العلماء
يلجؤون إلى بيانات الأقمار الصناعية بُغية تقييم معدلات تركيز غاز الميثان في الغلاف
الجوي، وأنماط تركيزه، في جنوب شرق الجزيرة العربية.
اندرو سكوت
تتباين معدلات
تركيز غاز الميثان في الغلاف الجوي تباينًا كبيرًا عبر فصول السنة في جنوب شرق شبه
الجزيرة العربية، حسبما تفيد عمليات التقييم التي أجراها باحثون بجامعة خليفة
بدولة الإمارات العربية المتحدة. في هذا الصدد، تقول ديانا فرانسيس، العالمة
المتخصصة في بحوث الغلاف الجوي بجامعة خليفة: "لم تتوصل عمليات التقييم التي
أُجريت على المنطقة حتى وقتنا هذا إلى تقديرات محددة لتركيزات الميثان".
اعتمدتْ فرانسيس
وزملاؤها على بيانات عالية الدقة رصدتها الأقمار الصناعية؛ بغيةَ قياس معدلات تركيز
الميثان في الغلاف الجوي بمنطقة الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة العربية؛ ولتقييم مقدار
التفاوت في هذه التركيزات من فصل إلى آخر ومن سنة إلى أخرى. وقد تبين لهم أن تركيز
غاز الميثان يشهد انخفاضًا في الفصول التي تنخفض فيها درجات الحرارة، في حين يزداد
تركيزه في فصل الصيف. وبوجه عام كان نمط تزايد هذا الغاز في الغلاف الجوي مطردًا،
وهو يُعد أحد غازات الدفيئة الأعلى تأثيرًا في زيادة الاحترار العالمي، بل إنه
أقوى أضعافًا مضاعفة من غاز ثاني أكسيد الكربون الأوسع شهرة بتسببه في تلك
الظاهرة.
وأما التركيزات
الأعلى للميثان فقد وُجدت في المناطق الساحلية، حيث تنتشر السبخات، وهي أراضٍ
مستوية رطبة، وفي مواقع مكبَّات النفايات. كذلك وُجدت تركيزات مرتفعة من الميثان
على طول امتداد جبال الحجر التي تمتد من شمال الإمارات العربية المتحدة وحتى شمال
شرق سلطنة عمان. ومن المرجح أن يكون للأنشطة الزراعية وانتشار الموائل الطبيعية
على طول تلك الجبال دور في تنشيط الميكروبات المُنتجة للميثان.
تقول فرانسيس:
"قبل إجراء دراستنا، كنا نُضطر إلى الرجوع إلى الدراسات التي أُجريت في أماكن
أخرى؛ لنستدل بها على أنماط الصعود أو الهبوط. أما الآن، فصار بمقدورنا أن نقدم أرقامًا
دقيقة عن تلك المنطقة بعينها"، فبالاستناد إلى البيانات المستقاة من الأقمار
الصناعية يمكن الوصول، بشكل متفرد، إلى معلومات حول الكمية الإجمالية للميثان على
مساحة شاسعة، بصورة تعجز البيانات المستقاة من نقاط رصدٍ أرضية محددة عن الوصول
إليها، كما هو متبع في أماكن أخرى.
وتشير فرانسيس
إلى أن الدراسة تُعدّ بمثابة دليل إرشادي قيّم من شأنه أن يُعين صانعي السياسات على
وضع الاستراتيجيات الرامية إلى تقليل تركيزات غاز الميثان؛ بغية تخفيف آثار
الاحترار العالمي، كما أنها تسلط الضوء على أهمية توفر شبكة أرضية ممتدة لرصد جميع
غازات الدفيئة.
ويهدف الفريق
في خطواته القادمة إلى رسم صورة أشمل عبر إجراء قياسات لتركيز ثاني أكسيد الكربون
وغيره من غازات الدفيئة.
يقول دييتريش فيست،
خبير التقنيات الجوية للاستشعار عن بعد بالمركز الألماني لشؤون الفضاء الخارجي،
الذي لم يكن مشاركًا في إجراء البحث: "إن هذا العمل يجمع بين إثارة الاهتمام
وبين تحقيق إنجاز مهم"، ويستطرد قائلًا: "رغم أنها واحدة من أعلى مناطق
العالم التي تشهد تركيزًا عاليًا من غاز الميثان الناشئ عن أنشطة بشرية، فإن شبه
الجزيرة العربية بأكملها لا تحظى بتغطية الشبكات العالمية لمراقبة الغازات
الدفيئة". ولهذا السبب، يحثّ فيست على مواصلة أعمال متابعة الجزيرة العربية
التي ينوي فريق جامعة خليفة الاضطلاع بها.
تواصل معنا: