التحولات المناخية حفزت الهجرات البشرية المبكرة

ووفق الدراسة التي نشرتها دورية "بروسيدينجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز"(Proceedings of the National Academy of Sciences)، يعتقد المؤلفون أن الرياح الموسمية الصيفية في آسيا اشتدت منذ 125 ألف إلى 70 ألف سنة، مما أدى إلى زيادة درجات الحرارة وهطول الأمطار في جميع أنحاء القارة، ما أسهم -مع عوامل أخرى- في زيادة تشتُّت السكان وانتشارهم.

دمج الباحثون بين سجلات الرياح الموسمية الصيفية الآسيوية من هضبة اللوس الصينية ونماذج من المناخ القديم في شرق آسيا، ومجموعات من البيانات الأنثروبولوجية القديمة، ومحاكاة مدى ملاءمة موطن الإنسان العاقل على مدى الـ280 ألف سنة الماضية.

ووجد الفريق البحثي أن "الرياح الموسمية الصيفية في آسيا تتأثر بحجم الجليد في نصف الكرة الشمالي، وتركيزات الغازات الدفيئة، والإشعاع الشمسي في الصيف".

يقول "هونغ آو"، الأستاذ في معهد العلوم البيئية في الأكاديمية الصينية للعلوم، والمؤلف الرئيسي للدراسة: "وجدنا أن الإنسان العاقل انتشر إلى شرق آسيا في الوقت نفسه الذي اشتدت فيه الرياح الموسمية الصيفية في آسيا، وذلك من خلال دمج عمليات إعادة البناء المناخية المائية مع مجموعة شاملة من بيانات موقع الإنسان القديم، ومحاكاة موطن الإنسان العاقل التي تغطي الـ280 ألف سنة الماضية".

يضيف "آو" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": أثبتنا أن قوة الرياح الموسمية الصيفية الآسيوية أدت دورًا رئيسيًّا في انتشار الإنسان العاقل من إفريقيا إلى شرق آسيا خلال العصر الجليدي منذ 125 ألف سنة إلى 70 ألف سنة.

استهدف الباحثون الكشف عن العلاقة بين الانتشار الأولي للإنسان العاقل من أفريقيا إلى شرق آسيا والتطور المداري للرياح الموسمية الصيفية الآسيوية، وهي أكبر نظام للرياح الموسمية على الأرض.

وبدأ الفريق البحثي عمله في عام 2021 من خلال تجميع 2066 عينة في كل 2 سم في منطقة من "منحدر اللوس-باليوسول" بطول 44 مترًا على هضبة اللوس المركزية الصينية لإجراء القياسات في المختبر.

علاوةً على ذلك، استخدم الباحثون عمليات المحاكاة الحاسوبية للحصول على سجلات مستمرة للمناخ في شرق آسيا وموائل الإنسان العاقل التي تغطي آخر 280 ألف سنة.

يقول "آو": تدمج الدراسة بين عمليات إعادة بناء الرياح الموسمية الصيفية الآسيوية الجديدة عالية الدقة استنادًا إلى هضبة اللوس الصيني، والنمذجة المستمرة للمناخ في شرق آسيا، وتجميع بيانات مواقع الأنثروبولوجيا القديمة الشاملة، ومحاكاة موطن الإنسان العاقل التي تغطي آخر 280 ألف سنة.

ويتابع: يبدو أن الإنسان العاقل انتشر من البيئات المتدهورة في جنوب شرق أفريقيا إلى بيئات أكثر مثاليةً في آسيا.

من جهته، يعتقد "عبد الحميد أحمد" –أستاذ الجيومورفولوجي المساعد في جامعة المنصورة- أن تدهور الظروف المناخية قد أدى إلى انخفاض الغطاء النباتي، وانخفاض أعداد الثدييات وتوافُر الموارد والموائل، وتعزيز الضغوط الانتقائية.

يضيف "أحمد" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": ربما دفعت تلك الظروف الإنسان العاقل إلى التوسع خارج أفريقيا وإلى آسيا، ومن ناحية أخرى، فإن النباتات المورقة في شرق آسيا في ذلك الوقت كانت جاذبةً للاستيطان البشري.

اشترك للحصول على النشرة الإلكترونية المحدّثة كل أسبوعين لكي تبقى على اطلاع بكافة المستجدات على الموقع.