الماء كان مكونًا أساسيًّا للأرض خلال نشأتها الأولى
نشرت بتاريخ 17 يناير 2024
اعتمد الباحثون على تحليل التركيب الكيميائي لـ"النيازك الحديدية" التي تمثل مخازنَ غنيةً بالمعلومات حول الفترة الأولى من تاريخ النظام الشمسي
شادي عبد الحافظ
ما هو مصدر
الماء الأرضي؟ من أين جاء؟ وكيف كانت نشأته؟ لطالما أثارت تلك الأسئلة جدلًا كبيرًا
بين العلماء الذين حاولوا فهم البيئات القديمة التي تشكلت فيها الكواكب المصغرة.
وترى
النظرية الأكثر قبولًا بين العلماء أن الماء وصل إلى الأرض من الأطراف الخارجية
للمجموعة الشمسية مع المذنبات، بعدما اكتمل بناؤها قبل عدة مليارات من السنوات.
لكن
فريقًا بحثيًّا بقيادة جامعة "أريزونا" الأمريكية عارض تلك النظرية، وفق دراسة حديثة نشرتها
دورية "نيتشر أسترونومي" (Nature Astronomy).
يقول دامانفير جريوال، الأستاذ
المساعد في كلية استكشاف الأرض والفضاء بجامعة أريزونا الأمريكية، والمؤلف الأول
للدراسة: "ترى النظريات الحالية أن الوحدات البنائية للكواكب نشأت من مواد
جافة، وتم توصيل الماء لها خلال المراحل الأخيرة من تكوين الكوكب، لكن دراستنا تُظهر
أن الماء كان موجودًا منذ البداية في الوحدات البنائية للكواكب".
نشأة الأرض
قبل
4.56 مليارات سنة، كانت شمسنا نجمًا شابًّا، وكان نظامنا الشمسي الحالي مجرد قرص
من الغبار الصخري والغاز، وعلى مدى عشرات الملايين من السنين، تجمعت حصوات صغيرة
من الغبار، مثل كرة الثلج التي تتدحرج أكبر فأكبر، لتشكل "كويكبات
صغيرة" بحجم كيلومتر واحد، وهي اللبِنات الأساسية للأرض والكواكب الداخلية
الأخرى.
كانت هذه
الكواكب المصغرة اللبنات الأساسية التي تجمعت في حقبة تالية، ثم تكونت منها الأرض
والكواكب الداخلية الأخرى، ويمكن للعلماء رصد هذه الوحدات الأولية حاليًّا؛ إذ إن
النيازك الحديدية التي سقطت على الأرض تمثل بقايا نوى الكواكب المصغرة الأولى التي
تشكلت في النظام الشمسي.
يقول "جريوال"
في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": بتحليل التركيب الكيميائي لهذه
النيازك، عرفنا أنها احتوت على الماء في تلك الفترة الأولى من نشأة كوكبنا.
يضيف "جريوال":
فحصنا نسب عناصر الحديد والنحاس والنيكل في تلك النيازك، ما ساعدنا على تحديد كمية
"الحديد المؤكسد"، ونظرًا إلى أن الحديد لا يمكن أن يتأكسد إلا في وجود
الماء، فقد أثبت ذلك وجود الماء بشكل غير مباشر في وحدات البناء الأولى لكوكب
الأرض.
أولى جزيئات
الحياة
يشير رصد
الماء في تلك الفترة المبكرة جدًّا من تاريخ الأرض إلى إمكانية وجود مركبات عضوية
تحتوي على عناصر مثل الكربون والنيتروجين، التي تُعَدُّ أساسيةً لنشأة الحياة.
يعلق بول أسيمو -أستاذ
الجيولوجيا والكيمياء الجيولوجية في معهد كاليفورنيا للتقنية، والمشارك في
الدراسة- في البيان الصحفي الذي حصلت "نيتشر ميدل إيست" على نسخةٍ منه: تم
إهمال النيازك الحديدية إلى حدٍّ ما من قِبل مجتمع تكوين الكواكب، لكنها تمثل مخازنَ
غنيةً بالمعلومات حول الفترة الأولى من تاريخ النظام الشمسي.
ويضيف:
الفرق بين ما قمنا بقياسه في النيازك في النظام الشمسي الداخلي وما توقعناه يعني
وجود نشاط أكسجين أعلى بحوالي 10 آلاف مرة.
ويقول
"جريوال": يفتح ذلك الباب نحو بناء تصوُّر مختلف عن تاريخ كوكب الأرض
البعيد، فإذا كان الماء موجودًا في اللبنات الأولى لكوكبنا، فمن المحتمل أن تكون
العناصر المهمة الأخرى مثل الكربون والنيتروجين موجودةً أيضًا، وربما كانت مكونات
الحياة موجودةً في بذور الكواكب الصخرية منذ البداية.
تواصل معنا: