انتشار الأنيميا بين النساء في سن الإنجاب يهدد المنطقة العربية

وتشمل الأعراض الجسدية الأكثر شيوعًا لفقر الدم التعب والضعف وضيق التنفس، مما يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب والقلق وانخفاض نوعية الحياة، ويجعل من الصعب على المرأة أداء الأنشطة اليومية وممارسة مهمات عملها.

كما يرتبط فقر الدم لدى النساء الحوامل بزيادة خطر وفيات الأمهات، وضعف الوظيفة الإدراكية ومشكلات في الذاكرة.

معضلة الفقر

يشير تقرير لـ"برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة" إلى أن الأمر ازداد سوءًا بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير 2022، التي أدت إلى تراجُع النمو الاقتصادي العالمي من 4.9% إلى 4.4%، في حين شملت الآثار المباشرة للحرب ارتفاعًا حادًّا في أسعار النفط والغاز في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المنطقة العربية.

وتسببت الحروب الأوكرانية -إضافةً إلى جائحة "كوفيد 19"- في ارتفاع أسعار الأغذية بنسبة 15%، وأسعار الوقود بنسبة 25% في الأردن وتونس ومصر، وأدت هذه الارتفاعات إلى زيادة معدلات الفقر في البلدان الثلاثة في عام 2022 إلى 36.82% في مصر و23.4% في الأردن و26.58% في تونس.

وأدت تلك الأزمات إلى تزايُد التوقعات بشأن ارتفاع نسبة انتشار الأنيميا بين النساء في سن الإنجاب (15 إلى 49 عامًا) في البلدان الثلاثة، والتي قُدرت في عام 2019 بـ38% في الأردن، و32% في تونس، و28% في مصر.

احتياجات فسيولوجية

ومقارنةً بالرجال، تزداد معدلات إصابة النساء بفقر الدم الناتج عن انخفاض تركيز الهيموجلوبين بسبب احتياجاتهن الفسيولوجية الفريدة، بما في ذلك فقدان الدم في أثناء الدورة الشهرية والحمل، ما يجعل عبء فقر الدم أعلى على نحوٍ غير متناسب لدى النساء.

وينطبق هذا بشكل خاص على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل؛ إذ يُعد فقر الدم سببًا رئيسيًّا للمراضة بين النساء في فئة سن الإنجاب، وخاصةً المراهقات في تلك البلدان.

ويكون تركيز الهيموجلوبين بين النساء الحوامل المصابات بفقر الدم أقل من 11.0 جم/ديسيلتر، في حين يكون تركيزه بين النساء غير الحوامل أقل من 12.0 جم/ديسيلتر.

فجوة مزمنة

بلغ متوسط معدلات الفقر في المنطقة العربية -باستثناء بلدان مجلس التعاون الخليجي- 36% في عام 2022، أي أن ما يعادل 121 مليون شخص يعيشون في الفقر، ما يجبر الأسر على تقليل الإنفاق على الغذاء، وبالتالي تزيد احتمالات التعرض لفقر الدم، وخاصةً بين الطبقات الفقيرة والنساء اللاتي يمثلن الضلع الأكثر تأثرًا في ظل ما تعانيه المنطقة العربية من فجوة مزمنة بين الجنسين بنسبة تبلغ 37%.

وموريتانيا هي الدولة الأكبر بين البلدان العربية من حيث انتشار فقر الدم بين النساء في سن الإنجاب بنسبة تبلغ 56%، وتزداد معدلات الإصابة بين الشريحة الأكثر فقرًا بمعدل 68.9%، مقارنةً بـ32.8% في المناطق الأكثر ثراءً، والمناطق الريفية بنسبة 61.4%، مقارنةً بـ50.6% بين النساء اللاتي يُقمن في مناطق حضرية.

الأنيميا

يحدث فقر الدم (الأنيميا) بسبب عدم وجود عددٍ كافٍ من كريات الدم الحمراء السليمة أو الهيموجلوبين لحمل الأكسجين إلى أنسجة الجسم، وله العديد من الأنواع مثل فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، وهو أحد أكثر أنواع الأنيميا التي تهدد المرأة؛ إذ يصيب الحوامل في حالة عدم حصولهن على مكملات الحديد، أو بسبب التعرض لنزيف شديد خلال فترة الحيض، ويكلف البلدان النامية خسارةً تبلغ 4.05% في الناتج المحلي الإجمالي سنويًّا.

وهناك أيضًا فقر الدم الناتج عن نقص الفيتامينات بسبب افتقار النظام الغذائي إلى الفيتامينات والعناصر الغذائية الرئيسية التي يحتاج إليها الجسم، وقد يؤدي عدم حصول الجسم على تلك الفيتامينات إلى عجز الجسم عن إنتاج ما يكفي من خلايا الدم الحمراء.

كما تؤدي معاناة الأمهات من الأنيميا إلى تزايُد احتمالات إصابة الأجنة بفقر الدم المنجلي، الذي ينتقل بالوراثة ويؤدي الى نقص مزمن في خلايا الدم الحمراء، التي تحتوي على بروتين الهيموجلوبين الذي يتيح لكريات الدم الحمراء نقل الأكسجين من الرئتين إلى جميع أجزاء الجسم، ويسمح لكريات الدم الحمراء بنقل ثاني أكسيد الكربون من جميع أجزاء الجسم إلى الرئتين لإخراجه في عملية الزفير.

وقاية شبه مستحيلة

تستوجب الوقاية من الأنيميا الحصول على قدرٍ كافٍ من المكملات الغذائية متعددة الفيتامينات واتباع أنظمة غذائية لا تتفق مع طبيعة ما تشهده العديد من بلدان المنطقة العربية من أزمات اقتصادية؛ إذ تحتاج إلى تناول أغذية غنية بالحديد مثل اللحم البقري والبقوليات والخضراوات والفاكهة، وأغذية غنية بفيتامين "بي-12" مثل مشتقات الحبوب، وأغذية تحتوي على فيتامين سي مثل الفاكهة الحمضية والبروكلي.

ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن فقر الدم مسؤول عن حوالي 50.3 مليون سنة من الحياة الصحية المفقودة بسبب الإعاقة؛ إذ تُعزى أعلى معدلات سنوات الحياة الصحية إلى فقر الدم في جنوب آسيا، وغرب أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وشرق أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

اشترك للحصول على النشرة الإلكترونية المحدّثة كل أسبوعين لكي تبقى على اطلاع بكافة المستجدات على الموقع.