثي الناتج البحثي للمملكة.
في الوقت الحالي، ثمة خمس مؤسسات بحثية تتصدر المشهد البحثي المتزايد في المملكة العربية السعودية، وتتربع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST) على قمتها.
تحتل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية المرتبة الأولى في المملكة و173 على الصعيد العالمي، وفقًا لمؤشر Nature، وهي المؤسسة العربية الوحيدة التي يمكن تصنيفها بين المؤسسات العلمية الـ500 الكبرى فى العالم. "الكيمياء، بما تتضمنه من علوم المواد، هي العلم المركزي الذي تترتب عليه تأثيرات أساسية في مجالات الطاقة والمياه والعلوم البيئية والغذائية، وهي أربعة من أهم مجالات النشاط في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية"، وفق توضيح جان فريشيه، نائب الرئيس للأبحاث في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
مسارات مختلفة
تشارك كل المؤسسات البحثية في المملكة العربية السعودية تقريبًا في جهود تعاونية جبارة مع المؤسسات الدولية. ولكن للممؤسستين الرائدتين، جامعة الملك عبد الله (KAUST) وجامعة الملك عبد العزيز (KAU)، مقاربات مختلفة. ففي حين تنشر جامعة الملك عبد العزيز عددًا أكبر من الأبحاث التعاونية مقارنة بجامعة الملك عبد الله، فإن إجمالي إسهامها في البحوث المشتركة المجراة أقل بكثير.
ويشير أستاذ زائر في جامعة الملك عبد العزيز إلى "التشجيع المستمر للأكاديميين السعوديين في جامعة الملك عبد العزيز للتركيز على البحوث التطبيقية القابلة للتحقيق، وإلى أنهم بشكل عام أقل مواكبة للعلوم الحديثة من منتسبي جامعة الملك عبد الله".
إلا أن الكثير من بحوث جامعة الملك عبد الله تُجرَى محليًّا، ويتولى فيها باحثو جامعة الملك عبد الله أدوارًا قيادية، استنادًا إلى قول كريستيان فولسترا، المختص في علم الأحياء البحرية في جامعة الملك عبد الله. "يشهد مختبري تعاونًا طويل الأمد مع كلية الدراسات البحرية في جامعة الملك عبد العزيز؛ حيث يستفيد الجميع من الجميع: فجامعة الملك عبد الله تستفيد من الخبرة الإقليمية لجامعة الملك عبد العزيز، وتستفيد جامعة الملك عبد العزيز من البنية التحتية لجامعة الملك عبد الله، وتستفيد المؤسستان من العمل مع متعاونين دوليين"، وفق قول فولسترا.
ويشرح فريشيه أن أسلوب جامعة الملك عبد الله يختلف عن غيرها من المؤسسات العلمية بسبب طريقة تنظيمها. فاستنادًا إلى نموذج معهد CALTECH (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا)، فهي تعمل على أبحاث صغيرة على درجة عالية من التركيز في مجالات منتقاة من العلوم والهندسة.
"لدينا 140 من أعضاء هيئة التدريس، المعينين من أفضل المؤسسات في جميع أنحاء العالم، في حين أن الجامعات الأخرى أكبر بكثير وتضم الآلاف من أعضاء هيئة التدريس وعشرات الآلاف من الطلاب الجامعيين، مما يمنعهم من التركيز على عدد قليل من المجالات البحثية"، كما يضيف.
التعاون المحلي والإقليمي
في حين يتضاءل التعاون السعودي العلمي المحلي والإقليمي بسبب الجهود العلمية المشتركة بين المملكة والولايات المتحدة وآسيا وأوروبا، تسعى بعض المؤسسات بنشاط للتعاون مع مراكز البحوث السعودية أو الموجودة في البلاد العربية.
عندما يتعلق الأمر بالتعاون المحلي، يقود مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث (KFSH&RC) المؤسسات في المملكة، بوجود ما يقرب من ثلث إجمالي البحوث التي يجريها بالاشتراك مع المؤسسات السعودية الأخرى. وفي المقابل، فإن أرفع المؤسسات السعودية في التصنيف، جامعة الملك عبد الله وجامعة الملك عبد العزيز، لديهما أقل معدلات التعاون المحلي.
وبينما تستولي الكيمياء على حصة الأسد من تعاون المملكة، فإن علوم الحياة هي القائد القوي للتعاون المحلي والإقليمي.
تواصل معنا: