تتبَّع
الباحثون مدة موجات الحرارة البحرية وشدتها على أعماق تصل إلى 2000 متر تحت سطح
البحر
محمد السعيد
حذرت
دراسة جديدة من أن موجات الحر البحرية تستمر مدةً أطول وبشدة أكثر في المياه
العميقة، وهو ما يعرِّض التنوع البيولوجي تحت سطح الماء لخطر كبير نتيجة التعرُّض للحرارة
التراكمية الناجمة عن هذه الأحداث.
وتشير الدراسة التي نشرتها
دورية "نيتشر كلايمت تشينج" (Nature Climate Change) اليوم "الإثنين"،
18 سبتمبر، إلى أنه "رغم تفاوت هذه الموجات في حدتها، فإنها تشترك جميعًا في
تأثيراتها السلبية بعيدة المدى على النظام البيئي، وتخلِّف آثارًا بيولوجية
واجتماعية وبيئية، وتتزايد مع تغيُّر المناخ".
فعلى
غرار ارتفاع درجة الحرارة في اليابسة، تشهد المحيطات أيضًا ارتفاعًا في درجات
الحرارة فيما يُعرف بـ"موجات الحر البحرية"، ويُقصد
بها "تلك الفترات المتمايزة والممتدة من درجات الحرارة الدافئة في المحيطات
على نحوٍ غير مألوف، ويمكن لهذه الموجات أن تؤدي إلى تغيير جذري في النظام
الإيكولوجي للمحيطات، وتُحدِث تأثيراتٍ إيكولوجيةً واجتماعية واقتصادية
بالغة".
وفي
حين ركزت معظم الجهود البحثية السابقة على دراسة تأثيرات هذه الأحداث المتطرفة
وتوقعاتها على درجات حرارة سطح البحر، إلا أن الدراسة الجديدة اعتمدت منهجية
الدراسات الحقلية والملحوظات المحلية، وهو ما مكَّن الفريق من استنتاج أن موجات
الحرارة البحرية قد تؤدي إلى استمرار درجة الحرارة المرتفعة تحت السطح (عمق البحر)
لمدة قد تصل إلى عامين بعد تلاشي الحرارة من المياه السطحية.
توضح
"إليزا فراجكوبولو" -باحثة الدكتوراة
في مركز العلوم البحرية بالبرتغال، والمؤلفة الرئيسية للدراسة- أن "موجات
الحرارة البحرية أصبحت أكثر شيوعًا، ولها آثارٌ مدمرة على النظم البيئية، خاصةً موجات
الحرارة البحرية التي تحدث تحت السطح والتي أصبحت أكثر كثافةً وأطول أمدًا، مما يمثل
تهديدًا للتنوع البيولوجي والعمليات البيئية".
تقول
"فراجكوبولو" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تسببت هذه
الأحداث في تأثيرات بيولوجية واجتماعية وبيئية كبيرة على مستوى العالم، تتضمن تحولات
سريعة في توزيعات الأنواع والوفيات الجماعية للكائنات البحرية، كما شملت التأثيرات
البيئية حالات ابيضاض الشعاب المرجانية، وموت الأعشاب والأسماك البحرية، وهو ما
سينعكس بالضرورة على مدى وفرة غذاء الإنسان.
تضيف "فراجكوبولو":
يعود التركيز على دراسة حرارة المياه السطحية في المقام الأول إلى وفرة مجموعات
البيانات عالية الجودة لدرجة حرارة سطح البحر، في حين لم يقم سوى عدد قليل من
الباحثين بفحص تأثيرات موجات الحرارة العالية في قاع البحر.
وتتابع:
يتأثر المستوى الذي يمكن أن تصل إليه درجة الحرارة في عمق المياه بعدد من العمليات،
مثل الاختلافات في درجة الملوحة في شمال شرق المحيط الهادئ، وقوة انتقال الموجات،
ومستوى هبوط المياه السطحية الدافئة في غرب المحيط الهادئ الاستوائي، والهبوط
المحلي في جنوب شرق أستراليا، والدورات المائية الدافئة التي تدور قبالة التيار
الحدودي لتيار الخليج الدافئ في شمال غرب المحيط الأطلسي.
استخدم
الباحثون بيانات وملحوظات حول درجة حرارة البحر على المستوى العالمي، وقدروا مدة موجات
الحرارة البحرية وشدتها في الفترة من 1993 إلى 2019 على أعماق تصل إلى 2000 متر، ووجدوا
أن أعلى شدة للموجة الحارة تقع على عمق يتراوح من 50 إلى 250 مترًا.
وأظهرت
الدراسة تناقُص شدة الحرارة مع الاتجاه نحو عمق البحر، لكن مدة بقاء الحرارة تحت
السطحية سجلت تقريبًا ضِعف مدة بقاء الحرارة على سطح البحر.
من
خلال دمج بيانات درجات الحرارة السطحية وتحت السطحية، مع بيانات التنوع الحيوي في
أعماق البحار في المواقع المدروسة، توصل الباحثون إلى أن التنوع الحيوي تحت سطح
الماء يمكن أن يكون عرضةً لمخاطر عالية بسبب درجة الحرارة المرتفعة التي يحتفظ بها
الماء في منطقة الـ250 مترًا التي تلي سطح الماء بالاتجاه نحو عمق البحر، خاصةً في
المحيط الهندي، وشمال المحيط الأطلسي، حيث تكثر موجات الحرارة الشديدة في المناطق
الغنية بموائل الأنواع الحيوانية البحرية ذات الحساسية العالية للتعرض للحرارة
لفترات طويلة.
تواصل معنا: