أطلق الباحثون على الفرع اسم "الأهرامات".. وبلغ طوله حوالي 64 كيلومترًا.. وعرض قناته نحو 500 متر
محمد السعيد
أكدت دراسة جديدة
التوقعات التي رجحها باحثون سابقون من أن 31 هرمًا من أهرامات مصر،
متضمنةً مجمع أهرامات الجيزة، أقيمت في الأصل على امتداد فرع يبلغ طوله 64 كيلومترًا من نهر النيل، دُفن منذ فترة طويلة تحت الأراضي الزراعية والصحراء.
ووفق الدراسة
التي نشرتها دورية "إنفيرومنت آند كومينيكيشنز إيرث" (
Communications Earth
& Environment)، اليوم "الخميس"، 16 مايو، درس الباحثون صور الأقمار
الصناعية للعثور على الموقع المحتمل لفرع نهر سابق يمتد على طول سفوح هضبة الصحراء
الغربية، بالقرب من حقول الهرم.
واستخدم
الباحثون المسوحات الجيوفيزيائية والنوى الرسوبية للتأكد من وجود رواسب الأنهار
والقنوات السابقة تحت سطح الأرض الحديث، مما يشير إلى وجود فرع سابق، يقترحون
تسميته "فرع الأهرامات".
من
جهتها، توضح "إيمان غنيم" –أستاذ الجغرافيا الطبيعية
ومديرة مختبر الفضاء والاستشعار عن بُعد بالطائرات بدون طيار "درونز" بجامعة
نورث كارولينا في ويلمنجتون، والمؤلفة الرئيسية للدراسة- أن "التحليلات أظهرت
أن طول الفرع حوالي 64 كيلومترًا، وعرض القناة حوالي 0.5 كيلومتر، وعمقه لا يقل عن
25 مترًا، وهو ما يشبه عرض مجرى النيل الحالي، إن حجم فرع الأهرامات وقربه من جميع
الأهرامات بمنطقة الدراسة يدل على وجود ممر مائي وظيفي ذي أهمية كبيرة".
تقول "غنيم"
في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": كشفت بيانات القمر الصناعي عن أجزاء من
هذا الفرع مع ضفاف نهرية محددة جيدًا في بعض المناطق، وتُظهر عينات الرواسب -التي
تم جمعها باستخدام حفار التربة العميق- وجود رواسب متوسطة إلى خشنة في العمق، مثل
الرمال، التي تعتبر نموذجية لرواسب قنوات النهر، وهذا يؤكد وجود فرع نهري نشط
بالقرب من موقع الأهرامات في الماضي.
استخدم
الباحثون بيانات الأقمار الصناعية الرادارية ونماذج الارتفاعات الرقمية المشتقة من
الرادار لرسم خريطة لمسار الفرع القديم.
ورغم
أن مسار الفرع القديم أصبح غير مرئي في الصور الجوية أو بيانات الأقمار الصناعية
الضوئية الآن، إلا أن صور الأقمار الصناعية الرادارية كشفت عن أجزاء من هذا الفرع
المدفون بسبب قدرة الموجات الرادارية على اختراق السطح وكشف التضاريس المخفية.
تقول "غنيم":
تقوم موجات الرادار بإزالة طبقة الرمال الصحراوية وتكشف قنوات الأنهار المدفونة
التي لم تكن معروفةً من قبل، وأثبت الحفر العميق للتربة والمسح الجيوفيزيائي من
الميدان صحة خرائط الأقمار الصناعية الرادارية، وأثبت وجود الفرع في سهل فيضان
النيل.
كما
عثر الباحثون على أدلة وجود أهرامات -يبلغ عددها 31 هرمًا- ذات جسور متعامدة مع
مسار فرع الأهرامات وتنتهي مباشرةً على ضفة النهر، وتنتهي هذه الجسور بمعابد
الوادي، التي كانت بمنزلة موانئ نهرية على طول هذا الفرع في الماضي.
ويعتقد
الفريق أن العثور على هذا الفرع القديم بالقرب من موقع الأهرامات يدل على أنه أدى بالفعل
دورًا رئيسيًّا في نقل مواد البناء الهائلة والعمال اللازمين لبناء الهرم، وأن هذا
الفرع كان يستخدم كممر مائي رئيسي "الطريق السريع" أتاح نقل البضائع
والعمال ومواد البناء في مصر القديمة.
وتتفق
نتائج الدراسة مع ما ذهبت إليه دراسة سابقة من أن المهندسين
المصريين القدماء يرجح أنهم استعانوا بقناة مائية بائدة من الأفرع القديمة لنهر
النيل، لنقل مواد البناء والمؤن إلى هضبة الجيزة.
ويقع
مجمع الموانئ الذي افترض الباحثون أنه خدم الأهرامات على بُعد أكثر من 7 كيلومترات
غرب نهر النيل الحالي، وأسفرت عمليات الحفر الأساسية التي تم إجراؤها خلال أعمال
التنقيب حول الجيزة الحديثة عن أدلة في طبقات صخرية تتوافق مع فرضية وجود فرع قديم
لنهر النيل يمتد نحو قاعدة الأهرامات.
من
جهته، يعتقد "مجدي تراب" -أستاذ الجغرافيا الطبيعية بجامعة دمنهور- أن "عدد
القنوات أو الأفرع النهرية للنيل لم يكن ثابتًا على مر القرون، وإنما كانت بعض
القنوات تختفي أو تظهر وفق حالة الفيضان".
يقول "تراب"
في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": اختفاء القناة القديمة هو أمر طبيعي في
ظل التغيرات المناخية وسيادة فترات طويلة من الجفاف في المنطقة، وقد تكون القناة
القديمة فرعًا طبيعيًّا من النهر وقد تكون صناعية حفرت خصوصًا لغرض نقل الحجارة
والعمال والمؤن إلى منطقة الأعمال في الأهرامات المختلفة.
وتعلق "غنيم"
قائلة: قد يكون إطماء هذا الفرع ناجمًا عن زيادة نشاط ترسُّب الرمال في المنطقة،
والذي ربما كان مرتبطًا بفترة الجفاف والتصحر في الصحراء الكبرى بشمال أفريقيا، كما
أن انخفاض تصريف نهر النيل الناجم عن انخفاض هطول الأمطار وزيادة الجفاف في
المنطقة كان من شأنه أن يقلل تدريجيًّا من سعة مجرى النهر، مما يؤدي إلى تراكُم الطمي
وهجر هذا الفرع.
تواصل معنا: