مواد ذاتية الشفاء

يحاول العلماء في جامعة نيويورك في أبو ظبي تحدي قانون الطبيعة الأساسي القائل بأن جميع المواد تتبع مسارًا وحيد الاتجاه نحو التدهور مع مرور الوقت، وذلك عن طريق تطوير بلورات ذاتية الشفاء. 

وكانت قد سبقت الإشارة إلى الشفاء الذاتي في مواد ليّنة وبوليمرات عضوية، ولكن لم تُركّز أبحاث كثيرة على المواد الصلبة والبلورات، على افتراض أن ارتفاع نظامها الجزيئي وانخفاض مدى انتشارها من شأنه أن يلغي هذه الإمكانية.

ولكن بالاستفادة من الكيمياء التساهمية الديناميكية، يُظهر فريق من الباحثين الآن أن الشفاء الذاتي في البلورات ليس أمرًا ممكنًا فحسب، ولكن يمكن إظهاره بمعدل غير مسبوق.

"إنها خطوة صغيرة بالنسبة للبلورة الجزيئية، وقفزة واسعة لهندسة البلورات"، وفق قول كبير الباحثين بانسيه نوموف من جامعة نيويورك في أبو ظبي. "ويُنتظر من هذه النتائج أن تغيّر النظرة التي كان يُنظر بها إلى البلورات العضوية في الماضي – باعتبارها قاسية، وسريعة الكسر، ولا يمكن إصلاح هشاشتها".

اختار الفريق مركبًا يسمى دايبيرازول ثيورام، تترابط بلوراته بواسطة روابط ثتائية الكبريتيد القوية من الناحية الفيزيائية والقابلة للعكس من الناحية الكيميائية –روابط تساهمية أحادية بين ذرتي كبريت. عندما تتشقق البلورات، تنفك روابط ثنائي السلفيد معها، تاركةً كل ذرة كبريت حاملةً إلكترونًا إضافيًّا واحدًا –أي جذر كيميائي.

الجذور غير مستقرة وقصيرة العمر بشكل ملحوظ، ولكن طبيعة الروابط المزدوجة العالية لبقية المركب يمكنها تثبيت الجذور عن طريق نقل الإلكترون الحر من رابطة واحدة إلى تاليتها، مانحةً روابط السلفيد الثنائي ما يكفي من الوقت لإعادة البناء عندما تعود أزواج جذور الكبريت الى مقربة منها –وهو المفهوم الذي يُعرف باسم "خلط الجذور".

لاختبار نظريتهم، عمد الفريق إلى تركيب بلورات دايبيرازول ثيورام، وأجروا شقًّا على سطحها ومن ثم طبقوا قوة جذب على الحواف، مما تسبب في كسرها على طول الشقّ. بعد ذلك قاربوا بين شطريها مرة أخرى وطبقوا قوة ضغط.

واعتُبرت البلورات ملتئمة إذا تمكن أحد نصفيها من حمل وزن النصف الثاني. 

"بالنسبة لمشروع بدأ كمجرد فكرة بعيدة المنال، فوجئت بشدة لتمكننا بالفعل من اكتشاف البلورات ذاتية الشفاء"، وفق تعليق الباحث الأول باتريك كمنز. "الآن وقد أصبح التأثير معروفًا، ربما نجد أن هذه الظاهرة أكثر شيوعًا بكثير مما كنا نظن في البداية".

اشترك للحصول على النشرة الإلكترونية المحدّثة كل أسبوعين لكي تبقى على اطلاع بكافة المستجدات على الموقع.