باحثون يستخدمون زرع "الخلايا
الظهارية الجوفية الذاتية" لعلاج تلف القرنية لدى أربعة أشخاص عانوا حروقًا
كيميائية كبيرة في عين واحدة
محمد منصور
أحرز فريق بحثي دولي تقدمًا كبيرًا
في جراحات العين؛ إذ تمكنوا من زراعة خلايا جذعية في القرنية لعلاج الإصابات
الناجمة عن الحروق الكيميائية والحرارية والحوادث.
ووفق دراسة نشرتها دورية "ساينس أدفانسز"، تمكن الباحثون من توفير دليل
على المفهوم القائل بأن زرع الخلايا الظهارية الحوفية الذاتية -المعروف باسم CALEC- إجراء آمن تمامًا، وأن هذا الإجراء قادر على علاج تلف القرنية
عند هؤلاء الذين تعرضوا لحوادث أو إصابات تسببت في تدمير الخلايا الظهارية الجوفية
الموجودة في العين.
والخلايا الظهارية الحوفية هي نوع من
الخلايا الجذعية توجد في منطقة تُعرف باسم الحوف، وتقع على الحدود بين القرنية
(السطح الأمامي الشفاف للعين) والصلبة (الجزء الأبيض من العين)، وتؤدي هذه الخلايا
دورًا حاسمًا في الحفاظ على صحة سطح القرنية وسلامته.
ونظرًا لافتقار القرنية إلى الأوعية
الدموية، فإنها تعتمد على الخلايا الجذعية الحوفية لإنتاج خلايا جديدة على نحوٍ مستمر،
وتهاجر تلك الخلايا نحو مركز القرنية لتحل محل الخلايا القديمة أو التالفة، ولديها
قدرة فريدة على التجديد الذاتي والتمايُز إلى أنواع مختلفة من خلايا القرنية، مما
يساعد في الحفاظ على وضوح القرنية ووظيفتها.
وعندما تتعرض الخلايا الجذعية
الحوفية للخطر، كما هو الحال في الإصابات أو الأمراض التي تؤثر على الحوف، يمكن أن
يصبح سطح القرنية غير مستقر، مما يؤدي إلى ضعف البصر والألم وحتى العمى الكامل في
بعض الأحيان.
تقول "يولا يوركونس"، أستاذ طب وجراحة
العيون المشارك في جامعة هارفارد، والمؤلفة المشاركة للدراسة: "إن الفريق
أجرى عملية زراعة الخلايا لأربعة مرضى وتابعوهم لمدة 12 شهرًا، وكانت الجراحة جيدة
التحمل وخفضت الألم الناجم عن تلف القرنية وحسَّنت الرؤية إلىى حدٍّ كبير".
وتشير الدراسة إلى أن المريض الأول
الذي تم علاجه، وهو رجل يبلغ من العمر 46 عامًا، شهد شفاءً لعيب أصاب سطح عينه،
مما أهله للخضوع لعملية زرع قرنية صناعية لإعادة تأهيل البصر، أما الثاني، وهو رجل
يبلغ من العمر 31 عامًا، فقد شهد تحسنًا كاملًا في الأعراض مع تحسُّن الرؤية، وأما
الثالث، وهو رجل يبلغ من العمر 36 عامًا، فقد تم حل عيب قرنيته وتحسنت رؤيته، وأما
الرابع، وهو رجل يبلغ من العمر 52 عامًا، فقد خضع لعملية زرع ناجحة وتحسنت رؤيته
من حركة اليد إلى القدرة على عد الأصابع، ثم حصل على قرنية صناعية.
تقول "يوركونس" في تصريحات
لـ"نيتشر ميدل إيست": إن الدراسة أُجريت على المرضى الذين لديهم عين
سليمة وأخرى مُصابة؛ إذ تم استخراج الخلايا الجذعية عن طريق خزعة صغيرة للعين
السليمة، ومن هناك، تم إرسالها إلى معهد "دانا فاربر" للسرطان حيث تمت
زراعتها وتوسيعها على شكل طُعم خلال عملية استغرقت من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
وتضيف: كانت هذه عملية تصنيع مكونة
من خطوتين تم إنشاؤها لهذه الخلايا الجذعية المحددة؛ إذ يتم وضعها على غشاء
بلاستيكي وإرسالها مرةً أخرى إلى غرفة العمليات كي يتم زرعها في عين المريض
المصابة، ثم يذوب الغشاء ويترك للمريض الخلايا الجذعية التي تلتصق على سطح القرنية".
بدأت هذه الدراسة قبل أكثر من 20
عامًا في محاولة لمعالجة مشكلة في رعاية القرنية في الولايات المتحدة، لقد كانت
هناك خيارات فعالة محدودة للمرضى الذين عانوا من نقص الخلايا الجذعية الحوفية، وبحث
كثير من العلماء في منهجيات لتجديد هذه الخلايا الجذعية باستخدام عمليات زرع
الخلايا الجذعية دون أيّ نجاح.
تقول "يوركونس": عندما بدأتُ
هذا العمل لأول مرة ودرست الخلايا الجذعية الحوفية، شعرت بأنه إذا تمكنَّا من
تجديد الخلايا الجذعية بأمان، فيمكن أن يصبح سطح القرنية مستقرًّا بما يساعد المرضى
على إجراء عملية زرع قرنية، وهو المعيار
الحالي للرعاية لإعادة تأهيل البصر بعد إصابات القرنية، ومن دون الخلايا الجذعية
الحوفية السليمة، لا يمكن للمرضى تحقيق هذا الخيار، لذا بدأ هذا العمل في المختبر
كعلم أساسي وأبحاث حيوانية، وكانت النتائج واعدة، كنا بحاجة إلى التأكد من إمكانية
تكرار هذه العملية في البشر، لذا تعاونت مع آخرين لتطوير طريقة لتنمية الخلايا
الجذعية الحوفية الجديدة وتوسيعها؛ إذ طور الباحثون عمليات تصنيع جديدة لضمان جودة
الخلايا الجذعية والتأكد من أنها تلبي متطلبات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية
لزراعتها في الجسم.
لدى المرضى الذين يعانون من إصابات
القرنية خيارات علاجية محدودة متاحة لهم، ويأمل الباحثون أن تقدم تقنية زراعة
الخلايا الجديدة -ومع المزيد من الدراسات المتضمنة تجارب أكبر- خيارًا لهؤلاء
المرضى الذين اضطروا إلى تحمُّل الألم طويل الأمد وفقدان البصر.
تواصل معنا: