بناء السنكروترون، المشروع الذي يهدف إلى جمع بلدان الشرق الأوسط التي كانت تحترب سابقًا فيما بينها، يقترب أخيرًا من الاكتمال.
محمد يحيى
كانت الطريق لجمع دول الشرق الأوسط التي تشاطرت العداء في تعاون لبناء السنكروترون طويلة ووعرة، ولكنها قد تكون مشرفة على الوصول أخيرًا إلى نهايتها.
جرى اقتراح ضوء السنكروترون للعلوم التجريبية وتطبيقاتها في الشرق الأوسط (سيزامي SESAME) لأول مرة في عام 1997 بوصفه مبادرة لاستخدام العلم في تعزيز السلام بين البلدان التي تتشاطر تاريخًا من الصراع: البحرين، وقبرص، ومصر، وإيران، وإسرائيل، والأردن، وباكستان، والسلطة الفلسطينية، وتركيا.
وقد استُلهمت الفكرة من النموذج الناجح لـCERN، الذي أُنشئ بعد الحرب العالمية الثانية لجمع الدول الأوروبية المتحاربة ومساعدتها على تطبيق العلم الذي كان يتخطى قدرات الدول الأعضاء منفردة.
على أي حال، بدأ العمل على SESAME رسميًّا في عام 2004 بإنشاء مجلس دائم. واختيرت مدينة السلط في الأردن قاعدةً للمنشأة.
كانت الخطة الأصلية تقتضي تجديد معجل مرفوع من الخدمة من برلين، ولكن تم التخلي عنها لصالح ابتكار سنكروترون أكثر قوة - مع حلقة أكبر يمكنها تخزين طاقة تصل إلى 2.5 جيجا إلكترون فولت (GeV)، مقابل 0.8 GeV فقط من المعجّل الألماني.
"لكي ينجح SESAME سياسيًّا، يجب أن يكون العلم في المرتبة الأولى".
كان هذا أسهل من الناحية النظرية. إلا أن عددًا لا يحصى من المشكلات كان يظهر في المنطقة في كل مرة يشعر فيها الفريق المسؤول عن بناء المعجّل بأنه يوشك على التغلب على الصعوبات. فمثلًا: التغيرات المتكررة في الحكومة المصرية، التي جلبت تسعة وزراء مختلفين للبحث العلمي على مدى السنوات الثلاث الماضية، أدت إلى وضع مبلغ 5 ملايين دولار أمريكي في الانتظار. ووجدت إيران صعوبة في المساهمة برأس المال للمشروع؛ بسبب العقوبات المفروضة عليها والتي رفعت مؤخرًا فحسب. وفي العام الماضي، تسببت عاصفة ثلجية شديدة في انهيار جزء من سقف المنشأة، ولكن لحسن الحظ استطاعت الرافعات -التي كانت في الموقع في ذلك الوقت- أن تمنع وقوع ضرر على المعدات.
"لن أخفي حقيقة مرور SESAME ببعض الأوقات العصيبة، ولكن أغلبها كان يعود إلى قضايا التمويل وليس السياسة"، وفق قول كريس ليويلين سميث، رئيس مجلس SESAME والمدير العام السابق لـCERN. "كانت المشكلة الحقيقية تتمثل في الحصول على التمويل الرئيسي".
الاقتراب
تشير آخر تقديرات سميث إلى أن SESAME يجب أن يبدأ بقبول العروض في النصف الثاني من عام 2016، ويجب أن يشرع في التجارب في عام 2017. العلماء والفنيون هناك جادون في العمل على تركيب الأنبوب، والأجسام المغناطيسية وجميع مصادر الطاقة، كما يقول.
إلا أن النجاح الحقيقي للمشروع، ومبادرة ’العلم من أجل السلام‘، سيكون إجراء العلم الجيد وتطبيقه"، وفق ما يؤكد سميث. "لكي ينجح SESAME سياسيًّا، يجب أن يكون العلم في المرتبة الأولى، وإلا فلن يهتم الباحثون بالذهاب إليه". وأعرب عن أمله في أن يجتذب المعجّل علماء الشرق الأوسط للعودة إلى المنطقة والإسهام في نهضة العلم.
يقول ماهر العتال -قائد مجموعة الفيزياء في المعجّل-: إن عدد الباحثين في المنطقة الذين سيستفيدون من ضوء السنكروترون ضئيل، ولكن ذلك الـSESAME سيرفع أعداد الباحثين. "إننا نتوقع أن يرتفع عدد الباحثين مع نموّ SESAME".
في SESAME أيضًا مكوّن التدريب، بالشراكة مع مختبرات المعجلات الأخرى في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويشارك العديد من المتدربين في بناء SESAME.
عند اكتماله، من المتوقع أن يجتذب SESAME العلماء من مجموعة واسعة من التخصصات، من العلوم البيولوجية وعلم الآثار إلى الكيمياء وعلوم المواد، كما تقول جيهان كامل، العالِمة المصرية المتخصصة في التنظير المجهري لطيف الأشعة تحت الحمراء في SESAME.
تواصل معنا: