العلماء ينظرون في تتابعات الإكسوم لدى القطريين لتوقع الاستجابة تجاه اثنين من مرققات الدم الشائعة.
لويز سارانت
استخدم العلماء معلومات من تسلسل كامل الإكسوم الخاص بمئة من القطريين؛ بغرض وضع خريطة شاملة للتنوعات الجينية الدوائية المرتبطة باثنين من مضادات التخثر.
هذه الدراسة، التي أجراها فريق من معهد CSIR لعلم الجينوم والبيولوجيا التكاملية ومقره دلهي، ستكون أول دراسة تحاول توقّع رد فعل المريض القطري تجاه دواء ما استنادًا إلى تركيبه أو تركيبها الجيني. وستُنشر هذه الدراسة في دورية Pharmacogenomics.
هذا العمل في مجال علم الوراثة الدوائي، وهو مجال أبحاث جديد نسبيًّا، انبثق من التقدمات الحادثة في علم الجينوم، ويدرس الاختلافات الجينية الموروثة في المسارات الأيضية التي يمكن أن تؤثر على استجابة الفرد تجاه العقاقير.
في هذه الدراسة، يبحث العلماء عقاري وارفارين وكلوبيدوجرل، وهما أكثر مضادي تخثر يؤخَذان عن طريق الفم ويوصَفان على نطاق واسع بين المرضى العرب.
ونظرًا للتنوع الوراثي الموجود في هذه الدولة الخليجية، حيث يمكن إرجاع نسب السكان إلى سلالات أفريقية وفارسية-جنوب آسيوية أو بدوية، يجب أن يختلف مستوى الجرعات المعطاة من هذه الأدوية بدرجة كبيرة؛ من أجل تحسين فاعليتها والحدّ من تأثيراتها الجانبية.
اعتمد فينود سكاريا -وهو باحث هندي متخصص في الطب الدقيق- وفريقه البحثي، في تنفيذ عملهم على بيانات الإكسوم التي جُمعت من قِبل باحثي كلية طب وايل كورنيل في قطر(WCM-Q) ونيويورك1. ويجمع مجال دراستهم بين عوامل مثل التركيب الجيني للفرد والبيئة والعمر وأسلوب الحياة والنظام الغذائي، والأدوية الأخرى، وذلك للتمكن من وضع تشخيص دقيق للمرض، وعلاجه وتدبيره.
"لقد كان عدم وجود بيانات وراثية من مجموعات السكان العرب عائقًا أساسيًّا طيلة هذه السنوات".
لم يُدرَس احتمال أن تكون العقاقير غير فعالة أو مسببة للضرر بشكل كافٍ على المجموعات السكانية العربية؛ لأن أغلبية التجارب السريرية الدوائية وخوارزميات الجرعات الخاصة بمعظم العقاقير تستمد في أغلبيتها من دراسات المجموعات القوقازية الأوروبية.
في قطر، شكلت أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفيات في عام 2012، وقد عزت منظمة الصحة العالمية نحو 400 حالة وفاة إلى نقص التروية القلبية –وهي حالة يمكن تخفيفها أو الوقاية منها بواسطة عقاري وارفارين وكلوبيدوجرل. تمنع هذه الأدوية تكوّن الجلطات أو تساعد على إذابتها في الأوعية الدموية. وهي توصف عادة للمرضى الذين يعانون اضطرابًا في تدفق الدم إلى القلب أو الدماغ، أو أولئك الذين خضعوا لعملية رأب الأوعية الدموية.
وحيث إن هذه الأدوية تزيد من الوقت الذي يستغرقه تشكل الجلطة الدموية، فمن الممكن أن يحدث النزف أو النزف المفرط.
"لقد كان عدم وجود بيانات وراثية من مجموعات السكان العرب عائقًا أساسيًّا طيلة هذه السنوات"، وفق تفسير سكاريا. "لقد وفرت البيانات المستمدة من الإكسومات القطرية إمكانية القدرة على تحليل التباينات الجينية ومعدلات حدوثها من أجل وضع الخارطة الجينية الدوائية".
لقد أتاح توافر تسلسل كامل الإكسوم لفريق CSIR دراسة العديد من المتغيرات معًا، على المستوى الجمعي للسكان.
وفقًا للباحثة المشاركة أمبيلي سيفاداس، فإن جينات السيتوكروم (CYP) هي تلك التي تحدد استقلاب العقاقير. ثمة نسبة صغيرة من الأفراد القطريين تحمل نسختين غير عاملتين (زيجوت متماثلة الألائل) من تنوع CYP2C9*2 ، مما يقلل بشكل كبير من استقلاب الوارفارين ويتطلب إعطاء جرعة أقلّ من الدواء، في حين أن الغالبية العظمى من الناس تحمل تنوعًا من CYP4F2 مما يتطلب إعطاء جرعة أعلى"، وفق تفسيرها.
كان نحو 70٪ من الأفراد الحاملين لتنوع CYP2C9*2، ونصف حاملي تنوع CYP4F2 من أصل بدوي. ونظرًا لصغر العينة المدروسة من السكان، فوجئ العلماء، الذين درسوا القطريين المتحدرين من أصول بدوية وأفريقية وفارسية-جنوب آسيوية، بوجود الفروق ذات الدلالة الإحصائية بين تلك المجموعات السكانية الفرعية الثلاث المتميزة.
كما وجد الباحثون أيضًا حدوثًا قليل المعدل من المقاومة تجاه كلوبيدوجرل، وهي مرتبطة بالتنوع CYP2C19*3 في المجموعة السكانية، مما يشير إلى أن كلوبيدوجرل ستكون فعالة إلى حدّ كبير بين القطريين.
"الاختبارات الجينية من شأنها أن توفر فرصة لتفادي التأثيرات الجانبية عن طريق تعديل الجرعة، أو في بعض الحالات إحلال دواء بديل مناسب محلها. وهكذا فإنها ستمكّن من تحقيق الدقة على المستوى الفردي ونتائج أفضل للبرنامج العلاجي"، وفق قول سكاريا.
تواصل معنا: