شح المياه يهدد واحات العالم بالتصحر.. وغزو الرمال أحد أهم عوامل الخطر في الشرق الأوسط
محمد السعيد
تعد
الواحات موائل ومصادر مياه مهمة لمناطق الأراضي الجافة؛ إذ إنها تؤوي 10% من سكان
العالم، على الرغم من أنها تشغل حوالي 1.5% من مساحة الأرض.
ولكن
في العديد من الأماكن، يهدد تغيُّر المناخ والأنشطة البشرية الوجود الهش للواحات،
وفق دراسة نشرتها دورية
"إيرثز فيوتشر" (Earth’s Future).
تناولت
الدراسة كيفية نمو وتقلص واحات العالم على مدى خمس وعشرين سنة ماضية مع تغير أنماط
توافر المياه وزحف التصحر على هذه الملاجئ الرطبة.
وأظهرت
الدراسة أن "مساحة الواحات العالمية في عام 2020 كانت 191.91 مليون هكتار،
وتوجد معظم الواحات في آسيا (77.3%)، وتوسعت مساحة الواحات العالمية على نحوٍ ملحوظ
من عام 1995 إلى عام 2020 بأكثر من 8.65 ملايين هكتار، ومع ذلك، فإن حوالي 13.43
مليون هكتار من الواحات العالمية متصحرة، مما يشير إلى ارتفاع خطر التصحر".
وفي تلك
الفترة التي امتدت 10 سنوات، "مثلت الموارد المائية 51.36% من جميع العوامل المؤثرة
في الواحات الصحراوية في جميع أنحاء العالم، وكانت الواحات الموجودة في البلدان
المتقدمة أقل تأثرًا بالعوامل الفردية"، وفق الدراسة.
يقول
"دونج وي جواي"، الباحث في علوم الأرض في الأكاديمية الصينية للعلوم،
والمؤلف الرئيسي للدراسة: "لاحظنا أن العامل الأساسي الذي يؤثر على الواحات
في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو الموارد المائية، التي تسهم بأكثر من 50% من
التأثير، ونظرًا للتحديات التي واجهناها في الحصول على البيانات ذات الصلة
وقياسها، فقد استبعدنا السياسات الحكومية وممارسات الحوكمة باعتبارها عوامل مؤثرة
في توسيع الواحات أو تقليصها".
يضيف "جواي"
في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تشير الأبحاث إلى أنه في مناطق الواحات
في منطقة الساحل في أفريقيا، أدت قضايا المناخ والموارد المائية دورًا ثانويًّا
نسبيًّا في تفسير النزاعات على استخدام الأراضي على مدى العقود القليلة الماضية، مقارنةً
بالممارسات السياسية والإدارية، وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، شهدت الواحات الأفريقية فقط انخفاضات
واسعة النطاق.
تكشف
الدراسة عن أهمية إمدادات الموارد المائية العالمية للواحات، بما يسهم في تعزيز
الوعي بقضايا ندرة المياه في المناطق القاحلة ويحث الحكومات في جميع أنحاء العالم
على اتخاذ إجراءات لتحسين إدارة موارد المياه، وضمان إمدادات المياه المستدامة، وتوضح
نتائج الدراسة أهمية التعاون في مجال موارد المياه العابرة للحدود بالنسبة للواحات
في البلدان النامية.
يقول
"جواي": نظرًا للآلية الفريدة لتشكيل الواحات، فإن الحوض الجوفي عادةً ما
يغذي واحات متعددة تمتد عبر العديد من البلدان، لذا يمثل التعاون عبر الحدود عنصرًا
أساسيًّا في معالجة ندرة المياه وتعزيز التنمية المستدامة، وتوفر هذه الدراسة دعمًا
للبيانات وأساسًا علميًّا، وتعمل بوصفها مرجعًا مهمًّا لتعزيز التعاون في مجال
الموارد المائية العابرة للحدود.
ويتابع:
ركزت الدراسة على تقديم توصيات لتحسين إدارة الموارد المائية في الواحات، تتضمن
تعزيز رصد الموارد المائية وتقييمها، وتعزيز الاستخدام المستدام للأراضي وإدارتها،
وتسهيل الحفاظ على المياه واستخدامها بكفاءة، "وتساعد هذه التدابير الحكومات
والمنظمات الدولية في صياغة سياسات وخطط عمل أكثر فاعليةً لمعالجة ندرة المياه ومواجهة
تحديات التنمية المستدامة.
من
جهته، يوضح "عبد الحميد أحمد" -أستاذ الجغرافيا الطبيعية المساعد في
جامعة المنصورة- أن "الواحات الصحراوية في بلدان المنطقة وخاصةً في مصر تواجه
العديد من المخاطر، بخلاف شح المياه".
يقول
"أحمد" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": من بين هذه المخاطر
غزو الرمال للمنخفضات الصحراوية وتهديدها لآبار المياه والأراضي الزراعية، كما هو
الحال في الواحات البحرية في صحراء مصر الغربية، وتتسبب الرمال في تدمير بعض
الظواهر الجيومورفولوجية المهمة في الواحات، مثل الكدوات (هياكل طينية كونتها
الرياح والمياه على مدار آلاف السنين).
تواصل معنا: