وُلدَ "أدولف بوتينانت" في الرابعِ والعشرينَ
من مارس عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثلاثة في بريمرهافن بألمانيا، وكانَ ابنًا لرجلِ
أعمال.
نشأَ بوتينانت في عائلةٍ متدينةٍ ونشأَ مع شعورٍ قويٍّ
بالانضباطِ والعملِ الجاد. منذُ صغرِه، أظهرَ اهتمامًا بالعلومِ والأحياء، وقضى
الكثيرَ منْ وقتِ فراغِه في استكشافِ العالمِ الطبيعيِّ منْ حولِه.
في عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ واثنينِ وعشرين، التحقَ بوتينانت
بجامعةِ ماربورغ لدراسةِ الكيمياء، وهناكَ بدأَ اهتمامُه بدراسةِ الهرمونات. ثمَّ
عملَ في مختبرِ الكيميائيِّ الشهيرِ "كارل فون أويرز" الذي كانَ منْ
أوائلِ العلماءِ في عزلِ الهرموناتِ ودراستِها.
بعدَ الانتهاءِ منْ دراسةِ الدكتوراة في ماربورغ عامَ ألفٍ
وتِسعِمئةٍ وسبعةٍ وعشرين، انتقلَ "بوتينانت" إلى برلين للعملِ في معهدِ
القيصرِ فيلهلم للأبحاثِ الطبية، حيثُ واصلَ أبحاثَه حولَ الهرمونات. وسرعانَ ما
اكتسبَ سمعةً كعالِمٍ شابٍّ موهوب، وفي عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وواحدٍ وثلاثينَ، حققَ
تقدمًا كبيرًا عندما نجحَ في عزلِ وتحديدِ هيكلِ الأندروستيرون، وهوَ هرمونُ
الذكورة.
كانَ هذا الاكتشافُ نقطةَ تحولٍ رئيسيةً في دراسةِ
الهرموناتِ ومهَّدَ الطريقَ لعزلِ وتوليفِ هرموناتٍ أخرى في السنواتِ التالية.
فيما يتعلقُ بحياتِه الاجتماعية، كانَ منَ المعروفِ أنَّ
"بوتينانت" يُحبُّ البقاءَ بعيدًا عنِ الأضواءِ نسبيًّا خارجَ نطاقِ عملِه.
كانَ متزوجًا من "إريكا فون تسيجنر" ولديهِما سبعةُ أطفال. كما كانَ
أيضًا عضوًا في الحزبِ النازيِّ خلالَ ثلاثينياتِ القرنِ العشرينَ وأربعينياتِه،
وهوَ ما أثرَ على دوائرِه الاجتماعيةِ وعلاقاتِه خلالَ هذا الوقت.
خلالَ الحربِ العالميةِ الثانية، تمَّ تعيينُ "بوتينانت"
مديرًا لمعهدِ ماكس بلانك للكيمياءِ الحيوية، حيثُ عملَ في العديدِ منَ المشاريعِ
للجيشِ الألماني. بعدَ انتهاءِ الحرب، احتجزَه الحلفاءُ لفترةٍ وجيزةٍ كأسيرِ حرب،
لكنْ أُطلقَ سراحُه في النهايةِ وسُمحَ له بمواصلةِ أبحاثِه.
في السنواتِ التي تلتْ ذلك، واصلَ "بوتينانت"
تقديمَ مساهماتٍ كبيرةٍ في مجالِ الكيمياءِ الحيوية، وحصلَ على العديدِ منَ
الأوسمةِ والجوائزِ عنْ عملِه. توفيَ في الثامنَ عشَرَ من يناير عامَ ألفٍ
وتِسعِمئةٍ وخمسةٍ وتسعين، عنْ عمرٍ يناهزُ واحدًا وتسعينَ عامًا، تاركًا وراءَه
إرثًا منَ الاكتشافاتِ العلميةِ الرائدةِ والتزامًا بالسعيِ وراءَ المعرفة.
كانَ بوتينانت شخصًا متحمسًا للهواءِ الطلقِ وتمتعَ
بالمشيِ لمسافاتٍ طويلةٍ وتسلُّقِ الجبال. كانَ مغرمًا بشكلٍ خاصٍّ بجبالِ الألبِ
البافارية، وغالبًا ما كانَ يقضي عطلاتِ نهايةِ الأسبوعِ في استكشافِ الجبالِ
والوديانِ في المنطقة. كانَ أيضًا مصورًا هاويًا وكانَ يستمتعُ بالتقاطِ الجمالِ
الطبيعيِّ للمناظرِ الطبيعيةِ التي واجهَها خلالَ رحلاتِ المشيِ لمسافاتٍ طويلة.
كما كانَ مهتمًّا أيضًا بالموسيقى ولعبِ الكمانِ في أوقاتِ فراغِه. لقدْ كانَ
موسيقيًّا ماهرًا وفكرَ في ممارسةِ مهنةِ الموسيقى قبلَ أنْ يختارَ في النهايةِ
التركيزَ على الكيمياء.
أما "ليوبولد روزيكا" فقدْ وُلدَ في الثالثَ
عشَرَ من سبتمبر عامَ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وسبعةٍ وثمانينَ في "فوكوفار"
بكرواتيا التي كانتْ آنذاكَ جزءًا منَ الإمبراطوريةِ النمساويةِ المجرية.
كانَ والدُه كرواتيًّا أما والدتُه فكانتْ منْ أصلٍ
ألماني. أدتْ أعمالُ الشغبِ المتكررةُ والاضطراباتُ السياسيةُ في وطنِه إلى
الانتقالِ إلى ألمانيا للدراسةِ في معهدِ كارلسروه للتكنولوجيا لإكمالِ تعليمِه
الجامعي. هناكَ، أكملَ شهادتَه العلميةَ في أقلِّ منْ عامين، ثمَّ بدأَ على الفورِ
عمَلَ الدكتوراة على الكيتونات، إذْ درسَ تحتَ إشرافِ البروفيسور الشابِّ هيرمان
ستودينجر الذي كانَ يبلغُ منَ العمرِ سبعةً وعشرينَ عامًا، وكانَ أكبرَ منه بستةِ
أعوامٍ ونصف فقط.
حصلَ روزيكا على درجةِ الدكتوراة في عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ
وعشرة، وعندما تولَّى "ستودينجر" منصبًا جديدًا في المعهدِ الفيدراليِّ
السويسريِّ للتكنولوجيا في زيورخ (ETH)،
سويسرا في عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ واثنَي عشَرَ، انضمَّ إليهِ هناكَ مساعدًا له.
ثمَّ بدأَ الاثنانِ في العملِ البحثيِّ على مادةِ
البيريثرين، وهيَ مبيداتٌ حشريةٌ طبيعيةٌ مستخرجةٌ منْ أزهارِ الأقحوان.
بحلولِ عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وستةَ عشَرَ، قررَ
"روزيكا" العملَ في مجالِ بحثٍ منِ اختيارِه وبدأَ مسيرتَه العلميةَ
الخاصة. كانَ سعيدًا لتمكُّنِه منْ قضاءِ بعضِ الوقتِ منَ الصباحِ إلى المساءِ في
مقعدِه في المختبر. ولكنْ نظرًا إلى أنَّ وظيفتَه التعليميةَ بدوامٍ جزئيٍّ في
جامعةِ زيورخ كانتْ جيدةً لتغطيةِ نفقاتِ معيشتِه ومختبرِه، كانَ عليهِ البحثُ عنْ
تعاوُنٍ صناعي. حصلَ على الجنسيةِ السويسريةِ عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وسبعةَ عشَرَ،
وعُين أستاذًا في ETH بعدَ
سنواتٍ قليلة.
في البدايةِ، كانَ على "روزيكا" أنْ يخصصَ
وقتًا للتدريسِ والبحثِ في الوقتِ نفسِه. منْ عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وستةٍ وعشرينَ
حتى عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وتسعةٍ وعشرينَ عملَ أستاذًا للكيمياءِ العضويةِ في
جامعةِ أوتريخت بهولندا، لكنَّه اختارَ العودةَ إلى المعهدِ الفيدراليِّ السويسريِّ
في عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وتسعةٍ وعشرينَ بعدَ أنْ عُرضَ عليهِ منصبُ مديرِ معملِها
التحليلي.
ونظرًا لاهتمامِه الشديدِ بكيمياءِ التربين، تحولَ
"روزيكا" أولاً إلى صناعةِ العطورِ للحصولِ على الدعمِ الماليِّ لعملِه
البحثي. ولكنْ بعدَ محاولتَينِ غيرِ مُرضيتينِ للتعاونِ الصناعي، دخلَ في شراكةٍ
ناجحةٍ معَ مصنِّعي العطورِ في جنيف.
تواصل معنا: