إسماعيل سراج الدين، المدير السابق لمكتبة الإسكندرية والشخصية الدولية ذائعة الصيت، يتلقى حكمًا بالسجن بعد تقاعده.
محمّد يحيى
عندما ترك إسماعيل سراج الدين منصبه نائبًا لرئيس البنك الدولي وسافر إلى مصر في عام 2001 ليصبح المدير المؤسس لمكتبة الإسكندرية، كانت مكتبة الإسكندرية الجديدة مجرّد مبنى جميل يزيّن رفوفه عدد قليل من الكتب.
وعلى مدى الخمس عشرة سنة التي تلت تقلده لمنصبه، كان يعمل بلا كلل مع عدة فرق لبنائها من القاعدة إلى القمة حتى أضحت واحدة من أهم المراكز الأكاديمية والبحثية في أفريقيا والشرق الأوسط، إلى أن تقاعد هذا العام.
ترك سراج الدين وراءه إرثًا كبيرًا بوجدان وعقل المواطن المصري والعربي، وعددًا غير قليل من المشاريع النافعة والمؤثرة، إضافة إلى مكتبة ضخمة يتعدى تأثيرها الحدود الإقليمية. أصبحت المكتبة الآن مركز جذب للملايين -طلابًا ومعلمين وعلماء– الذين يأتون كل عام إلى مختلف معاهده البحثية ومتاحفه، كما نجحت في استضافة واستقطاب آلاف المؤتمرات والفعاليات في مختلف المجالات ، أبرزها مؤتمر بيوفيجن.
وبدلًا من أن يُمضي فترة تقاعده بسلام، حُكم على سراج الدين بالسجن مدة ثلاث سنوات ونصف؛ نتيجةً لتوجيه ثلاث تهم ضده بالإهمال الإداري والادعاء بإهدار المال العام ، وهي اتهامات وُجهت إليه في عام 2011 عقب الثورة التي أطاحت بحسني مبارك، الرئيس السابق للبلاد.
شكّل الحكم صدمة للمجتمع العلمي في كل من مصر والعالم، لأن الذين كانوا على دراية بالقضية توقعوا أن تُرْفض، أو في أسوأ الأحوال، أن يُحكم على سراج الدين بدفع غرامة فقط.
الاحتفاء بسراج الدين لا محاكمته.
وعقب النطق بالحكم، الذى أُعلن فى 31 يوليو، تجمع علماء وأكاديميون من جميع أنحاء العالم، من بينهم أكثر من 80 من حائزي جائزة نوبل لدعم سراج الدين. وقعوا جميعًا على خطاب دعم، وقائمة الموقعين تزيد يومًا بعد يوم.
كان سراج الدين، على مدى عقود، مؤيدًا قويًّا للعلم والعقلانية والتعددية. لقد كان متواصلًا علميًّا ذائع الصيت، يعمل بلا كلل لتعزيز العلوم في مجتمع ملآن بالأمية والتطرف. إن انهماكه في مكتبة الإسكندرية جعلها قوة لتغيير إيجابي في البلاد، حتى في زمن سياسي مضطرب.
يجب أن يكون النظام القضائي متحررًا من أي تأثير لكي يتمكن من فرض سيادة القانون، ولا يسعى هذا المقال ولا رسالة الدعم إلى الاعتراض على الحكم، بل يهدفان بدلًا من ذلك إلى طمأنة الناس من الثقة التي يحظى بها سراج الدين دوليًّا.
يجب الاحتفاء بسراج الدين لا محاكمته، فقد كان مديرًا ذا رؤية لمكتبة الإسكندرية، وينبغي أن تكون إسهاماته فيها سببًا لتكريمه.
غالبًا ما يكون التغيير جيدًا، ومن المرجّح أن يعود الدم الجديد بالنفع على المكتبة في المستقبل مع استمرار نموّها وتوسعها لنشر العلم في جميع أنحاء المنطقة تحت إشراف مدير جديد. ولكن ثمة أساس قويّ سيعتمد المدير القادم عليه، هو الأساس الذي وضعه سراج الدين.
تقدم سراج الدين بطعن في الحكم، وسيتم الاستماع إلى الاستئناف في 19 سبتمبر. ويبدي مؤيدوه تفاؤلًا بإسقاط القضية المرفوعة ضده في ذلك الوقت.
تواصل معنا: