علماء لبنانيون يتركون بصمةً في مجال الحوسبة عالية الأداء.. لكنّ الأزمات المُتداخلة تعصف بجهود التعاون الدولي.
كيرا ووكر
أَطلقت تجربة "لولب ميون المُدمج" CMS في فرنسا وسويسرا مبادرةً لجمع التبرعات؛ بهدف دعم البحث العلمي في لبنان، بالتعاون مع مؤسسة تبادل المعرفة في جنيف.
وسوف تدعم حملة جمع التبرعات "مشروع الحوسبة عالية الأداء في لبنان" HPC4L، وهو مشروع أُطلق عام 2019 لبناء القدرات البحثية في لبنان من خلال إنشاء مركز للحوسبة عالية الأداء، غير أنه بات الآن مهددًا بسبب الأزمات المُتراكمة التي تواجهها الدولة.
وتُستخدم الحوسبة عالية الأداء -أي تجميع طاقة الحاسوب- لحلّ المشكلات الكبرى بسرعة وكفاءة، أو لتحليل مجموعات هائلة من البيانات في مجالات العلوم والهندسة والعلوم الاجتماعية والأعمال.
يقول مارتن غاستال، مُنسق مشروع HPC4L ومدير المنطقة التجريبية لمشروع CMS في المنظمة الأوروبية للبحوث النووية "سيرن" CERN، وهي أكبر مُختبر لأبحاث فيزياء الجسيمات في العالم: "سوف تتيح الحوسبة عالية الأداء في لبنان التوسّع في العلوم الاجتماعية".
ومشروع HPC4L هو جهدٌ تعاونيّ بين منظمة "سيرن" والقطاع العام في لبنان وأربع من مؤسسات التعليم العالي الخاصّة وهي: الجامعة اللبنانية، والجامعة الأميركية في بيروت، والجامعة اللبنانية الأمريكية، وجامعة القدّيس يوسف.
وقد تبرعّت "سيرن" بمعدّات (3600 وحدة) للمشروع، في حين وفّرت وزارة الاتصالات اللبنانية ومُشغّل البنية التحتية المملوك للدولة "أوجيرو" OGERO مقرّات العمل والطاقة والإنترنت.
وكان دورُ الجامعات تغطية تكاليف الشحن والتجهيز وتدريب أطقم العمل اللبنانية لتتمكن من تشغيل المركز بشكل مستقل، لكن مع تفاقم الأزمات في السنوات الأخيرة، لم تعد الجامعات قادرةً على توفير تلك النفقات.
يقول يوسف عصفور، رئيس اللجنة التوجيهية في مشروع HPC4L والرئيس التنفيذي للمعلومات بالجامعة الأميركية في بيروت: "الحصول على التمويل اللازم للتشغيل من الجامعات أصبح أكثر صعوبة".
ومع اقتراب موعد إطلاق المشروع، يقول غاستال إنهم كانوا حريصين على إيجاد حلٍّ لهذه المشكلة، وهو ما أدى إلى التفكير في جمع التبرعات للمساعدة في تغطية التكاليف.
تستهدف حملة جمع التبرعات المجتمع العلمي الدولي وأعضاء الجالية اللبنانية في الخارج، ويقول غاستال إن الحملة تهدف إلى جمع 50,000 دولار أمريكي، وهو الحد الأدنى اللازم لاستمرار المشروع.
منذ انضمام لبنان إلى شبكة "سيرن" عام 2016، شارك العديد من الطلاب والمهنيين اللبنانيين في مشاريعها، ويأمل عصفور وغاستال استمرار عملية تبادل المعرفة، يقول عصفور: "أهم الإسهامات العلمية والهندسية هذه الأيام تحدث من خلال التعاون".
ويهدف المركز إلى المساعدة في وقف هجرة العقول من لبنان، يقول غاستال: "اليوم، عندما تصل إلى مرحلة معينة من الكفاءة والخبرة في البحث، ستحتاج إلى الحوسبة، وإذا لم تكن الحوسبة متاحة محليًّا، فستذهب للبحث عنها في الخارج، لهذا السبب عانت بعض الدول من نزيف المواهب بها على مدار العقد الماضي".
ويأمل عصفور ألا يقتصر المركز على استبقاء المواهب اللبنانية فحسب، بل أن يجذب الآخرين أيضًا للعمل معهم في لبنان، فيقول: "أنا متحمسٌ لهذا المشروع؛ فهو بارقةُ أملٍ في وقت حالك الظُّلمة على الصعيدين العالمي والمحلي".
تواصل معنا: