أخبار

حل لغز انقراض القرد العملاق

نشرت بتاريخ 20 يناير 2024

التغيرات البيئية والعجز عن التكيف وصعوبة الحصول على الفاكهة والزهور والمياه أهم عوامل انقراض قردة الـ"جيجانتوبيثيكس بلاكي"

شروق الأشقر

للطبيعة قوانين لا مزاح معها، فإما أن تتكيف مع متغيراتها أو تنقرض إلى الأبد
للطبيعة قوانين لا مزاح معها، فإما أن تتكيف مع متغيراتها أو تنقرض إلى الأبد
Artwork by Mark A. Garlick Enlarge image
منذ قرابة مليوني عام، عاشت قردة عملاقة عُرفت باسم "جيجانتوبيثيكس بلاكي" ((Gigantopithcus blacki، وبلغ طولها نحو ثلاثة أمتار ووزنها حوالي 250 كيلوجرام.

عُدَّت هذه القردة أضخم القردة العليا التي عاشت يومًا ما على الأرض، لكنها انقرضت تاركةً وراءها لغزًا كبيرًا حول سبب انقراضها.

وفي دراسة نشرتها دورية "نيتشر"، تضافرت جهود علماء من ثلاث قارات مختلفة (آسيا وأستراليا وأمريكا)، لتحديد سبب انقراض الـ"جيجانتوبيثيكس بلاكي" وتوقيته.

يقول ينجكي تشانج، الباحث في معهد علم الحفريات الفقارية وعلم الإنسان القديم في الأكاديمية الصينية للعلوم: طبقنا 6 تقنيات تأريخ مستقلة لكلٍّ من الحفريات والرواسب التي وُجدت في 22 كهفًا بجنوب الصين.

يضيف "تشانج" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": نتائج التأريخ من المصدرين –الحفريات والرواسب- قابلة للاختبار بشكل متبادل، مما يمكِّننا من بناء خط زمني قوي لانقراض هذا القرد بناءً على جميع النتائج ككل.

ولتحديد الأسباب المحتملة لانقراض هذه القردة، استخدم الباحثون مزيجًا من الحفريات المكتشَفة سابقًا (1999-2016) ورواسب الكهوف المكتشَفة حديثًا (2017-2020)، والتي ضمت حوالي 2000 من أسنانها وأربعة فكوك.

وتوفر الأسنان رؤيةً مذهلةً لسلوك الأنواع، مما يشير إلى الإجهاد وتنوُّع مصادر الغذاء والسلوكيات المتكررة، وفق "جوان بوياو" المشارك في الدراسة.

استهدف الباحثون تحديد التاريخ الدقيق لآخر ظهور لذلك القرد العملاق والعوامل البيئية والمناخية المحيطة به آنذاك وتحليل سلوكياته.

حلل الفريق البحثي حبوب اللقاح المتحفرة لمعرفة طبيعة الغذاء الذي كانت تلك القردة تتناوله، وحللوا النظائر المستقلة ودرجات التآكل الموجودة في مينا الأسنان الخاصة بـ"جيجانتوبيثيكس بلاكي" وحفريات إنسان الغاب لمعرفة درجات الحرارة ومدة المواسم والغذاء المتوافر حينها.

يقول "تشانج": للطبيعة قوانين لا مزاح معها، فإما أن تتكيف مع متغيراتها أو تنقرض إلى الأبد، لقد انقرض القرد العملاق في الفترة ما بين 295 ألف إلى 215 ألف سنة مضت؛ لأنه كان غير قادر على التكيف مع تفضيلاته وسلوكياته الغذائية، كما أنه كان عرضةً للتغيرات المناخية التي حددت مصيره.

ويضيف: منذ 2.3 مليون عام إلى 0.7 مليون سنة مضت، عاش "جيجانتوبيثيكس بلاكي" ومجموعته في بيئات مريحة للغاية في الغابات المظللة المغلقة التي ساعدته في الحصول بسهولة على نظامه الغذائي المفضل مثل الفاكهة والزهور على مدار العام، وكان هناك وصول منتظم للمياه.

أدت التغيرات المناخية إلى تراجُع النباتات الخشبية وتغيُّر مجتمعات نباتات الغابات، وانخفاض الطعام المفضل لدى "جيجانتوبيثيكس بلاكي"، ودفعته إلى الاعتماد على الأطعمة الاحتياطية التي تحتوي على ألياف والأقل تغذية.

وفي هذه الأثناء، أصبح حجم أجسام هذه القردة أكبر، ما اضطرها إلى تناوُل مزيد من الطعام للبقاء على قيد الحياة، ونتيجةً لذلك تعرضت هذه القردة لضغوط بيئية مزمنة أدت إلى انقراضها في النهاية.

يقول "تشانج": فشل أكبر قرد عاش على الإطلاق في مواجهة الانقراض، وحكمت البيئة المتغيرة والنظام الغذائي غير المرن على محاولات بقائه بالفشل، تاركًا درسًا يؤكد أهمية التكيُّف والتعامل مع متغيرات الأمور.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.26