باحثون من جامعة نيويورك أبو ظبي يراقبون
كوكب "واسب-43 ب" باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي
هاني زايد
تُعد كواكب المشتري الحارة بين أفضل
الكواكب الخارجية التي تمت دراستها، ولكن لا يزال من غير المفهوم كيف يتغير
تركيبها الكيميائي وخصائص سحبها.
وفي السياق، كان باحثان في مركز
الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء بجامعة نيويورك أبو ظبي -بالتعاون مع باحثين آخرين من
تلسكوب جيمس ويب الفضائي للكشف المبكر عن الكواكب الخارجية- قد رصدا خصائص مهمة
لكوكب "واسب-43 ب".
ووفق دراسة نشرتها دورية "نيتشر أسترونومي" (Nature Astronomy)، فقد رصد الفريق البحثي السحب الضخمة والمليئة بالغبار حول ذلك
الكوكب الذي يشبه كوكب المشتري، فيما عُدَّ "سبقًا علميًّا".
ويشير بيان صحفي -حصلت "نيتشر
ميدل إيست" على نسخة منه- إلى أن "الباحثين استخدموا جهاز الأشعة تحت
الحمراء المتوسطة (MIRI) الموجودة
في تلسكوب جيمس ويب الفضائي لمراقبة كوكب واسب-43 ب الغازي على مدى دورة كاملة حول
نجمه، ورصدوا سحبًا كثيفة وانعدامًا غير متوقّع لغاز الميثان على الجانب الليلي
للكوكب، وآثارًا للمياه في كل أنحاء غلافه الجوي".
وأوضح الباحثون أن "هذه هي
المرة الأولى التي يُستدل فيها على وجود السحب في الجانب الليلي من الكوكب، وهي
سحب رُصدت على ارتفاعات أعلى بكثير في الغلاف الجوي الكوكبي مقارنةً بالسحب في
كوكب الأرض".
تقول "ياسمينة بليتشيتش"، عالِمة
الأبحاث في مركز الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء بجامعة نيويورك أبو ظبي، والمشاركة
في الدراسة: "رصدنا هذا الكوكب خلال دورانه حول نجمه باستخدام مطياف الأشعة
تحت الحمراء، لنتمكن من دراسة الضوء الصادر عن مناطق مختلفة من غلافه الجوي".
تضيف "بليتشيتش" في البيان
الصحفي: سمح لنا ذلك بالتمييز بين درجات الحرارة في جانبيه، والتحقق من وجود السحب
والجزيئات المختلفة؛ إذ تمتص المواد الكيميائية المختلفة الضوء بأطوال موجية
مختلفة للأشعة تحت الحمراء، ومن خلال الجمع بين هذه الحقيقة وملحوظاتنا على مدى
المدار بأكمله، حددنا التركيب الكيميائي والتغطية السحابية وتيارات إعادة توزيع
الحرارة عبر الغلاف الجوي بأكمله واستخلاص استنتاجات حول مناخ الكوكب.
يقارب كوكب واسب-43ب كوكب المشتري من
حيث الحجم والوزن، لكنه مختلف جدًّا من حيث خصائصه الأخرى؛ إذ إن نجمه الذي يبعد
عن نظامنا الشمسي بما يوازي 86 سنة ضوئية أكثر برودةً وأكثر احمرارًا من شمسنا.
ويدور الكوكب بشكل قريب جدًّا من
نجمه وبسرعة يكمل فيها الدورة في 19.5 ساعة فقط، ويؤدي هذا القرب إلى تزامُن دوران
الكوكب مع مداره؛ إذ يواجه أحد جانبيه النجم دائمًا بصورة تشبه الأرض والقمر، ونتيجةً
لذلك، فإن نصف الكوكب (جانب النهار) مضاء على الدوام وحار جدًّا، في حين أن النصف
الآخر (جانب الليل) مظلم دائمًا وأكثر برودةً، وفق الدراسة.
من جهته، يقول إيان دوبس ديكسون، الخبير
في نماذج الغلاف الجوي ثلاثية الأبعاد وأنظمة إعادة توزيع الحرارة في الكواكب
الخارجية في مركز الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء بجامعة نيويورك أبو ظبي: تبلغ
حرارة الجانب النهاري المضاء دائمًا 1250 درجة مئوية، في حين تصل حرارة الجانب
الليلي للكوكب إلى 600 درجة مئوية.
يضيف "ديكسون": يسبب غياب
ضوء الشمس المباشر عن الجانب الليلي للكوكب اختلافًا كبيرًا في درجات الحرارة بين
جانبي الكوكب، مما يؤدي إلى تكوُّن رياح قوية للغاية، في حين أن الرياح على الأرض
تتشكل بطريقة مشابهة بسبب التغيرات في درجات الحرارة، ويؤدي القرب الشديد لكوكب
"واسب-43 ب" من نجمه إلى اختلافات شاسعة في درجات الحرارة، تنتج رياحًا
تبلغ سرعتها آلاف الكيلومترات في الساعة، وتفوق بكثير تلك الموجودة على الأرض، مما
يسهم بشكل رئيسي في توزيع الحرارة وتشكيل المناخ الكوكبي العام، وأظهرت مقارنة
الخرائط الحرارية بنماذج معقدة ثلاثية الأبعاد للغلاف الجوي أن هذا التبايُن في
درجات الحرارة يفوق ما هو متوقع في جوٍّ يخلو من السحب، ويشير ذلك إلى أن الجانب
الليلي للكوكب محاط بطبقة سميكة من السحب التي تحجب كثيرًا من الأشعة تحت الحمراء،
فتحول دون رصدها.
وعلى عكس السحب المائية على الأرض،
تتكون الغيوم في هذا الكوكب شديد الحرارة من غبار الصخور والمعادن، وفق الدراسة.
تواصل معنا: