العلماء ينجحون في كشف محتويات توابيت حيوانات مصرية قديمة دون فتحها
نشرت بتاريخ 24 أبريل 2023
تقنية تصوير غير باضعة مكَّنَتْ الباحثين من النظر داخل ستة توابيت معدنية، تحوي بقايا حيوانات محنَّطة، وهي مُقفَلة.
محب قسطندي
استعان فريقٌ من الباحثين بالمتحف البريطاني، الواقع في العاصمة الإنجليزية لندن، بتقنية التصوير المقطعي النيوتروني (neutron tomography)، وهي من تقنيات التصوير غير الباضعة، أي غير المؤثرة في تركيب المواد موضع الدراسة، من أجل فحص محتويات ستَّة توابيت مصرية قديمة مُحكمة الغلق، من توابيت الحيوانات المصنوعة من مركَّبات النحاس.
النتائج التي توصَّل إليها الباحثون، ونُشرت في دورية «ساينس ريبورتس» Science Reports، تشهد على فعَّالية هذه التقنية في دراسة البقايا المحنَّطة المحفوظة داخل حاويات معدنية، ومن ثم تربط الحيوانات المصوَّرة على أغطية التوابيت بالبقايا المُودَعة داخلها.
حنَّط قدماءُ المصريين أنواعًا من الحيوانات كثيرة، منها طيورٌ وقططٌ وزواحف، وأودعوا رُفات تلك الحيوانات في صناديقَ مصنوعةٍ من الخشب أو الحجر الجيري أو سبائك النحاس، لتكون تجسيدًا للآلهة، أو قرابينَ تُقدَّم لها.
كانت دراساتٌ سابقة قد اعتمدت على تقنية التصوير بالأشعَّة السينية سعيًا إلى معرفة محتويات توابيت الحيوانات؛ إلا أن المعادن، وغيرها من المواد عالية الكثافة، تمتصُّ الأشعة السينية، مما يؤدي إلى التشويش على الصور الناتجة. وتقنية التصوير المقطعي النيوتروني تتغلَّب على هذه المشكلة، وتمتاز – بشكلٍ خاص – بقدرتها على تصوير المواد العضوية؛ وإنْ تكُنْ فعَّاليتها الآن منحصرةً في تصوير الأجسام التي يقلُّ قطرها عن 20 سنتيمترًا.
طبَّق دانييل أوفلين ورفاقه هذه التقنية في تصوير ستة توابيت مخصَّصة لحفظ رفات الحيوانات، يُعتقد أن تاريخها يرجع إلى ما بين عامَي 664 و250 قبل الميلاد. وهذه التوابيت، التي عُثر عليها في دلتا النيل في أواخر القرن التاسع عشر، محفوظة الآن في المتحف البريطاني. والتوابيت الستَّة مغطاة بأغطية يعلوها تمثال لثعبان الماء (الأنقليس)، أو سحلية، أو كائن جسمه يجمع بين حية الكوبرا وثعبان الماء، وله رأس بشري؛ وهي تماثيل نادرة الوجود. والتوابيت جميعها مُقفَلة بإحكام، باستخدام سِداداتٍ من الجص.
تعرَّف فريق الباحثين في ثلاثةٍ من التوابيت على عظام سحلية، وعلى جمجمة سحلية سليمة في أحدها، ووجدوا في ثلاثةٍ منها شذراتٍ ولفافاتٍ رجَّحوا أنها مصنوعة من الكتان. كما عُثر في ثلاثةٍ من التوابيت على كمياتٍ معتبرة من الرصاص، يقول الباحثون إنها ربما وُضعَت لحفظ توازن التوابيت، أو لعلَّها قد استُخدمَتْ في عمليات الإصلاح والترميم.
تقول سليمة إكرام، الباحثة بالجامعة الأمريكية في القاهرة، إنه على الرغم من اكتشاف عدد كبير من التوابيت المعدنية التي تضمُّ مومياوات حيوانية، فإن "عدد الأبحاث التي تعرَّضت لطريقة تصنيعها قليلٌ إلى حدٍّ يثير العجب".
وأضافت إكرام: "هذا تحليلٌ ممتاز لستة أنواع مختلفة من التوابيت. وتقنية التصوير المقطعي النيوتروني تتيح دراسة الأجسام دون إتلافها، كما أنها تساعد على تحديد محتوياتها، ومنها مادة الرصاص على سبيل المثال، فضلًا عن التأكيد على أن محتويات التابوت تُوافق، في أكثر الأحيان، الحيوانات المصوَّرة على الغطاء".
لم يقرِّر أوفلين وفريقُه بعدُ الانخراطَ في عمل بحثيٍّ آخر لمتابعة نتائج دراستهم، لكنهم يتطلَّعون إلى الاستعانة بهذه التقنية في فحص المزيد من الحاويات المعدنية المُقفَلة المحفوظة في المتحف البريطاني، والتي يَغلُب على ظنِّهم أنها تحوي بقايا حيوانيةً كذلك.
يقول أوفلين: "حبَّذا لو نرى الباحثين يطبِّقون التقنية ذاتها في فحص التوابيت المحفوظة في متاحف أخرى، علَّهم بذلك يُسهمون في زيادة معرفتنا الجمعية بهذا الجانب المدهش من تحنيط الحيوانات".
تواصل معنا: