باحثون مصريون: "الباروموميسين" و"النيومايسين".. أدوية مبشرة لتحفيز تجدد عضلة القلب لدى الثدييات
محمد السيد علي
يؤثر
قصور القلب على نحو 30 مليون شخص عالميًّا، ويحدث هذا المرض عندما تضعف عضلة القلب
وتفقد قدرتها على ضخ الدم بشكل صحيح، مما قد يتسبب في تدهور تدريجي أو تيبس في
وظيفة القلب.
ومن العقبات
الرئيسية في علاج قصور القلب عدم قدرة عضلة القلب البالغة على التجدد بعد الإصابة،
لكن دراسة حديثة ذكرت أن اثنين من المضادات الحيوية شائعة الاستخدام والمعتمدة من
إدارة الغذاء والدواء الأمريكية يمكنهما تحفيز تجدد عضلة القلب في الثدييات.
وحدد
الباحثون في مختبر هشام صادق -أستاذ أمراض القلب والبيولوجيا الجزئية والفيزياء
الحيوية بجامعة جنوب غرب تكساس الأمريكية- "الباروموميسين"
و"النيومايسين" كمرشحين واعدين يمكنهما الإسهام في تجدد عضلة القلب، ونُشرت
النتائج بدورية "نيتشر كارديوفاسكولار
ريسيرش".
يقول
محمود سلامة، الأستاذ المساعد بكلية الصيدلة بجامعة تكساس التقنية للعلوم الصحية،
المؤلف الأول للبحث: "بعد التعرض لأزمة قلبية، يواجه مرضى قصور القلب معضلة
عدم قدرة خلايا عضلة القلب على التجدد نتيجة الضمور أو التليف الذي يصيبها، وهي
مشكلة تحدث أيضًا في الخلايا العصبية، في حين تتجدد خلايا الجلد بسهولة عند تعرُّض
الجلد للجروح".
يضيف "سلامة"
في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تركزت الأدوية المتاحة حاليًّا لعلاج
الفشل القلبي على تحسين أداء خلايا القلب، لكن دراستنا ركزت على البحث عن أدوية
مُعتمدة تعزز تجدُّد عضلة القلب مرةً أخرى.
تجدد
القلب
ركزت
الدراسة على عاملَي النسخ (Meis1) و(Hoxb13)، وهما بروتينان يتحكمان
في التعبير الجيني، ويؤديان دورًا حاسمًا في تنظيم تكاثر الخلايا العضلية القلبية.
ويُعد البروتينان
بمنزلة "مفتاح إيقاف" جزيئي لتكاثر الخلايا العضلية القلبية في الثدييات
البالغة، وعند غياب هذين العاملين يمكن لخلايا عضلة القلب أن تدخل مرةً أخرى لدورة
الخلية وتتجدد، وهو ما أثبته الفريق في دراسة سابقة.
واستخدم
الباحثون في الدراسة نهجًا جديدًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد الأدوية
الحالية المعتمدة، والتي يمكنها استهداف هذين البروتينين.
وأكدت
الاختبارات المعملية أن دواءي "الباروموميسين" و"النيومايسين"
يمكنهما منع وظيفة (Meis1) و(Hoxb13) وتحفيز تكاثر عضلة القلب.
علاوةً
على ذلك، أظهرت التجارب التي أُجريت على الفئران والخنازير أن هذه الأدوية حسَّنت وظائف
القلب بعد الإصابة بأزمة قلبية.
يقول "سلامة":
استخدام أدوية معتمدة بالفعل يمكن أن يُسرّع المسار إلى التجارب السريرية على
البشر.
نتائج
مثيرة
من
جهته، يرى أحمد بنداري -أستاذ أمراض القلب والأوعية الدموية المساعد بكلية الطب
بجامعة بنها المصرية- أن "نتائج هذه الدراسة المثيرة تشير إلى أننا على أعتاب
اختراق علمي عظيم واكتشاف كبير في علوم طب القلب".
يقول
"بنداري" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": ما يثير الإعجاب
هنا هو منهجية البحث؛ إذ جمع الباحثون بين الأساليب الحسابية والتجارب المختبرية
والتجارب الحية، وأظهروا فهمًا عميقًا للآليات البيولوجية، واستخدموا بذكاء
الأدوية المعتمدة، ما يمكن أن يسرِّع الجدول الزمني للتطبيق السريري.
وقد
أظهرت النتائج أن إعطاء البارومومايسين والنيومايسين بعد الإصابة بتضيُّق الشرايين
أدى إلى زيادة كبيرة في تكاثر خلايا القلب، وتحسين وظيفة البطين الأيسر، وتقليل
تكوين الندبات، ويبدو أن هذا النهج الدوائي المزدوج يستعيد قدرات القلب الطبيعية
على التجدد، ما يشعل الأمل في تطوير علاجات جديدة لأمراض القلب لدى البالغين.
تواصل معنا: