اكتشف "ليند" أنَّ تزويدَ البحارةِ بحمضياتٍ
في نظامِهم الغذائيِّ يُساعدُ على الشفاءِ منَ مرض الاسقربوط ، مما دفعَه إلى
استنتاجِ أنَّ الاسقربوطَ كانَ سببُه نقصًا في تناوُلِ عنصرٍ مُعينٍ لمْ يستطعِ
التوصلَ إليه.
اكتشف "ليند" أنَّ تزويدَ البحارةِ بحمضياتٍ
في نظامِهم الغذائيِّ يُساعدُ على الشفاءِ منَ مرض الاسقربوط ، مما دفعَه إلى
استنتاجِ أنَّ الاسقربوطَ كانَ سببُه نقصًا في تناوُلِ عنصرٍ مُعينٍ لمْ يستطعِ
التوصلَ إليه.
في أوائلِ القرنِ العشرين، بدأَ العديدُ منَ العلماءِ في
التحقيقِ في مفهومِ "عواملِ الغذاءِ الإضافية" أوِ الموادِّ الموجودةِ
في الطعامِ والتي كانتْ ضروريةً للصحةِ ولكنَّها لمْ تكنْ بروتيناتٍ أوْ
كربوهيدراتٍ أوْ دهونًا. في عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ واثنَي عشَر، اقترحَ عالِمُ
الكيمياءِ الحيويةِ البولنديُّ "كاسيمير فونك Kazimierz
Funk " مصطلح "فيتامين" لهذهِ
المواد، مشتقًّا منَ الكلمةِ اللاتينيةِ "فيتا"، والتي تعني الحياة.
على مدى العقودِ القليلةِ التالية، استطاعَ العلماءُ تحديدَ
وعزلِ العديدِ منَ الفيتامينات، بما في ذلكَ فيتامين أ وفيتامين ب 1 (الثيامين)
وفيتامين ج.
ومنْ أشهرِ الاكتشافاتِ في عالمِ الفيتاميناتِ ما فعلَه
عالِمُ الكيمياءِ الحيويةِ البريطانيُّ "فريدريك هوبكنز" الذي أظهَرَ في
أوائلِ القرنِ العشرينِ أنَّ الفئرانَ احتاجتْ إلى كميةٍ صغيرةٍ منَ الحليبِ في
نظامِها الغذائيِّ للحفاظِ على صحتِها، حتى لوْ لمْ يوفرِ الحليبُ أيَّ بروتيناتٍ
أوْ كربوهيدراتٍ أوْ دهون. اكتشفَ هوبكنز لاحقًا أنَّ المكونَ المفقودَ كانَ مادةً
قابلةً للذوبانِ في الماءِ أطلقَ عليها "عاملَ الغذاءِ الإضافيَّ" والذي
نعرفُه الآنَ باسمِ فيتامين ب 1؛ حصلَ "هوبكنز" على جائزةِ نوبل في الطبِّ
لعامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وتسعةٍ وعشرينَ مناصفةً معَ كريستيان أيكمان لاكتشافِه
الفيتامينات.
ركزَ بحثُ "هاورث" على بنيةِ السكرياتِ المعقدةِ
وتركيبِها، لا سيَّما تلكَ الموجودةُ في السكرياتِ النباتيةِ مثلَ السليلوز
والنشا. كما طورَ طرقًا جديدةً لتصنيعِ الكربوهيدراتِ في المختبر، وكانَ أولَ مَنِ
اقترحَ التركيبَ الصحيحَ للعديدِ منَ السكرياتِ المهمة، بما في ذلكَ الجلوكوز
والفركتوز والمالتوز.
وقدمَ "هاورث" أيضًا إسهاماتٍ كبيرةً في دراسةِ
فيتامين سي، إذِ اكتشفَ أنَّه يحتوي على بنيةٍ كيميائيةٍ مشابهةٍ لتلكَ الموجودةِ
في الجلوكوز، وأظهرَ أنَّ فيتامين سي تصنعُه النباتاتُ ويمكنُ تحويلُه إلى شكلِه
النشط، حمضِ الأسكوربيك، في جسمِ الإنسان.
كانَ لعملِ "هاورث" في مجالِ الكربوهيدراتِ
وفيتامين سي تأثيرٌ كبيرٌ على مجالاتِ الكيمياءِ الحيويةِ والتغذية؛ إذْ ساعدَ بحثُه
في توضيحِ التركيبِ الكيميائيِّ لهذهِ الجزيئاتِ المهمةِ وقدمَ نظرةً ثاقبةً
لوظائفِها وأدوارِها في صحةِ الإنسان.
أما "كارير" فقدْ تمكنَ منْ عزلِ وتحديدِ أنواعِ
الكاروتيناتِ المختلفة، بالإضافةِ إلى توضيحِ هياكلِها الكيميائية.
الكاروتينات هيَ مجموعةٌ منَ الأصباغِ الطبيعيةِ
الموجودةِ في العديدِ منَ الفواكهِ والخضراواتِ والنباتاتِ الأخرى. وهيَ مسؤولةٌ
عنِ الألوانِ الزاهيةِ للعديدِ منَ الفواكهِ والخضراوات، بما في ذلكَ الجزرُ
والبطاطا الحلوةُ والطماطم.
وهناكَ أكثرُ منْ سِتِّمئةِ نوعٍ منَ الكاروتيناتِ
المختلفةِ التي تمَّ تحديدُها في الطبيعة، وتأتي في مجموعةٍ منَ الألوانِ منَ
الأصفرِ إلى الأحمرِ إلى البرتقالي. تشملُ بعضُ الكاروتيناتِ الأكثرُ شيوعًا بيتا
كاروتين والليكوبين واللوتين.
وتعتبرُ الكاروتيناتُ منَ العناصرِ الغذائيةِ المهمةِ
التي تؤدي عددًا منَ الأدوارِ في جسمِ الإنسان. فهيَ مضاداتُ أكسدةٍ قوية، مما
يعني أنَّها يمكنُ أنْ تساعدَ في حمايةِ الخلايا منَ التلفِ الذي تسببُه الجذورُ
الحرةُ المنتشرةُ في الجسم. كما أنَّ لديها خصائصَ مضادةً للالتهاباتِ وقدْ تساعدُ
في تقليلِ مخاطرِ الإصابةِ ببعضِ الأمراضِ المزمنة، بما في ذلكَ أمراض القلبِ
والسرطان.
بالإضافةِ إلى فوائدِها الصحية، تؤدي الكاروتيناتُ أيضًا
أدوارًا مهمةً في النباتات. إذْ تشاركُ في عمليةِ التمثيلِ الضوئيِّ كما أنَّها
تعملُ بمنزلةِ أصباغ، مما يساعدُ على حمايةِ النباتاتِ منَ التلفِ الناتجِ عنِ
الضوءِ الزائدِ والضغوطِ البيئيةِ الأخرى.
طورَ " كارير" طرقًا جديدةً لاستخراجِ هذهِ
المركباتِ وتنقيتِها، وكانَ أولَ مَنْ حددَ هياكلَ العديدِ منَ الكاروتينات
المهمة، بما في ذلك البيتا كاروتين، والليكوبين، والزانثوفيل.
بالإضافةِ إلى عملِه على الكاروتينات، قدمَ
"كارير" إسهاماتٍ مهمةً في دراسةِ الفيتامينات، وخاصةً فيتامين A ومشتقاتِه. وطورَ طرقًا جديدةً لتركيبِ هذهِ
المركباتِ وأسهمَ في فهمِنا لهياكلِها ووظائفِها.
بشكلٍ عام، كانَ لأبحاثِ كارير تأثيرٌ عميقٌ على فهمِنا
للكيمياءِ والكيمياءِ الحيويةِ للمركباتِ الطبيعية، وكانَ لعملِه في الكاروتيناتِ
والفيتاميناتِ آثارٌ مهمةٌ على صحةِ الإنسانِ وتغذيتِه.
وُلدَ "والتر نورمان هاورث " في التاسعَ عشَرَ
من مارس عامَ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وثلاثةٍ وثمانينَ في كورلي، لانكشاير، إنجلترا،
وكانَ الثاني منْ بينِ ثلاثةِ أطفال.
والدا هاورث، جون وماري هاورث، كانا منخرطَينِ في صناعةِ
النسيج. كانَ "جون" يغزلُ القطن، بينما عملتْ ماري في الحياكة. على
الرغمِ منْ خلفيتِهما المتواضعة، فقدْ دعموا تعليمَ أطفالِهما وشجعوهم على متابعةِ
اهتماماتِهم.
التحقَ هاورث بمدرسةٍ ابتدائيةٍ محليةٍ قبلَ الانتقالِ
إلى مدرسةٍ ثانويةٍ في مدينةِ "بريستون" القريبة. أظهرَ الصغيرُ مهارةً
خاصةً في العلومِ والرياضيات. بعدَ الانتهاءِ منْ تعليمِه الثانوي، حصلَ على منحةٍ
للدراسةِ في جامعةِ مانشستر.
في مانشستر درسَ هاورث الكيمياء؛ وكانَ طالبًا متفانيًا
ويعملُ بجد، وسرعانَ ما لفتتْ مواهبُه انتباهَ أساتذتِه. في عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ
وستة، تخرجَ بمرتبةِ الشرفِ الأولى وحصلَ على منحةٍ دراسيةٍ لمواصلةِ دراستِه في
جامعةِ غوتنغن في ألمانيا.
في "غوتنغن" عملَ هاورث معَ الكيميائيِّ الشهيرِ
"أوتو والاش"، الذي فازَ بجائزةِ نوبل في الكيمياءِ لعملِه في كيمياءِ
الزيوتِ الأساسية. تحتَ إشرافِ والاش، واصلَ هاورث تطويرَ مهاراتِه في الكيمياءِ
العضويةِ وبدأَ في استكشافِ كيمياءِ المنتجاتِ الطبيعية.
بعدَ الانتهاءِ منْ دراستِه في ألمانيا، عادَ هاورث إلى
مانشستر، حيثُ التحقَ بالكليةِ كمحاضرٍ في الكيمياءِ العضوية. وسرعانَ ما حجزَ
لنفسِه مكانًا كباحثٍ رائدٍ في هذا المجال، وفي عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وخمسةٍ
وعشرينَ، حصلَ على ميداليةِ "ديفي" المرموقةِ منَ الجمعيةِ الملكيةِ
لعملِه في بنيةِ الكربوهيدرات.
كانَ "هاورث" عالِمًا متفانيًا عملَ بلا كللٍ
لتعزيزِ فهمِنا لكيمياءِ المركباتِ الطبيعية. نشرَ أكثرَ منْ ثلاثِمئةِ ورقةٍ
بحثيةٍ واشتهرَ على نطاقٍ واسعٍ بأنَّه أحدُ روادِ الكيمياءِ العضويةِ في عصرِه.
بالإضافةِ إلى أبحاثِه، عملَ أيضًا كموجهٍ ومستشارٍ للعديدِ منَ الكيميائيينَ
الشباب، مما ساعدَ على إلهامِ جيلٍ جديدٍ منَ الباحثين.
خارجَ عملِه، اشتهرَ "هاورث" بحبِّه للطبيعةِ
والهواءِ الطلق. كانَ متجولًا شغوفًا ومتسلقًا ماهرًا للجبال؛ يستمتعُ باستكشافِ
التضاريسِ الوعرةِ في منطقةِ "ليك ديستريكت" ومناطقَ أخرى في شمالِ
إنجلترا. كانَ أيضًا موسيقيًّا ماهرًا وعزفَ على الكمانِ في عدةِ فرقِ أوركسترا
محلية.
تزوجَ "إديث هيلدا سيمز" وأنجبَ منها ابنتين.
وتوفيَ في التاسعَ عشَرَ من مارس عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وخمسين، عنْ عمرٍ يناهزُ
سبعةً وستينَ عامًا، في أثناءِ قيامِه برحلةِ مشيٍ لمسافاتٍ طويلةٍ في حديقةِ
سنودونيا البريطانية.
أما ""بول كارير" فقدْ وُلدَ في موسكو في
الحادي والعشرينَ منْ أبريل عامَ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وتسعةٍ وثمانين. والداه، بول
كارير وجولي ليرش، كانا مواطنَينِ سويسريين، وفي عامِ ألفٍ وثمانِمئةٍ واثنينِ
وتسعينَ عادتِ الأسرةُ إلى سويسرا حيثُ أمضى بقيةَ طفولتِه. منذُ سنٍّ مبكرةٍ،
أظهرَ كارير اهتمامًا بالعلومِ والرياضيات، وتفوقَ أكاديميًّا.
تميزتْ طفولةُ "كارير" بالفضولِ الفكريِّ
والبراعةِ الأكاديميةِ التي حددتْ حياتَه المهنيةَ لاحقًا. كانَ قارئًا نهمًا وكانَ
مهتمًّا بشكلٍ خاصٍّ بالعلومِ الطبيعية. غالبًا ما يقضي وقتَ فراغِه في استكشافِ
الأماكنِ الخارجيةِ وإجراءِ التجارب، وكانتْ لديه موهبةٌ طبيعيةٌ في الرياضياتِ
والكيمياء؛ أرستْ هذهِ التجاربُ المبكرةُ الأساسَ لنجاحِه اللاحقِ ككيميائيٍّ وعالِم.
تواصل معنا: