سجل المواليد الجدد في الشرق الأوسط -باستثناء دول الخليج- انخفاضًا كبيرًا في الوزن بسبب الأوزون الأرضي.. ومصر والعراق وإيران بين أكثر الدول تأثرًا
محمد السعيد
على
الرغم من الدور الكبير الذي يؤديه غاز الأوزون في حماية الغلاف الجوي للأرض، إلا
أن تأثيراته السلبية على صحة البشر لا تتوقف عن دق نواقيس الخطر.
من هنا
تأتي أهمية الدراسة التي نشرتها دورية "ساينس أدفانسز" (Science
Advances) مؤخرًا، والتي ربطت بين تعرُّض النساء الحوامل للتلوث بالأوزون الأرضي،
وفرص انخفاض أوزان المواليد في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل مثل منطقة
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأضافت
الدراسة التي أجراها فريق بحثي صيني أن
"النساء المعرضات لمصادر غاز الأوزون، وخاصةً في الأيام المشمسة الحارة التي
يبلغ فيها الأوزون مستوياتٍ غير صحية، يلدن أطفالًا أقل وزنًا من النساء اللائي
يتنفسن هواءً أنظف".
يتكون غاز الأوزون من ثلاث ذرات
من الأكسجين، ويمكن أن يكون مفيدًا أو ضارًّا اعتمادًا على مكان وجوده، إذ يوجد
الأوزون المفيد بشكل طبيعي في الغلاف الجوي العلوي "الستراتوسفير"، كدرع
يحمي الكائنات من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، والتداعيات السلبية لتآكُل هذه
الطبقة المهمة، لكن غاز الأوزون الأرضي يمثل مصدر قلق للباحثين الذين يعتقدون أن
له آثارًا سلبية على صحة الإنسان والنبات.
توضح "مينجكون
تونج" -أستاذ العلوم الصحية بجامعة بكين في الصين، والمؤلفة المشاركة في
الدراسة- أن "حوالي 8% من وفيات الأطفال حديثي الولادة سببها التعرُّض لملوثات
دقيقة تسمى PM2.5 في أثناء الولادة المبكرة، وأن هذه الملوثات تؤدي إلى انخفاض وزن
المولود".
تقول "تونج"
في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": ارتفاع درجات الحرارة في البلدان
الجافة، مثل مصر، يسهم في تفاقم تأثيرات غاز الأوزون على صحة حديثي الولادة.
من
جهتها، تُرجع "سالي بوساد" -أستاذ العلوم البيئية المساعد في جامعة
فيرجينيا الأمريكية، وغير المشاركة في الدراسة- ارتباط صغر حجم حديثي الولادة
بتلوث الهواء بغاز الأوزون، إلى أن "أجسام المواليد وأعضاءهم وأجهزتهم
المناعية تكون في طور النمو".
وترى
"بوساد" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست" أن "تحسين جودة
الهواء حول البيئات التي يتركز فيها الأطفال مثل المدارس ورياض الأطفال يمكن أن
يساعد في تقليل تعرُّضهم للملوثات الخطرة".
انخفاض
الوزن عند الولادة
يشير مصطلح
انخفاض الوزن عند الولادة (Low Birth Weight) إلى الأطفال الذين يولدون بوزن أقل من 2500 جرام (2 كيلو ونصف
الكيلو)؛ إذ يزن المولود الجديد عادةً حوالي ثلاثة كيلوجرامات وستين جرامًا.
وقد
يتمتع الطفل ذو الوزن المنخفض عند الولادة بصحة جيدة على الرغم من صغر حجمه، لكنه قد
يعاني أيضًا من مشكلات صحية مستقبلية خطيرة.
تقول
"تونج": هناك العديد من العوامل البيولوجية والسلوكية التي تسهم في نقص
الوزن عند الولادة، فقد أظهرت الدراسة أن تعرُّض الأم لتلوث الهواء المحيط، مثل
الجسيمات الدقيقة (PM2.5) والأوزون، يمكن أن يكون له تأثير سلبي كبير، ويزداد الأمر خطورةً
في بلدان الجنوب العالمي التي تشهد مستوياتٍ عاليةً من تلوث الهواء،
جمع الباحثون
بيانات تركيز غاز الأوزون، واستخدموا تلك المعلومات لتقدير مستويات تعرُّض الأمهات
لهذا الغاز.
ووجد الفريق
البحثي أن الوزن عند الولادة انخفض بمقدار 19.9 جرامًا لكل 10 أجزاء في المليار
إضافية من تركيز الأوزون في موسم الذروة، وهو مقياس أوصت به منظمة الصحة العالمية
كمؤشر للتعرض للأوزون على المدى الطويل.
يقدر
المؤلفون أنه في 123 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، بلغ متوسط انخفاض الوزن عند
الولادة 43.8 جرامًا بسبب التعرض للأوزون في عام 2019.
وكانت
الانخفاضات في الوزن عند الولادة المرتبطة بالأوزون هي الأسوأ في الشرق الأوسط
وجنوب آسيا وشمال أفريقيا، وكان هذا التأثير أعظم في دول مثل الهند، وباكستان، وأفغانستان،
ومصر، والعراق، وإيران، يوضح "محمد البسيوني" -أستاذ طب الأطفال بجامعة
المنصورة المصرية، وغير المشارك في الدراسة- أن وقت الذروة بالنسبة لملوثات
الأوزون يكون في فترة الظهيرة، وأن أقل أوقات النهار تلوثًا هي الساعات الأولى من
الصباح أو في نهاية النهار.
يقول
"البسيوني" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": يزيد غاز الأوزون
معدل الأزمات الربوية، ويفاقم مضاعفاتها لدى الحوامل، ويزداد الأمر سوءًا بالنسبة
للأمهات اللاتي يعانين من مشكلات بالقلب، كما يؤثر الأوزون سلبًا على الجهاز
العصبي للجنين، وعلى التطور السلوكي والعصبي للطفل.
سبل الوقاية
يؤكد "البسيوني"
أهمية التشخيص المبكر للحالات المرضية المرتبطة بتلوث الهواء بغاز الأوزون حتى
يمكن علاج آثارها، وكذلك الوقاية من التعرض لهذه الملوثات، وتوعية المرأة الحامل
بتوخي الحذر وتجنُّب المناطق والأوقات التي تنتشر فيها الملوثات.
وتعلق
"تونج": يمكن للنساء الحوامل الحد من الأنشطة الخارجية والبقاء داخل
المنازل في الأيام التي يكون فيها التلوث بالأوزون مرتفعًا، وقد تساعد أجهزة تنقية
الهواء أو المرشحات المخصصة لإزالة الأوزون والمجهزة بالكربون المنشط في تقليل
الملوثات.
وتضيف:
كما يمكن لمقدمي الرعاية الصحية التعاون في حملات التوعية العامة للحد من انبعاثات
الأوزون، إضافةً إلى ضرورة تثقيف النساء الحوامل حول المخاطر الصحية المرتبطة
بتلوث الأوزون وتقديم إرشادات حول كيفية الحد من التعرُّض لها.
تواصل معنا: